العدد 13 - اقليمي
 

سعى معايعة

لأول مرة منذ أشهر، شنّ الأردن هجوماً إعلامياً على حكومة حركة حماس المقالة بعد استيلائها على قافلة المساعدات الإنسانية الأردنية المتجهة إلى قطاع غزة ، في وقت تواجه فيه حماس حصاراً إسرائيلياً، وعزلة دولية بعد بسط نفوذها بالقوة في الصيف الماضي.

ويرى محللون سياسيون، إن حركة حماس تحاول أن تفرض على الأردن التعامل معها كجهة شرعية تكراراً للتجربة مع مصر عندما اخترق غزيون رفح في الشهر الماضي، أو إنها مجرد تعبير عن امتعاضها بسبب المساعدات الإنسانية التي تعتبر إنها لا تصل إلى مستحقيها في قطاع يعاني حوالي 70بالمئة من أبنائه 1،5 مليون من فقر و 60بالمئة من البطالة. ويقول كاتب العامود اليومي في صحيفة العرب اليوم فهد الخيطان «إن حركة حماس سعت من خلال قضية المساعدات الإنسانية أن تفرض على الأردن التعامل معها كسلطة شرعية كما فعلت مع مصر في قضية المعابر الحدودية».

وكانت حماس استولت الأسبوع الماضي على 16 شاحنة محملة بمساعدات أردنية وكويتية قادتها إلى مخازن وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومتها المقالة، في خطوة اعتبرها الأردن تعدياً على سيادته.

ويقول المحلل المستقل معين الرباني «إن حماس تابعت هذا العام وصول مساعدات أميركية وأوروبية منتقاة وموجهة إلى السلطة الفلسطينية في حين لا يصل إلى جماعة حماس أي من هذه المساعدات. فقد خلق هذا شعوراً لدى البعض في الحركة بأنهم يجب أن يكونوا مسؤولين مباشرة عن عملية التوزيع وخاصة في غزة» .

ولكن في الوقت ذاته، أشار المحلل المتخصص في الشأن الفلسطيني "إن حماس قد تكون توجه رسائل أكبر للجهات التي تقاطعها في أعقاب اختراق رفح وهي أنه لا يمكن التعامل مع غزة من دون الرجوع إلى حماس».

وحملت الصحف المحلية في الأيام الماضية تحليلات ومقالات تدين حماس على خلفية قضية المساعدات. وكتبت صحيفة الغد على صفحتها الأولى السبت الماضي إن حركة حماس «تدفع نفسها نحو المزيد من العزلة لأن الشحنة الأردنية لن تنقذها من الحصار السياسي الذي أوقعت نفسها فيه بفعل التطرف والانقلاب والحسم العسكري».

ووصف غازي السعدي، مدير مركز الجليل للدراسات، إن "ما فعلته حماس هو استهتار في السلطة. فالحركة تريد أن تثبت إنها هي المدير في قطاع غزة».

ومنذ اندلاع الانتفاضة عام 2000 أرسل الأردن 235 قافلة مساعدات إنسانية إلى الضفة الفلسطينية وقطاع غزة بقيمة 56،500 مليون دينار حتى الأسبوع الأول من الشهر الحالي، ولكن حماس تقول بأن عموم المواطنين الفلسطينيين لا يستفيدون منها.

ودعت جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لحركة الإخوان المسلمين، التي تتعاطف مع ايديولوجية حماس الأردن الى الابتعاد عن ما وصفته «بتسييس قضية المساعدات».

وقال رحيل غرايبة، نائب الأمين عام جبهة العمل الإسلامي، والتي خسرت حوالي ثلثي مقاعدها في تشرين الماضي في مجلس النواب، "سواء اعترفنا أم لا، فقطاع غزة الآن في قبضة حماس، التي تمثل الأغلبية الساحقة. وحركة حماس هي الجهة التي تدير وتسيطر على قطاع غزة. فالأمر لا يحتاج إلى هذا النوع من الغضب ولا يمثل اعتداء على السيادة الأردنية.

الأهم برأيه "أن يبتعد الأردن وغيره من الدول عن التسييس وعن الخلافات السياسية حتى يظل هناك خيط إنساني ممتد لهؤلاء الذين لا يجدون أي متنفس على الإطلاق في ظل الحصار الإسرائيلي المحكوم».

وقال "إذا وجدنا أن هناك جهة باستطاعتها أن توصل المساعدات بطريقة عادلة وصحيحة للأغلبية وليس لعناصر منتقاة يكون هذا أفضل.»

ويعاني قطاع غزة والذي يعتمد 80بالمئة من أبنائه على نوع من المساعدات من نقص حاد في الوقود. ويشير تقرير صادر عن مؤسسة إنقاذ الطفل الى إن 40بالمئة من الأطفال يعانون من حالة من الأرق. كما ارتفعت حالات فقر الدم بسبب نقص المواد الغذائية حيث يعاني 70بالمئة من الأطفال الرضع عمر تسعة أشهر من هذه الحالة.

وفي السنوات القليلة الماضية، شهدت العلاقات بين الأردن وحركة حماس، قطيعة عندما كشف الأردن في نيسان العام 2006 عن أسلحة في حيازة مجموعة أفراد من حماس في الأردن، وكذلك لرفض القوة التنفيذية في حماس تسليم شخصين اطلقا النار على سائق السفير الأردني في فلسطين والذي توفي جراء الحادثة.

وقال نائب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية، فارس بريزات، "استيلاء حركة حماس على المعونات الأردنية المرسلة لسكان القطاع لم تساعد من يحاول من الجانبين ترطيب الأجواء" وأكد أن العلاقة مع حماس غير ممكنة بشكل ودي ومتكامل نظراً لإختلاف الرؤى والسياسات للمنطقة بين الأردن وحركة حماس.

وتمتع الأردن وحماس بعلاقات قوية قبل ابرام عمان وتل أبيب معاهدة السلام عام 1994 ولكنها أصبحت في حالة من الخصوم عندما أبعد الأردن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة العام 1999.

ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك محمد المومني "إن حركة حماس تريد أن تقفز على تفاهمات السلطة الوطنية مع الدول المجاورة. السبب ليس سوء العلاقات بين حماس والأردن بل هو محاولة عزل أو تحجيم دور السلطة الوطنية.

ويوضح "حماس تعلم أن الأردن في الوقت الحاضر لن يفتح الحوار معها.

حماس تسعى لتكرار تجربة رفح مع الاردن
 
14-Feb-2008
 
العدد 13