العدد 78 - الملف
 

رداد القلاب

لا أحد يعرف لماذا انتشرت النكات التي تروى عن الطفايلة. تماما مثلما لا يعرف أحد لماذا تنتشر النكات في بريطانيا عن الأيرلنديين، وفي مصر عن الصعايدة وفي فلسطين عن الخلايلة، وفي سورية عن الحماصنة (أهل حمص)، وفي العراق عن الأكراد.

ففي كل بلد من بلدان العالم ثمة مدينة أو منطقة يقع أبناؤها كبش فداء في حروب النكتة الشعبية، فيغدو اسم المنطقة أو المدينة مرادفا للنكتة التي تقال عنها، أما الآن فيأخذ هذا التندر أشكالاً مختزلة ومكثفة صارت شبكة الإنترنت مجالاً خصباً لتناقلها ونشرها.

الأديب سليمان قوابعة، وهو من أهالي الطفيلة، يقول إن «الطفايلة» لا يغضبوا من النكت التي تطلق عليهم إن لم تكن مسيئة لهم، إلا أنهم يغضبون إذا تم توظيف النكت بقالب يدل على الغباء، أو «الهبل».

ويؤكد قوابعة أن النكات كانت في السابق تطلق على أهالي السلط «السلطية» وبني حسن والخلايلة والكركية وغيرهم من مواطني المملكة. وقد وضع أحد أبناء السلط، أبو جابر، كتاباً عن النكات التي قيلت عن السلطية.

الممثل حسن سبايلة، وهو من أبناء الطفيلة، لا يعرف كيف وصلت النكات إلى الطفيلة ولماذا، ولكنه يتوقع أن يكون ذلك قد حدث لأن أهل الجنوب، عامة، يحبون أن ينظروا إلى الواقع بسخرية، وهي سمة غالبة لكتابهم ومفكريهم وقادتهم أيضا.

ويؤكد بان أهل الطفيلة، مثلهم مثل باقي الأردنيين، تغضبهم النكتة التي تحط من شأنهم، ولا يغضبون من روح السخرية نفسها.

ويضيف سبايلة أن عشاق النكتة هم المميزون والأذكياء، مشيراً إلى روح الدعابة عند جحا الذي عرف عنه أنه تلاعب بالسلاطين، وأنه يستطيع بذكائه أن ينقذ نفسه من كل موقف أو مأزق. وكذلك أشعب وحتى لو كانت هذه الشخصيات أسطورية، فإنها تنم عن ذكاء ودهاء.

ممثل كوميدي كبير، فضل عدم نشر اسمه، قال إن النكتة تعبير عن روح المرح وفلسفة الحياة، وأنها إسقاط بأسلوب ساخر على بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وأكد أن روح الدعابة والمرح سمة مميزة لدى الأردنيين.

فأهل الأردن جميعهم، تقريبا، يتميزون بهذه الروح، لذا فإن النكات انتشرت عن عدد كبير منهم قبل أن تصل إلى الطفايلة، منهم أهل الصريح في الشمال، وبني حسن، وأهل الكرك، والسلطية. وأستذكر أياماً كانت النكتة تبدأ فيها بالقول: مرة واحد صريحي، أو مرة واحد من بني حسن.. وهكذا.

وفي نهاية حواره مع «السجل» أكد الممثل الكبير أن النكات التي تتضمن حطاً من شأن الناس تغضبهم من دون شك، بغض النظر عن البلدة أو المدينة أو البلد الذي أتوا منه. أما النكتة صاحبة الظل الخفيف التي تحمل معالجة ساخرة لبعض الظواهر الاجتماعية فإنها لا تغضب أحدا، بمن فيهم الطفايلة حتى لو قيلت عنهم.

نكتة كركية

الممثل الكبير روى لـ«ے» نكتة قال إنها عن «الكركية» وليست عن الطفايلة. تقول النكتة إن حمارا يملكه واحد «كركي» دخل مستودعا لجار له وأكل بعض الخضار. فذهب الجار ليشتكي للمحافظ. فما كان من المحافظ إلا أن طالب بائع خضار بتقدير كلفة ما أكله الحمار، فقدرها الأخير بـ 30 ديناراً، وطلب من الكركي أن يدفع المبلغ لجاره. لكن الكركي رفض الدفع، وحين سأله المحافظ عن السبب قال الكركي: لو أن حماري أكل وجبة في «جبري» لما دفع هذا المبلغ.

“النكت” دارت حتى وصلت “الطفايلة”
 
28-May-2009
 
العدد 78