العدد 78 - استهلاكي | ||||||||||||||
محمد علاونة بدءاً من «مكة مول» مروراً بـ«سي تاون» و«سيفوي» و«سيتي مول» و«المختار» و«كوزمو»، وصولا إلى «زارة مول» و«أهلية أبيلا» و«نيو تاون».. عشرات التجمعات لغايات الترفيه والتسوق بدأت تنتشر، بشكل ملحوظ، في السنوات الأخيرة في العاصمة عمّان. منى السعد، ربة بيت، تقول إنها تشعر بالسعادة لدى زيارتها المول، وترى في ذلك نوعاً من أنواع التنزه والاستجمام، إضافة إلى وظيفته الأساسية (التسوّق). ظاهرة المولات بما تضمنته من تخفيضات على الأسعار عبر العروض المنافسة، والأناقة في عرض البضائع، وتيسير حصول الأسرة على متطلباتها كافة، سواء كانت غذائية أو كمالية، جذبت الأردنيين وأغرتهم، وهو ما تعكسه حالات الاكتظاظ التي تشهدها المولات على مدار الساعة. بيد أن متسوقين يرون أن تلك العروض ليست إلا إغراءات تسحب مدخراتهم. يقول محمود الخالدي: «فوجئت أنني دفعت مقابل سلع أكثر بكثير ممّا كنت أتوقع». ويضيف: «أنفقت نصف الراتب، وأعتقد أنني لن أشتري شيئا قبل نهاية الشهر». السعد تخالف الخالدي، بالقول إن الأسعار معلنة على السلع كافة، وإن كل امرئ يعرف ما يحتاجه وما يمكن إنفاقه. هناك من يرى في «المولات» خطوة حضارية متأخرة، وعاملاً مساعداً على زيادة الرفاهية من خلال تغيير ثقافة الشراء عبر إمكانية شراء كل ما تحتاجه الأسرة لمدة لا تقل عن 10 أيام أو أسبوعين في جولة تسوق واحدة، بحسب نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق. بيد أن توفيق انتقد نظام المولات القائم على «دفع» الزبون إلى شراء ما يحتاجه وما لا يحتاجه، من خلال إغراءات تخفيضات قد تكون وهمية. وهو ما يؤكده الخالدي بقوله إنه دخل إلى المول متصورا أنه سيدفع مبلغا لا يزيد على 50 دينارا، إلا أن أجواء المول و«فرحة قيادة عَرَبة التسوق فيه وملئها»، أوصلت الفاتورة إلى أكثر من 100 دينار، إضافة إلى أن لعبةً رغبَ بها ابنه استنزفت وحدها نحو 20 دينارا. الحاج توفيق لفت إلى مسألة أخرى تمثلت في الضرر الذي لحق بالمشاريع الصغيرة مثل «الدكاكين» و«السوبرماركت» التي تنتشر داخل الأحياء الصغيرة. يقول: «أصحاب تلك المشاريع غالباًَ من ذوي الدخول المتدنية، وهم يحتاجون لأن تسير أعمالهم بشكل مقبول، وبغير ذلك سيغلقون». توفيق يرى أن تغير النمط الاستهلاكي لدى المواطنين الذين زادوا من حجم إنفاقهم على سلع مختلفة، مثل الملابس وأدوات التجميل، على حساب الغذاء، ساهم بشكل كبير في تعزيز ظاهرة المولات. البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، تؤيد ما ذهب إليه توفيق، حيث تشير إلى أن متوسط الدخل السنوي على مستوى المملكة بلغ 6220 ديناراً، بينما زاد متوسط إنفاق الأسرة السنوي بنسبة 21.7 وبلغ 7550 ديناراً في العام 2006، بحسْب مسح إحصائي تجريه الدائرة كل 5 سنوات، وأعلنت عنه العام الفائت. وبذلك تظهر فجوة بين متوسط الإنفاق ومتوسط الدخل تصل إلى نحو 1331 ديناراً. ما يعني أن الادخار المحلي هو بالسالب. تغطية هذه الفجوة ما بين الإنفاق والادخار تتم من خلال وسائل عدة من أبرزها: الاقتراض، وتحويلات العاملين من الخارج، وتسييل الموجودات الثابتة المتوافرة لدى الأسرة. كما أشار المسح إلى أن هنالك تغيرا نسبيا في النمط الاستهلاكي للأسر الأردنية لصالح السلع غير الغذائية. وبيّن أن إنفاق الأسرة على السلع غير الغذائية يشكل نحو 64 في المئة من إجمالي الإنفاق العام 2006 مقارنة مع 60 في المئة العام 2002. كما بيّن أن هذا التغير جاء على حساب الإنفاق على السلع الغذائية التي تراجعت أهميتها النسبية من 39.7 في المئة العام 2002 إلى 36.5 في المئة العام 2006. يتضح التغير في النمط الاستهلاكي والتحسن في مستوى رفاء الفرد الأردني إذا ما أُخذ في الحسبان السلع المعمّرة التي تمتلكها الأسر. حيث شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا في نسبة الأسر التي تمتلك سلعا جديدة نسبيا، مثل الأجهزة الخليوية والستالايت والكمبيوتر، مقابل انخفاض في امتلاك بعض السلع التقليدية التي كانت تقتنيها الأسر الأردنية، مثل: ماكينات الخياطة والراديو والفيديو. الخبير الاقتصادي رياض الصيفي، يردّ هذا التغير في النمط الاستهلاكي إلى عوامل من أبرزها التغيرات النسبية في الأسعار. يقول: «شهدت السنوات الأخيرة تفاوتا في أسعار السلع، حيث كانت الزيادة في أسعار السلع الغذائية أكبر من الزيادة في أسعار السلع غير الغذائية، وكان هنالك تفاوت أيضا داخل كل مجموعة رئيسية». أما العامل الثاني، بحسب الصيفي، فهو ظهور سلع جديدة لم تكن سابقا تُستخدم على نطاق واسع، مثل الأجهزة الخليوية والستالايت، مقابل تراجع استخدام سلع تقليدية أصبح لها بدائل جديدة تواكب العصر. |
|
|||||||||||||