العدد 2 - اقتصادي
 

الخليل- تواجه مئات المحال والمصالح التجارية في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية إغلاقا قسرياً بموجب سلسلة من الأوامر العسكرية التي أصدرتها سلطات الاحتلال لتأمين الوجود الاحتلالي في المدينة، وتنفيذ المخطط التوسعي الرامي إلى تهويدها.

وتتالت تلك الإجراءات منذ المجزرة المروعة التي ارتكبها المتطرف "باروخ غولدشتاين" في الحرم الإبراهيمي الشريف قبل نحو ثلاثة عشر عاماً (شباط 1994)، في البلدة القديمة، خصوصاً المنطقة الممتدة من مركز المدينة "باب الزاوية" مروراً بشارعي "الشهداء" و"الشلاله" وصولاً الى الحرم الإبراهيمي.

وتوصد مئات المحال والمصالح التجارية أبوابها، فيما تشهد الحركة التجارية شللاً شبه تام، حيث كبد إغلاق هذه المتاجر اقتصاد المدينة خسائر مالية فادحة تقدر بملايين الدولارات.

وقال مدير عام غرفة تجارة وصناعة الخليل ماهر الهيموني إن البلدة القديمة من المدينة تعرضت لضربة قاصمة من سلطات الاحتلال بفعل إغلاقها لأكثر من 1610 هي محلات ومصالح تجارية!!.

وأضاف أن المنطقة كانت تشكل "قلب الخليل الاقتصادي" لما كانت تشهده من حيوية تجارية وحركة متسوقين كثيفة جداً، مبيناً أن الناس كانوا لا يجدون موطئ قدم لهم في الازدحام الذي كانت تشهده.

ووصف الهيموني المنطقة بأنها تحولت إلى "منطقة أشباح"، وأمسى وصول المواطن إليها، أو محاولته التجول في الطرقات المجاورة أمراً صعباً ومغامرة محفوفة بالمخاطر وسط اجراءات وتدابير عسكرية إسرائيلية مرتبطة بإجراءات الحصار والإغلاق وتضييق الخناق، ووسط الحواجز والبوابات والثكنات العسكرية.

واعتبر الأوامر العسكرية المتعلقة بإغلاق المحال التجارية التي تتجدد كل ستة أشهر بأنها "شهادات وفاة"، في وقت أمسى فيه أصحابها ومئات التجار متسولين وفقراء، وباتت أسرهم عرضة للعوز والفقر، لافتاً إلى عدم قدرة هذه الطبقة من التجار على مواكبة الغلاء المعيشي والاقتصادي، إضافة إلى صعوبة في نقل مصالحهم الاقتصادية إلى مناطق وأسواق أخرى في المدينة، والمخاطر السياسية المترتبة على ذلك.

وأشار الهيموني إلى أن هناك بعض المحال التي يسمح بفتحها في منطقة "السوق القديم"، إلا أنه يؤكد بأن ذلك لا يجدي مع منع قوات الاحتلال المواطنين والمتسوقين من الوصول والتجول في الأسواق المستهدفة، إضافة إلى ممارسات عنصرية وتعسفية يزاولها المستوطنون.

من جانبه، اعتبر مسؤول الشؤون الإدارية والمالية في "لجنة إعمار الخليل" عماد حمدان أن القوانين التي تغلق بموجبها سلطات الاحتلال مئات المصالح التجارية في مدينة الخليل هي "محاولة إسرائيلية لتهجير السكان، من أجل خلق تواصل جغرافي بين البؤر الاستيطانية الأربع : الدبويا، بيت هداسا، بيت رومانو وأبراهام أبينو، وربطها بمستوطنة كريات أربع، تحت حجج وذرائع أمنية واهية".

وأشار الى أن(لجنة إعمار الخليل) التي تشكلت بقرار من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في العام 1996، تبذل جهوداً كبيرة على الصعيد القانوني والاجتماعي والإعلامي لفضح الممارسات الإسرائيلية.

وأضاف: "قدّمنا شكاوى واعتراضات قانونية إلى المحاكم الإسرائيلية، ونجحنا في انتزاع بعض القرارات الإيجابية، لكن رفض سلطات الاحتلال تطبيقها أماتها".

وبيّن في الوقت نفسه أن اللجنة تقدم المساعدات المختلفة للتجار وعائلاتهم في المنطقة المذكورة من أجل إبقائهم في البلدة القديمة، وتعزيز الوجود الفلسطيني فيها، كما أنها تقوم بـ "تشبيك" علاقات مع مؤسسات حقوقية وإنسانية إسرائيلية ودولية معنية بحقوق الإنسان، للكشف عن الجرائم والممارسات الإسرائيلية من قبل الجيش والمستوطنين الذين لا يزيد عددهم في المدينة على 600 مستوطن، يتوافر لهم آلاف جنود الحراسة والحماية.

المواطن محمد النتشة (53 عاماً) كان يمتلك محلاً لبيع الخضراوات في الحسبة القديمة، يقول:"كنا نعيش حالة اقتصادية جيدة جداً بسبب الحركة التجارية النشطة، وكان خلو المحل يزيد على 100 ألف دينار، دليلاً على أهمية المنطقة ومدى الحياة الاقتصادية النشطة فيها".

وأضاف:"الآن أعيش من دون عمل ويعيلني نجلي الذي يعمل في إسرائيل، وليس لدي قدرة على فتح محل في الأماكن غير الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي بسبب غلاء أجور المحال، ولا أمتلك رأس المال الكافي للقيام بهذا المشروع".

ودعا النتشة السلطة الوطنية الفلسطينية والمؤسسات والجمعيات المحلية والدولية المعنية، النظر إلى أحوال تجار الخليل ومواطنيها، والذين فقدوا محالهم ومصالحهم التجارية بسبب الإغلاقات، ومساعدتهم في مواجهة ظروفهم المعيشية بالغة الصعوبة، ومحاولة الضغط على سلطات الاحتلال لفتح تلك الأماكن أمام المتسوقين والتجار الفلسطينيين.

الخليل العتيقة مدينة أشباح – محمد غيث
 
15-Nov-2007
 
العدد 2