العدد 12 - ثقافي | ||||||||||||||
السّجل - خاص
هكذا تنتهي الأغنية الأخيرة في مسرحية «حكم الرعيان» لمنصور الرحباني (1925)، وهو واحد من اثنين شكلا في تاريخ الموسيقى «الغنائي العربية ما عرف بـ «الأخوين رحباني»، عاصي و شقيقه الأصغر منصور. وكانا، بلا منازع، أفضل من قدم أعمالا مسرحية غنائية في الوطن العربي. وكانت فيروز هي البطلة المطلقة في جميع المسرحيات التي قدماها. وبعد وفاة عاصي (1986) ظهر لأول مرة اسم منصور الرحباني في مسرحيات «صيف 840»، «الوصية» «ملوك الطوائف»، «المتنبي»، «سقراط»، «النبي» المأخوذة عن نص جبران خليل جبران، «زنوبيا» و «حكم الرعيان» (2004). وفي المشهد الأخير من «حكيم الرعيان»، يرتفع كرسي الحكم الذي يتوسط خشبة المسرح من مكانه وكأنه يطير هو الآخر، وقد تدافعت جموع الناس عليه وحوله واختلط الحابل بالنابل، في مملكة «كرمستان» المتخيلة والحقيقية في آن واحد. وفي هذا العمل محاولة لرسم واقع سياسي أوصل البلاد إلى شفير هاوية سحيقة. وإن كان منصور الرحباني قد اكتفى بالنقد في مسرحياته السابقة فقد أراد أن يدق ناقوس الخطر هذه المرة، معلناً تشاؤمه وإحساسه بأن الخراب أصبح وشيكا لا بل مرئياًً. وفي حكاية هذه المسرحية يصبح الحاكم رعد الثالث عالة على مواطنيه، رافضاً التخلي عن السلطة أو تسمية ولي للعهد، ملتجئاً للعرافات لمعرفة ملامح غده المضطرب. وتوحي الجارية ست الحسن للملك بتعيين الراعي سعدون ولياً للعهد لتهدئة الأوضاع بعد أن سمعته يقول «يا كرمستان لو حكمتك، لَمَشّي الديب والعنزة سوا!». ويخضع الحاكم لرأي الناس ويبرم اتفاقاً مؤقتاً مع الراعي سعدون، ويأتي به إلى الحكم ليسير أمر البلاد على مدار سنة، يعود بعدها الحاكم رعد الثالث إلى كرسيه الأثير. لكن ألاعيب الحاكم وسوء نوايا المعارضة، وتهالك الجميع على مصالحهم الشخصية على حساب مصلحة الوطن تودي بإصلاحات الراعي سعدون وإنجازاته، وتجرّه إلى التخلي عن السلطة لحقن الدماء. وعندها تهجم الأطراف كلها تنهش حصتها من السلطة ويطير الكرسي ويطير معه البلد، ولا تبقى غير الجموع التي تنبه من هذه الكارثة وهي تصرخ: «طار الكرسي، وإللي على الكرسي.. ونحنا ملهيين». |
|
|||||||||||||