العدد 13 - حتى باب الدار
 

نعيش الآن في العقد الثاني من أعمارنا برفقة الخلوي، ومع ذلك ما زال التلفون هو التلفون، وعندما تقول إنك "تلفنت" لشخص، فغالباً يكون الأمر متعلقاً بالتلفون الثابت، لأنه في حالة الخلوي فإنك تقول: اتصلت به أو "رنّيت له" على الخلوي.

يبقى ذلك صحيحاً حتى مع انتهاء عصر ندرة التلفون الثابت، حيث يجري الآن حث الناس على حيازة العدد الذي يريدون من الهواتف الثابتة، وبدلاً من دفع مبالغ إضافية كي يتم منح خط "مستعجل" كما كان الأمر فيما مضى، يجري الآن تقديم تسهيلات على الخط الإضافي، وربما يشهد المستقبل درجة أخرى من التنافس بعد تعدد الشركات التي تقدم خدمة الهاتف الثابت.

كان التلفون الثابت "يمد" مداً، فيقال: "مدينا" تلفون. وللحصول على خط كان عليك أن "تقدم" لتلفون، وفي الأوساط الفلاحية يكون اسمه "تقليطاً" حيث كان يقال: "قلّطنا لتلفون"، أما وصول الخدمة للمنزل فهو "تركيب" أو "سحب" تلفون، فيقال مثلاً: "سحبوا لنا خط" أو "سحبنا خط".

لا تنتهي أوجه وقار التلفون الثابت، فهناك العديد من المفاهيم والاستخدامات الدارجة التي تحمل دلالات كثيفة الوقار.. "طجيته تلفون" أو "معطته تلفون" وفي بعض الحالات "شلخته" و "طخيته" وهي استخدامات لا تستعمل في حالة الخلوي إلا على سبيل التشبه بالتلفون..

اللطع والرقع والتنطير

والتلفون الثابت جهاز مناسب أكثر لإبداء الغضب أو الرضى من المتحدث على الطرف الآخر.. "رقعت السماعة بوجهة". "رقعته عالخط". "نطّرته عالخط". "لطعته عالخط". فيما الوضع عند الطرف الآخر يتخذ شكل تساؤلات مقابلة: "ترقع السماعة بوجهي؟".. "ترقعني عالخط؟". "تنطرني عالخط؟". "تلطعني عالخط؟".

لا أحد يرقع الخلوي بوجه المتحدث على الطرف الآخر، فالخلوي من جهة لا يحتمل "الرقع"، ثم إن الرقع حتى لو حصل فإن المتضرر هو صاحب الخلوي "المرقوع" نفسه، بينما الطرف الآخر قد لا يشعر أبداً بحادثة "الرقع"، وذلك متعلق باختلاف تركيب الجهاز في الحالتين، فالهاتف الثابت يوفر إمكانية الرقع، لأنه يتكون من قطعتين: السماعة وجسم الهاتف، ويجري رقع السماعة فوق جسم الهاتف كرسالة اتصالية غاضبة للطرف الآخر، لكن الأثر عند الطرف الآخر يكون على "الوجه" وهي الوضعية التي تعتبر معادلة لوضعية "رقع الباب بالوجه" وهي وضعية إهانة شهيرة.

في حالة الخلوي، فان إيقاف المكالمة يجري عن طريق كبسة خفيفة على زر الجهاز الصغير، ومهما حاولت أن تضغط بقوة بإصبعك، فإن الكبسة تبقى ناعمة لا يشعر بها الآخر. وفي بعض الحالات يصدر عن الخلوي صوت خفيف يسمعه صاحبه على شكل طنين يحقق غيظاً عند صاحبه دون أن يؤثر على المستمع في الطرف الآخر. وبالطبع فإنك لو "رقعت" الخلوي نفسه فستكون أنت الخاسر الوحيد، بينما لن يتأثر الطرف الآخر.

أما "التنطير" و "اللطع" فهو سلوك غير محبذ إطلاقاً في الاتصال عبر الخلوي، لأنه يكون على نفقة "المنطِّر" أو "اللاطع" إذا كان هو المتصل، أما إذا كان "المنَطّر" أو "الملطوع" هو من يقوم بالاتصال فإنه لن يسمح بالتنطير أو اللطع، ولغاية الآن لم ينخفض سعر الاتصال عبر الخلوي للدرجة التي تسمح بالتنطير والرقع واللطع عليه، والأمر مفتوح على احتمالات أخرى في المستقبل مع الميل المتواصل لأسعار الاتصال عبر الخلوي إلى الانخفاض، وهكذا قد يكون لتطور الاتصالات في المستقبل دور في استعادة عمليات التنطير والرقع واللطع على الخط.

هل انتهى عصر “اللطع” على التلفون؟
 
14-Feb-2008
 
العدد 13