العدد 78 - حريات | ||||||||||||||
عطاف الروضان ظهرت بوادر تقارب في وجهات النظر بين لجنة الحريات النقابية وبين مديرية الأمن العام، حول آلية زيارة مراكز الإصلاح والتأهيل. ومن المنتظر أن تستأنف اللجنة زيارتها لمراكز الإصلاح والتأهيل قريباً، بعد انفراج في موقف نقابي احتجاجي، تمثلَ بمقاطعة زيارات مراكز الإصلاح منذ العام 2007. باستثناء لجنة الحريات في نقابة المهندسين التي زارت مركز إصلاح الموقر مرة واحدة العام الماضي، فإن لجنة الحريات النقابية لم تقم بزيارة المركز نفسه، أو أي مركز آخر منذ 2007، العام الذي وجهت فيه كتاباً احتجاجياً لحكومة معروف البخيت آنذاك، منتقدة ما وصفته «القيود الأمنية» على زيارات مراكز الإصلاح. هذه القيود بحسب رئيس لجنة الحريات النقابية المحامي فتحي أبو نصار، تتمثل في أن «مديرية الأمن العام هي التي ترتب موعد الزيارة للّجنة، ومسارها»، وفي «عدم الأخذ بتوصيات اللجنة» التي كانت تضعها بعد زياراتها. نتيجة للمطالبات الحثيثة من قبل اللجنة، وما تم لمسه من بوادر انفراج، يتوقع أبو نصار أن «تعاود اللجنة قريباً زياراتها لمراكز الإصلاح، بعد التعديلات الأخيرة على قانون مراكز الإصلاح والتأهيل، والإرادة الملكية بإغلاق سجن الجفر الصحراوي العام الماضي»، ويضيف: «كانت تلك إحدى توصياتنا في تقارير سابقة». تأمل اللجنة أن «تمنح مديرية الأمن العام الزيارةَ الطابعَ الذي نرجوه، وبالطريقة التي تصف حالة المراكز والنزلاء بمهنية عالية والتزام بسياسة الإصلاح»، بحسب أبو نصار. انقطاع الزيارات شمل كذلك لجنة الحريات العامة وحقوق المواطنين النيابية، حيث لم تقم اللجنة بزيارة مركز إصلاح وتأهيل الموقر إلا مرة واحدة العام الماضي، مقابل ثماني زيارت للجان دولية في العام نفسه للمركز نفسه. في حين قامت اللجنة بزيارة سجن قفقفا في نيسان/أبريل 2009، وأخرى لمركز إصلاح وتأهيل النساء الجويدة بداية أيار/مايو الجاري. رئيس اللجنة النائب فخري اسكندر، يؤكد لـ«ے» أن زيارات اللجنة لمراكز الإصلاح «تتم ضمن جدول زمني للاطلاع على أحوال المراكز والنزلاء، ومدى تنفيذ السياسات الإصلاحية المعلنة للسجون، ومستوى الخدمات الصحية ونوع المعاملة». يقول اسكندر إن اللجنة «وضعت على جدول أعمالها زيارة مركز إصلاح الموقر»، وهي إن تمت، ستكون الأولى بعد أحداث الشغب التي شهدها المركز في ربيع العام الماضي، التي أودت بحياة ثلاثة نزلاء حرقاً. وفقاً لإحصائية أعدتها إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل العام 2008 منشورة على الموقع الإلكتروني للإدارة، فإن عدد النزلاء المضربين عن الطعام في العام 2008 بلغ 940 نزيلاً، وعدد المدخَلين للمستشفيات 460 نزيلاً، في حين بلغ عدد الوفيات 23 نزيلاً في مراكز الإصلاح المختلفة في البلاد. مقرر اللجنة النائب سليمان السعد، بيّن أن برنامج الزيارة لأيٍّ من مراكز الإصلاح التي شارك بزيارتها، تبدأ باللقاء مع «مدير ومرتبات مركز الإصلاح، والاستماع لإيجاز من مدير المركز، ثم تفقد النزلاء وطرح الأسئلة عليهم حول التعامل والطعام والخدمات المقدمة إليهم» يرى السعد، عضو كتلة جبهة العمل الإسلامي في المجلس، أن «الأصل في هذه الزيارات أن تتم بشكل مفاجئ وغير مبرمج، وهو الأمر غير المطبق في هذه الزيارات، حيث تتم بترتيب مسبق ما بين اللجنة ومديرية الأمن العام، وهو إجراء متبع ومتفق عليه من الجانبين كما يبدو». ويضيف: «هناك زيارات قامت بها اللجنة علمتُ بها كمقرر في اللحظات الأخيرة». الزيارات المحدودة للجنة الحريات النيابية إلى مراكز الإصلاح، «تعكس ضعفاً في أداء اللجنة، وعدم فهم حقيقي لمهماتها وواجباتها»، بحسب موظف كبير في مجلس النواب، فضّل عدم نشر اسمه. مصطفى ريالات، الصحفي المتخصص في الشأن البرلماني، يرى هذا التشخيص «أقرب ما يكون إلى الدقة»، ويعزو عدم تكرار زيارات اللجنة لمراكز الإصلاح، لأسباب منها «أن المجلس الآن في عطلة برلمانية، كما أن هناك جدولَ زياراتٍ زمنياً معدّاً للجنة». يضيف ريالات سبباً مهماً لقلة عدد الزيارات، ينطبق على لجنة الحريات كما على بقية لجان المجلس، وهو «غياب التخصص في توزيع أعضاء الجان». تشكيلة لجنة الحريات النيابية يغيب عنها متخصصون في الحريات وحقوق الإنسان. باستثناء رئيسها المحامي فخري اسكندر، الذي أنهى خدمته في الأمن العام برتبة لواء العام 2003، وصاحب الخبرة القانونية، فإن بقية الأعضاء ذوو خلفيات عشائرية، وبينهم واحد أو اثنان على الأكثر يحملون توجهات سياسية إصلاحية بعض الشيء، بحسب ريالات، الذي يؤكد أن هذا الأمر يدلل على «ضعف المجلس الحالي ككل، وليس كأعضاء أو لجان فقط». أعضاء اللجنة هم: فخري اسكندر، سليمان السعد، نصر الحمايدة، لطفي الديرباني، محمد أبو الهيّة، حسن صافي، عبد الرحمن الحناقطة، محمود العدوان، خالد السطري، صلاح الزعبي، وياسين بني ياسين. رئيس تحرير صحيفة «الحياة» الأسبوعية، ضياء خريسات، شارك في زيارات سابقة قامت بها لجنة الحريات للسجون. يرى خريسات أن هذه الزيارات «بالمجمل ضعيفة، وتأتي غالباً بعد التركيز الإعلامي المحلي وتقارير المنظمات الدولية حول أوضاع مراكز الإصلاح». خريسات يؤكد أن الزيارات «مفيدة»، وإن كانت معدة مسبقاً وغير مفاجئة، نظراً لطريقة الزيارة التي تأتي أحياناً بعد شكاوى من بعض النزلاء عن سوء معاملة، فيعمد أعضاء اللجنة إلى طلب مقابلة صاحب الشكوى والتحقق من صحة شكواه. وقال إنه في الزيارات التي رافق فيها أعضاء لجنة الحريات النيابية إلى مركز إصلاح وتأهيل الموقر طلبوا لقاء بعض النزلاء المحكومين في قضايا القتل والتنظيمات على وجه الخصوص. صحفي آخر، شارك في الزيارات الأخيرة للجنة الحريات البرلمانية لمراكز الإصلاح، وفضّل عدم نشر اسمه، يقول: «برنامج زيارة النواب لا يختلف كثيراً عن برنامج زيارة الإعلاميين، وصول واستقبال وإيجاز من مدير المركز، والتقاء مع نزلاء، وتناول وجبة غداء والعودة إلى عمان، خلافاً لبرامج زيارات منظمات دولية مثلاً تتم في الغالب بشكل مفاجئ» على حد تعبيره. العقيد هاني المجالي، مدير مركز إصلاح وتأهيل الموقر الذي يبعد عن العاصمة 55 كم، أكد أن «إدارة مراكز الإصلاح لا تمنع أي لجنة أو منظمة أو أي مجموعة حقوقية من زيارة أي مركز إصلاح»، لكنه استدرك بالقول: «هناك حالات معينة قد تعتذر الإدارة فيها عن استقبال أي جهة نعتقد كإدارة عامة أو كإدارة مركز منفردة، أن زيارتها من الممكن أن تعيق برنامج عملنا في السجن، ضمن المخطط المرسوم لتحسين أوضاع النزلاء والمراكز». مركز إصلاح الموقر اعتُمد نقطةَ انطلاق لتطبيق مشروع إصلاح مراكز الإصلاح، يقوم على اتباع سياسات إصلاحية جديدة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، من خلال برنامج التوأمة مع نظام دولة النمسا في إدارة السجون، باعتماد أساليب متقدمة في هذا المجال، أهمها تصنيف النزلاء بحسب العمر أو الخطورة، وتشغيل النزلاء حَسَني السلوك وغير الخطيرين، وفي حال نجاح هذا النظام سيطبق على بقية المراكز في البلاد، و«إن لم ينجح لن نكون خسرنا الكثير من الوقت أو الجهد أو الأموال» بحسب المجالي. افتتح المركز في أيار/مايو 2007، على مساحة 90 دونماً، و يتسع لـ 966 نزيلاً. سياسةُ إصلاح السجون، هدف وضعته رغبة ملكية في كانون الأول/ديسمبر العام 2006، كأولوية أمام مديرية الأمن العام التي أبدت بدورها تجاوباً سريعاً لهذا التوجه، بإعلان صريح من مدير مديرية الأمن العام اللواء مازن القاضي لدى إسناد المنصب له في كانون الأول/ديسمبر العام 2007. |
|
|||||||||||||