العدد 13 - ثقافي | ||||||||||||||
حكمت النوايسة يثيرني، ولا يثيرني، ما جاء في مقالة للناقد المعروف صبحي حديدي حول الكتابة في الأردن، والكتابة النسوية على الخصوص؛ إذ يثيرني أنّه يكتشف وفق المعيار الكمي حجم مساهمة المرأة في الكتابة في الأردن، وإن كان لا يغفل الجانب الإبداعي في هذه الكتابة، يثيرني اكتشاف ناقد مطّلع على الأدب في الأردن، وليس ناقدا لا يعرف شيئا عن الأدب في الأردن، وهذه الإثارة من جهة التساؤل الذي يشاركني فيه الزملاء والزميلات كتاب القصّة في الأردن: أين حضورنا في المشهد العربي؟ وما حجم هذا الحضور؟ وعلى من تقع مسؤولية ضعف الحضور الذي لا يناسب بأي شكل من الأشكال قيمة المنجز الإبداعي وكميّته ؟ ولكي لا يكون الكلام إنشائيًا، فإنني أشير مرة أخرى إلى أن في الأردن ستين قاصّة، وأن من بينهن عدد يستحق أن يكون في طليعة من يتصدى لهذا الجنس الأدبي، سواء أكان ذلك في تحرر الكتابة من الشروط الاجتماعية الصعبة، أم في انفتاح القصّة على الزمن الحداثي ومعطياته التقنية، أم في الوعي الكتابي، وهاجس الكتابة الحقيقي الكامن وراء كثير من التجارب القصصية في الأردن، ولنا في تجارب رجاء أبو غزالة، وهند أبو الشعر، وبسمة النسور وجميلة عمايرة، ورفقة دودين، و أميمة الناصر، و حنان شرايخة، و علا عبيد، وسناء شعلان، ومنال حمدي، وغيرهن – والكتابة من الذاكرة – لنا فيهن ما نتبجّح به. أما في الرواية، فإن في الأردن روائيّات مخلصات لهذا الفن العظيم، لم يخدعهنّ ما يُبهرج به الإنتاج الروائي لكي يأخذ مكانة في المتابعات الإعلاميّة المظلّلة، يكتبن الرواية مخلصات للفن الروائي، ولهاجس الكتابة ووعيها، ولعلّ في تجربة سميحة خريس، وزهرة عمر، و ليلى الأطرش، وغصون رحال، وفيروز التميمي، ما يملأ النفس ويكفيها مشقّة البحث عن أدلّة . وفي الشعر يكون الحديث ممتلئا بأسماء ونتاجات تشكّل أكثر من علامة سؤال ودهشة، ففي الأردن الشاعرات الكلاسيكيّات اللواتي وعين عمود الشعر العربي وشروطه، ولنا في شهلا الكيالي ومريم الصيفي أمثلة دالّة، ونبيلة الخطيب، وفيه الشاعرات الحداثيات اللواتي كنَّ أكثر جرأة في فتح آفاق جديدة في الكتابة والوعي وسبقن الرجال في ذلك، وفي تجارب زليخة أبو ريشة، ومي صايغ، وجميلة العجوري و مها العتوم و عطاف جانم، و رانه نزّال ونوال العلي ما يدلل على ذلك. وفي النقد تبرز أسماء لا تقل قدرة وعطاء عن الأسماء التي خدمتها الأقدميّة في إيصال صوتها إلى أنحاء الوطن العربي كافة، ونذكر هنا رفقة دودين، و أماني سليمان، وحفيظة أحمد، وخولة شخاترة، وسناء شعلان... وإذا نسيت أسماء فإنني أكتب مغتاضا لا باحثًا، ذلك أن في النفس أشياء وأشياء عن الواقع الأدبي ورعايته في الأردن؛ ذلك أنّنا كلّما حقّقنا إنجازا توشوش المتوشوشون لإخفائه أو السير به للإخفاق، والمتوشوشون ثلّة نعرفهم كما نعرف أنفسنا، هم غالبا من المرضى الذين لا يسمعون إلا أصوات أنفسهم الأمّارات بالتدمير، و السير وفق نظرية الأرض المحروقة: « جئت ولم يأت أحد بعدي! قد نختلف أو نتفق مع كثيرين حول الأهمية الإبداعية لبعض الأسماء التي ذكرتها، ولبعض الأسماء التي لم أذكرها، وما ذكرت أمثلة وليست حصرا، ولكنّ المهمَّ أنَّ كلَّ هذا الإبداع والحضور الثقافي للمرأة الأردنية يعكس شيئا للراصد الثقافي والاجتماعي، فهذه الأمثلة قد أثبتت حضورها بفعلها لا بفعل وسائل أخرى كالبحث عن صوت نسائي للبلد وما أشبه ذلك ؛ فالمؤسسات الثقافية عندنا ليس لديها استراتيجيات مدروسة للتسويق الإعلامي السياسي الذي تُعورف عليه في الأقطار الشقيقة وكان يخفي أصواتا ويظهر أخرى حسب القرب من السلطة، وإنّما كان الأمر في الأردن يقع على عاتق المبدع نفسه، فمنهم ومنهن من نجح في تسويق إبداعه وإخراجه من الدائرة المحلية، ومنهم من لم يستطع ذلك، وهنا قضيّة قديمة جديدة نثيرها ونستفزّ بها مؤسساتنا الداعمة للثقافة والراعية لها، كيف نسوّق ونساهم في تسويق المبدع الأردني لكي لا يظل نتاجه وثمرة فكره وجهده في إطار الأصدقاء والمقربين؟ |
|
|||||||||||||