العدد 13 - أردني | ||||||||||||||
السّجل - خاص ما زال الاعتداء على الزميل جميل النمري يتفاعل بعد أسبوعين من وقوعه مع توقيف ثلاثة أظنّاء أكدّوا في محاضر الشرطة أنهم تصرّفوا دون تحريض بخلاف تسريبات تفيد بوقوف شخصية متنفذة وراء الاعتداء. مع أن الأظناء اعترفوا أمام الشرطة بارتكاب الاعتداء، بحسب التصريحات الرسمية، فإنهم عادوا وأنكروا التهمة لدى مثولهم أمام المدعي العام حسن العبد اللات الذي قرر توقيفهم على خلفية القضية لمدة 15 يوماً في مركز إصلاح وتأهيل الجويدة. وأسند العبد اللات للمشتكى عليهم ثلاث تهم: «الإيذاء» للشخص الذي نفذ الاعتداء على النمري، و«التدخل بالإيذاء» لاثنين كانا ينتظران المعتدي في السيارة. جنحة الإيذاء، تحتمل عقوبة بين ثلاثة أشهر وسنتين. أما الإيذاء التشويهي فيرتقي الى مستوى الجناية بعقوبة من ثلاث سنين الى عشر سنوات بحسب المحامي خالد خليفات، علماً بأن تقرير الطب الشرعي يحدد نوعية الجرح، وبالتالي تصنيف الشكوى أو التهمة إما جنحة أو جناية. وفي حال إسقاط الحق الشخصي تنخفض العقوبة الى النصف. في التحقيقات الأولية «نفى المعتقلون، بشكل قاطع، أن يكون لأي كان يد في الاعتداء من قريب أو بعيد»، مؤكدين أنهم «تصّرفوا من تلقاء أنفسهم». إلا أن ذلك لم يمنع الوسطين الصحفي والنيابي من إثارة تساؤلات حول الدافع الحقيقي وراء استهدف صحفي لا يعرف المعتدين أو سبق أن تعامل معهم. يحّرك الاعتداء تداعيات رواسب سلبية لدى الجسم الإعلامي، بيد أن الاتصال الهاتفي الذي تلقاه النمري من الملك الذي أكد أنّ أمن وحرية الصحفيين «خط أحمر» أعاد الارتياح إلى الإعلاميين بعد أن رأوا في استهدف النمري «إرهاباً فكرياً على يد بلطجية لإرهاب هذا الكاتب وإسكاته»، وفق عضو مجلس نقابة الصحفيين ماجد توبه. سرت معلومات أولية تربط بين استهداف كاتب صحيفة «الغـد» وبين مشادة وقعت بينه وبين وزير سابق ونائب. المتهم ب«شرط» النمري ينتمي إلى عشيرة النائب نفسها. يرفض النائب حتى التعليق على هذه القضية معتبراً أنها لا تخصّه بينما ينقل مقربون منه أنه «لم يحرض» أياً كان على استهداف النمري. كان النمري تعرض للاعتداء في 25 كانون الثاني (يناير) الماضي أثناء تواجده في منزله بمنطقة الجاردنز، ما أدى لإصابته بجرح في وجهه بعد أن حاول المعتدي إصابته بأداة حادة (مشرط). الحادثة بحد ذاتها، سواء وقعت بفعل محرض أو جاءت انتصاراً «لابن عشيرة»، تعطي مؤشراً خطيراً يستحق التوقف عنده إذا ما استمرت، فالصحفيون والكُتّاب يتخوفون مستقبلاً من تعرضهم للتهديد إذا مارسوا نقداً لتصرفات مسؤول أو نائب، وبات النقد أو الخلاف في الرأي يعالج وفق منطق العشيرة والجهوية وليس وفق منطق العقل والمحاججة، بحسب صحفيين. ويعتبر الكاتب الصحفي، إبراهيم الغرايبة، ما حدث نوعاً من الإرهاب، قائلاً: «حادثة الإرهاب هو عندما تتشكل في المجتمع عصابات من الناس تعمد إلى إرهاب المواطنين وإسكاتهم وتهديدهم، فذلك يهز الثقة بالدولة وسلطة القانون ونظام الثقة العام والذي تقوم عليه مصالح الناس وأعمالهم جميعها». ويؤيد عضو مجلس نقابة الصحفيين ماجد توبة ما ذهب إليه الغرايبة، ويطالب بضرورة تكييف قضية النمري ضمن «قضايا الإرهاب الفكري وليس التعامل معها كقضية عادية تنتهي بفنجان قهوة تتدخل فيها الأعراف العشائرية والجاهات والعطوات». ويشير إلى أن الاعتداء على النمري واعتداءات سابقة على صحفيين آخرين يؤشر إلى أن «أفعى الجهوية والتعصبية أطلت برأسها في وجه الصحفيين لتشكل لهم حاجز رعب يضاف إلى الحواجز الأخرى التي تشكّلت على مر السنين». وقد وصف النائب الإسلامي عزام الهنيدي المعتدين «بخفافيش الظلام»، الذين يريدون كبح الحريات. وتؤيد نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام ومركز حرية وحماية الصحفيين أهمية «وضع النقاط على الحروف في قضية الاعتداء الأخير وعدم إنهائها أو السكوت عنها أو تمريرها باحتسابها قضية فردية، ومتابعة التحقيق فيها إلى نهايته للوقوف على الأسباب التي أدت لارتكابها ومن يقف وراء الفاعلين، وإن كانوا مدعومين من جهات أو أشخاص». ما حدث للنمري وقبله للزملاء ناهض حتر، ويوسف غيشان وخالد الكساسبة، وأسامة الراميني، وآخرين، يشكّل اعتداء على جميع الصحفيين والكتاب، وتهديداً لمراكزهم وعائلاتهم وممتلكاتهم، حسبما يجمع عليه الصحفيون. |
|
|||||||||||||