العدد 13 - زووم
 

خالد ابو الخير

معجونون بالتعب والكدح والبرد، يتهافتون على محطات الوقود سعيا وراء ما تيسر من «كاز»، يتقون به زمهرير الشتاء وارتفاع أسعار وشيك الوقوع عصر الخميس الماضي، والطابور يمتد كيفما اتفق، إلى الصنبور أو المدى.

أي مدى..؟ .

تستوقفك وجوههم: كئيبة، حزينة، مستنزفة كآخر ما تبقى في قنديل زيت. كآخر ما تبقى في جيوبهم المثقوبة بالضرائب، وفواتير وأقساط متأخرة، وديون قديمة لبقال وبائع خضار على "بيكب" جوال، ما انفك ينده في حواريهم. فيعود صدى فيروز: "لا تندهي.. ما في حدا".

تفوح روائح التعب من أجسادهم التي ترتعد من برد، تلك التي يعجز "بيير كاردان" و"شانيل" ، عن حجزها في قارورة ، مثلما يعجز أي مغن عن تضمينها بحة ناي.

يمتد الطابور.. ويتقوس ظهر برومثيوس حاملا "نار الآلهة"، ، في المدارج الأولى لعتمة وزمهرير وضجيج همهمات تذرع مرتعدة مبتدأ الوحل وذرى الملهاة.

يتقوس أكثر في اللهب الكليل وليس في لهب الهياكل، لعائلة تتدفأ على بقايا خشب البناء، فيما يصطف أفرادها، وفرشة الأسفنج، وأحذية عتيقة ومثقوبة، و"كراكيب متنوعة"، ، وسجادة بالية ومكنسة تصادف أنها حمراء.. كأنها في طابور آخر.

نار “برومثيوس” تنحسر عن بيوت الفقراء..
 
14-Feb-2008
 
العدد 13