العدد 13 - علوم وتكنولوجيا
 

رائد عواد

تتعرض الساحة الالكترونية في الأردن، لهجمات الفيروسات التي تتزايد عاماً بعد عام، أسوة بغيرها من الساحات.

وصل إجمالي خسائر البرمجيات في العالم خلال عام واحد إلى أكثر من 50 مليار دولار وفق شركة ايكونوميكس. تكبد الاردن منها، بحسب خبراء، خسائر تقدر بملايين الدولارات، رغم عدم وجود أرقام رسمية ترصد تأثيرات هذه الظاهرة.

تكشف شركة «ايكونوميكس اوف كارلسباد» المتخصصة في دراسات الحاسوب أن إجمالي خسائر البرمجيات من فيروس الحاسوب (سيركام) أحدث خسائر لوحده قدرت بـ 1.035 مليار دولار منها 460 مليون دولار قيمة الإنتاجية المهدورة. فيما أحدث فيروس (كود ريد) والذي أصاب أكثر من مليون جهاز في العالم خسائر وصلت إلى 12 مليار دولار، فضلاً عن أكثر من مليار ونصف المليار دولار تكاليف تنظيم وتنظيف نظم التشغيل المختلفة، وأكثر من مليار ونصف آخرى هي تكاليف الإنتاجية المهدورة.

بروفيسور المعلوماتية في جامعة الأميرة سمية وليد سلامة يشرح أن الفيروسات تسبب "إرهاقاً" للقطاع الأكاديمي ما يدفع إدارات العديد من الجامعات الأكاديمية لصرف مبالغ طائلة لحماية نشاطها الالكتروني وبرمجياتها الملحقة بها.

ويؤكد سلامة "عدم وجود دراسات رسمية أو خاصة تحدد حجم خسائر القطاع الأكاديمي في المملكة لكنه يشير إلى دراسات فردية تقدر حجمها بالملايين".

تجربة جامعة الأميرة سميّة في تصديها لهجوم الفيروسات تمثلت في اتخاذ عدة "إجراءات احترازية" ساهمت في التقليل من حجم الخسائر، وأبقت على بيانات الجامعة الأساسية". لكن سلامة لا يغفل "وجود ثغرات برمجية تمكنت من خلالها بعض الفيروسات في إضاعة أو تخريب بعض قواعد البيانات الأساسية، الأمر الذي أدى إلى استنزاف "الجهد والوقت"، فضلاً عن "التراجع الوقتي المهدور" في عمل مؤسسات النظام الالكتروني في الجامعة".

تعمل الفيروسات على تعطيل عمل الحاسوب ومحاولة تخريب أو تدمير ملفات نظام التشغيل وبرامجه عبر أشكال وأنواع عديدة تعمل وفق ميكانيكية خاصة، كإرسال فيروسات على سبيل المثال لخلق رسائل مزعجة spam في أوقات متفرقة، فضلاً عن وجود أنواع أخرى قد تعمل على تشغيل برامج غير مطلوبة، وليس انتهاء بتدمير معالج الحاسوب وإبطاء سرعته وفعاليته.

على أن هناك أسباباً أخرى ساعدت كذلك، وفقاً لسلامة، في زيادة انتشار فيروسات الحاسوب في الأردن والعالم كان من بينها "سهولة كتابة وإنشاء هذه البرامج، وصلت إلى حد وجود "كتب متخصصة" في تصميم بعض الفيروسات. ليتمكن قراصنة الحاسوب المحترفون من استعمالها بحرفية متناهية في إحداث "إرباك أو خراب" في شبكات الحاسوب وأنظمتها".

ويؤكد سلامة على أهمية" ايجاد قوانين صد الفيروسات وأنظمة صدها وحماية قواعد بيانات القطاعات المختلفة من قبيل قوانين الملكية الفردية وتشريعات خاصة ضد المتاجرين بالعالم الرقمي"، ويوصى "بإيجاد "بوابات" gateways أو "خوادم المنع" للتقليل من هجمات الفيروسات على المؤسسات الأكاديمية والمصرفية، بيد أنه شدد كذلك على أن يكون استخدام الأخيرة "مقنناً" وفق قوالب معينة حتى لا تحجب بعض المعلومات المفيدة من مواقع عديدة".

وأشار سلامة إلى أن الأردن يتميز بنخبة من الطلبة في مجال تقنيات وبرمجيات الحاسوب، إلا أنها لم تصل إلى حد خلق أو صناعة فيروسات من شأنها أن تؤثر على عمل الحواسيب في الأردن خصوصاً، أو في العالم العربي والدولي عموماً. وأكد أن معظم الفيروسات التي تتعرض لها قطاعات الأعمال والأكاديمية والبنوك غالباًُ ما تكون "مستضافة" من الخارج.

يتفق المبرمج المتخصص في تطوير برمجيات الحاسوب جاد ماضي مع سلامة في عدم وجود إحصاءات رسمية لخسائر الأردن من هجمات الفيروسات في الأردن. ويزيد بأن "الأردن بحكم موقعه الجغرافي ونشاطه الاستثماري معرض كغيره من هجمات الفيروسات لا سيما في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والحاسوب".

يرجع ماضي عدم وجود دراسات دقيقة حول حجم خسائر الفيروسات في الأردن "لانتشار النسخ المزورة للعديد من برمجيات نظم التشغيل وملحقاتها المستخدمة في حواسيب الأفراد بعكس ما هو معمول به في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية".

ويؤكد ماضي خلال لقاءاته مع مسؤولين حكوميين ومختصين في مجال نشر الحاسوب في الجامعات والمدارس "أهمية استخدام نظام التشغيل "لينكس" لكونه برمجية فاعلة في صد وشل حركة الفيروسات المستمرة بعكس نظم التشغيل الأخرى كوندوز وغيره".

نظام التشغيل "لينكس" ذو المصدر المفتوح open source يعمل على تخريب الفيروسات الملحقة بأي ملف أو مجلد داخل جهاز الحاسوب. ويوصي في الوقت نفسه أن تعمد شركات الأعمال المصرفية والأكاديمية لاستخدام برمجيات ذات مصدر مفتوح للتقليل قدر الإمكان من خسائر الفيروسات. يجمل ماضي رأيه في النظام

يجادل عضو وحدة التحليل والاستثمار في البنك الأهلي طلال طوقان "بأهمية استغلال موارد الأردن البشرية على صعيد نظم المعلومات والحاسوب في توفير بيئية استثمارية جيدة تسهم في خلق إبداعات جادة في مجال محاربة الفيروسات وإيجاد "قيادات كفؤة من أجل بيئة حاسوبية نظيفة".

إلا أن طوقان ألمح أن تأثير فعل الفيروسات في الأردن لم يصل إلى مستوى مقلق نظراً لصغر حجم سوق الأردن الفعلي في هذا المجال من جهة، ,وإقدام العديد من المؤسسات البنكية والمصرفية على "إجراءات احترازية" بعشرات الآلاف من الدولارات من جهة أخرى، وهو ما ساهم في التقليل من حجم الخسائر، لكنه من دون شك وفقاً لطوقان ستتسبب هجمات الفيروسات في إحداث خسائر مالية كبيرة واستنزاف للجهد والوقت.

وأشار إلى "استخدام كثير من المؤسسات البنكية والمصرفية لبرمجيات متطورة ذات مصدر مفتوح وبأسعار تفوق آلاف الدولارات يجري تطويرها عاماً بعد آخر من أجل حماية قواعد بيانات البنك الخاصة، لكنه لم يغفل أهمية وجود "backups" دائمة لمعظم قواعد البيانات تحسباً لأي طارئ لصعوبة تنبؤ الإصابة بهجمات الفيروسات في أي حين".

كما شدد طوقان على "ايجاد وجود قوانين وأنظمة خاصة تقيد حركة النظام الرقمي في الأردن لا سيما مع توجه الحكومة نحو التوسع في خدمات "التجارة الالكترونية خلال السنوات المقبلة" وهو الذي لا بد أن يدفع بصانعي القرار الالكتروني في البلاد إلى "إيجاد بيئة استثمارية رقمية صلبة" منعاً لحدوث خسائر ما لا تحمد عقباها لا سيما في الأردن نظراً لصغر حجم سوقه مقارنة مع غيره من جيرانه وأقرانه".

خبراء ينصحون بتعميم نظام “لينكس” لمواجهة خطرها ..“فيروسات مستضافة” تهاجم الكمبيوترات الأردنية
 
14-Feb-2008
 
العدد 13