العدد 12 - استهلاكي
 

علا الفرواتي

«عين على الإنتاج وعين على المبيعات»، تجهد الصناعات الأردنية الصغيرة والمتوسطة في البحث عن معادلة تحول دون انهيار غالبيتها، بعد التحرير الكامل لأسعار المحروقات خلال الأيام المقبلة.

محلّلون وعاملون في القطاع، يتفّقون على أن رفع الدعم عن المحروقات سيضعف الميزة التنافسية للمنتجات المحلية التي تعاني أصلاً من منافسة شرسة مع المنتجات الصينية وتلك المصنّعة في دول لا تفرض عليها ظروفها تكاليف إنتاج عالية، كالمصرية مثلا.

ما بين الارتفاع في تكاليف الإنتاج والتخوف من تضاؤل القدرة الشرائية للمواطنين، مع دخول قرار رفع أسعار المحروقات حيز التنفيذ، يشدد مصنعون على أهمية التدخل الحكومي لحماية المنتجات الوطنية ودعم الإنتاج المحلي.

ويدور مصنعون في حلقة مفرغة فمن جهة سيؤدي ارتفاع التكاليف إلى ارتفاع سعر منتجاتهم، ما سيؤثر على حجم مبيعاتهم خاصة أن قدرة المواطنين الشرائية ستتضاءل بسبب ارتفاع إنفاق الأسر على المحروقات.

نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، يتوقع أن يؤثر ارتفاع أسعار المشتقات النفطية على رسوم الشحن من العقبة إلى عمان، فضلا عن نقل البضائع بين المحافظات. وتوقع أن يكون التأثير أعظم ما يكون على المخابز والمطاعم. «هذه المرة سيكون الارتفاع في التكاليف كبيرا جدا ونحن ننتظر الإعلان الحكومي عن الأسعار الجديدة لنرى الأثر الكامل للتوجه الحكومي الجديد.»

مدير عام مصنع فيلادلفيا لصناعة الشوكولاتة، لينا هنديلة، تجادل بأن من الصعب جدا على الشركات التكيف مع واقع ارتفاع التكاليف، خصوصا أن أسعار المواد الأساسية شهدت ارتفاعا متزايد طال معظم مدخلات الإنتاج.»

وتؤكد هنديلة أن قرارات رفع الدعم الأربعة الماضية رفعت كلف الإنتاج على منتجات شركة فيلادلفيا بنسبة 10% لكل مرة.

وتقول هنديلة:»رفع الأسعار سيكون مصيبة كبيرة وسيترك اثرا كارثياً على معظم الصناعة المحلية، وليس بمستطاعي إيجاد المعادلة الصحيحة التي لا تؤثر على المبيعات خاصة مع تعاظم التكاليف.»

من بين البدائل التي يجترحها صناعيون»تخصيص تسعيرة خاصة بطاقة الصناعة، وفق كتاب رفعته غرفة صناعة الأردن إلى وزارة الصناعة والتجارة.

ويرى عضو الغرفة ماهر الناصر أن دعم الطاقة الخاصة بالصناعة سيسمح للصناعات بالاستمرار بلا خسائر.

تمثل الطاقة نحو 35 % من تكاليف إنتاج بعض الصناعات مثل السيراميك، الذي يتوقع الناصر أن تواجه اعباء كبيرة بسبب ارتفاع تكاليفها وتعاظم المنافسة مع الأسواق المجاورة.

وشهدت بعض الصناعات التحويلية ومن أهمها مصانع المنتجات الغذائية والملابس والدباغة والمنتجات النفطية المكررة تراجعا في الإنتاج في الـ 11 شهرا الأولى من العام2007 مقارنة بنفس الفترة من العام 2006 بحسب دائرة الإحصاءات العامة.

وتشير البيانات التي أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة إلى ارتفاع الرقم القياسي العام لكميات الإنتاج الصناعي للأحد عشر شهراً الأولى من عام 2007 بنسبة 3.6% مقارنة بنفس الفترة من عام 2006. وقد نتج هذا عن ارتفاع كميات إنتاج الصناعات التحويلية بنسبة 2.9% والتي تشكل أهميتها النسبية 82.5% والكهرباء بنسبة 18.2% والتي تشكل أهميتها النسبية 6.5%، في حين انخفضت كميات إنتاج الصناعات الاستخراجية بنسبة 1.9% والتي تشكل أهميتها النسبية 11.0%. وأضافت دائرة الإحصاءات العامة في بيان أن أهم الصناعات التي ساهمت في ارتفاع الرقم القياسي للصناعة التحويلية هي صنع منتجات المعادن المشكلة والمعادن اللافلزية والآلات والمطاط وفي المقابل تراجعت بعض الصناعات التحويلية ومن أهمها صنع المنتجات الغذائية والملابس والدباغة والمنتجات النفطية المكررة.

يضيف الناصر:»يجب أن تراعي تسعيرة الكهرباء الصناعية بشكل خاص لا سيما أن معظم الصناعات الأردنية الصغيرة والمتوسطة تعتمد على الكهرباء.»

وتبلغ تعرفة الصناعيين الصغار بحسب شركة الكهرباء الأردنية 41 فلسا لكل كيلو واط، فيما أعلنت الحكومة أنها بصدد رفع تعرفة الكهرباء على جميع الفئات باستثناء فئة مستهلكي المنازل الذين يستهلكون160 كيلو واط لكل ساعة شهريا.

ما رشح من معلومات حول نسب رفع تعرفة الكهرباء يفيد بأنها سترفع على مراحل، تصل نسبة الرفع في المرحلة الأولى إلى 20بالمئة.

الناصر يؤكد أيضا أن ارتفاع كلف الطاقة سيؤثر على تنافسية مصانع المناطق الصناعية المؤهلة خصوصا أنها تواجه منافسة كبيرة مع المصانع المؤهلة في مصر.

بمقارنة مع كلف التصنيع في مصر، تمثل الطاقة 30 بالمئة من تكاليف التصنيع في المصانع الأردنية فيما لا تتجاوز تكلفة الطاقة في المصرية الـ 5 بالمئة. فضلاً عن تكلفة العمالة التي تقدر بـ 200 دولار لكل عامل في الأردن مقابل 60 دولارا لكل عامل في مصر.

المصنع الأردني باسل الريماوي، مالك مصنع زيوت الغزال، يبين أن «مشكلة المنتج الأردني ليست النوعية بل التكلفة» خصوصا عند اجراء مقارنة مع كلف التصنيع في دول مجاورة منها سورية ومصر اللتان تعتمدان على الغاز الطبيعي في التصنيع.

نسبة الطاقة في التكلفة العامة للإنتاج في مصنع الريماوي تبلغ 15 بالمائة، غير أن ارتفاع اسعار الزيوت عالميا لصالح استخدام الحبوب في انتاج الوقود الحيوي ساهم ايضا في ارتفاع الكلف لدى المصنع الأردني.

«استبشرنا خيرا بالإعلان عن قدوم الغاز المصري ولكن الغاز لم يصل المصانع بعد.» يقول الريماوي.

مصنع زيوت الغزال يعمل بشكل رئيسي على الوقود الثقيل الذي حررت الحكومة سعره كليا منذ نحو سنة. الريماوي كان يشتري طن الوقود الثقيل قبل تحريره بـ 80 دينارا فيما ارتفع سعره الآن إلى 350 دينارا.

المحلل الاقتصادي حسام عايش يجمل الوضع بأن «الاقتصاد متجه إلى الركود الذي يحمل مخاطر كبيرة على النمو الاقتصادي ومستوى معيشة الأردنيين فضلا عن استشراء البطالة والفقر».

أسعار المنتجات المحلية كانت تنخفض عن تلك الأجنبية بنسبة 30-40 % لكن هذه الميزة التنافسية ستضمحل إلى 5% أو ربما أقل مع ازدياد الكلف وارتفاع فاتورة الطاقة.ويستدرك عايش أن الطريق المثلى للصناعات الأردنية للخروج من مأزق ارتفاع الكلف تتمثل في التكتل ضمن جمعيات أو مؤسسات تمكنهم من التفاوض على أسعار المستوردات بشكل جماعي.

المحلل الاقتصادي يؤكد على أهمية اشتراك الحكومة مع حكومات دول مجاورة لشراء المواد الأولية للصناعة بشكل جماعي مما سيزيد من الكميات وبالتالي يقلل الأسعار.

على أن عايش يؤكد على ضرورة أن ترفع المصانع الأردنية من سوية إنتاجها وان تحسن من جودة منتجاتها لتتمكن من المنافسة. فضلا عن البحث عن أسواق كبرى لتسويق المنتجات الذي من شأنه أن يعزز قدرة المصنعين الأردنيين، مع التركيز على اهمية الابتكار والإبداع لزيادة مقدرة المنتجات التنافسية.

مطالب بدعم الوقود المخصص للصناعة الصناعات الصغيرة تترنح
 
07-Feb-2008
 
العدد 12