العدد 13 - احتباس حراري
 

أعدت منظمة أصدقاء الأرض في الشرق الأوسط وهي منظمة إقليمية تضم باحثين من عدة دول دراسة في نهاية العام 2007 وقدمتها في مؤتمر الأطراف للإتفاقية الدولية للتغير المناخي والذي إنعقد في بالي وركز التقرير على تأثيرات التغير المناخي على الشرق الأوسط. أشار التقرير إلى أن التغير المناخي بات يشكل نوعا من التهديد الأمني الجديد للمنطقة وأن الآثار البيئية المتعلقة بالاحتباس الحراري ربما تتحول في نهاية الأمر إلى مواجهات سياسية وعسكرية في صراع على الموارد النادرة. وقد اشار التقرير إلى أن أهم تأثيرات التغير المناخي في المنطقة ستكون تراجع الهطول المطري والإنتاجية الزراعية، وبالتالي زيادة المشاكل المتعلقة بندرة الموارد المائية. وقام معدو التقرير بجمع مجموعة من الدراسات السابقة كي يتم استخلاص الآثار المتوقعة للتغير المناخي على المنطقة ومنها تراجع بحوالي 20بالمئة من نسبة سقوط الأمطار على المنطقة في نهاية القرن الحالي وتراجع في تدفق المياه السطحية وإعادة تخزين المياه الجوفية يؤدي إلى تراجع في إمدادات المياه بنسبة 10بالمئة وحدوث المزيد من حالات المناخ المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات. وبالإضافة إلى ذلك اشار التقرير إلى حدوث إرتفاعات في منسوب مياه البحر وخاصة البحر الأبيض المتوسط وبإرتفاعات تصل إلى 30 سم مما يهدد الكثير من المناطق الساحلية بالغرق وخاصة في دلتا النيل كما أن الأنظمة البيئية المتوسطية سوف تنتقل نحو الشمال بمسافة 500 كم وهذا ما سيجعل الأنظمة البيئية في العالم العربي أكثر جفافاً، وأخيراً توقع التقرير زيادة في نسبة الأمراض المنقولة من خلال الآفات والكائنات الناقلة المعدية.

وأوصت الدراسة بضرورة تطوير حلول واستجابات دبلوماسية بين الدول المختلفة لمواجهة هذه الآثار التي ستكون اشد تدميرا في حال بقيت الخلافات والنزاعات السياسية والعسكرية سائدة في المنطقة.

**

بعض التجارب الأوروبية في مواجهة الاحتباس الحراري

تعتبر ألمانيا في مقدمة الدول الصناعية التي بدأت منذ العام 1996 بانتهاج سياسة طاقة جديدة من خلال إعادة تشكيل قطاع الطاقة فيها نحو المزيد من الاعتماد على الطاقة المتجددة وتطوير تشريعات اقتصادية وبيئية جديدة لدعم التوجه نحو سياسات طاقة مستدامة وتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ومما ساهم في هذا التحول دخول حزب الخضر إلى الحكومة الألمانية عام 1996، وبالتالي لعب دور كبير في إحداث التغيير التشريعي والسياسي البطئ نحو سياسة طاقة مستدامة. ووضعت ألمانيا هدفا رئيسيا لها هو تقليص انبعاثات الكربون بنسبة 25بالمئة- وهي النسبة المطلوبة منها في بروتوكول كيوتو- بحلول العام 2005. وفي نهاية العام المذكور حققت النسبة الكبرى من هذا الهدف. والمهم في التجربة الألمانية أنها ساهمت، ومن خلال الدراسات الموثقة في توفير فرص عمل جديدة في قطاعات الطاقة المتجددة تصل إلى 200 ألف فرصة عمل حتى العام 2020 وإن كانت السياسات الجديدة قد تسببت في فقدان فرص عمل في قطاعات الطاقة الأحفورية. كما أصبحت شركات الطاقة الألمانية في طليعة الشركات العالمية التي تمكنت من تطوير تقنيات الطاقة المتجددة. وعلى الصعيد التشريعي قامت ألمانيا بتطوير قوانين لدعم الطاقة المتجددة وتوفير حوافز لمنتجيها ومستهلكيها ووضع ضرائب تصاعدية على الوقود والطاقة الكربونية تستخدم عوائدها للرعاية الاجتماعية والصحية لكبار السن لضمان القبول الاجتماعي لها. إضافة إلى ذلك قررت ألمانيا إنهاء خدمات المفاعلات النووية فيها في العـام 2025 والاستعاضة عنها بمصادر الطاقة المتجــددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحية.

أما ايسلندا، الدولة الاسكندنافية الصغيرة فلديها طموح أكبر يتلخص في أن تصبح البلد الأول في العالم الذي يتحول إلى طاقة الهيدروجين، وتتوقع أن تستغني عن النفط والفحم بحلول العام 2030. ويشكل النفط المستورد حاليا 38بالمئة من استعمال الطاقة في البلاد، ولكن التركيز الأكبر حاليا هو على تقنيات خلايا الوقود الهيدروجيني وخاصة في قطاع النقل. وتتم في أيسلندا تدفئة 90بالمئة من مباني البلاد وكل مباني العاصمة بالطاقة الجيو –حرارية بينما توفر الكهرباء المائية 20بالمئة من الطاقة.

منظمة أصدقاء الأرض: التغير المناخي مشكلة أمنية في الشرق الأوسط
 
14-Feb-2008
 
العدد 13