العدد 78 - الملف | ||||||||||||||
منصور المعلا تمتد العلاقة بين الأرض والفلاح الطفيلي قرونا طويلة تعود إلى أيام الرومان. ولم تتأثر هذه العلاقة بحقيقة أن الطفيلة هي أقل المحافظات حظا من حيث المساحات المزروعة بمحاصيل الأشجار المثمرة، فبحسب أرقام وزارة الزراعة لعام 2009 بلغت مساحة تلك الأراضي حوالي 32 ألف دونم، أي بنسبة 1.7 بالمئة من إجمالي المساحات المزروعة في المملكة. بين حنايا الطفيلة تمتد محمية ضانا فوق تضاريس خلاّبة بمساحة 320 كيلومترا مربعا على الحد مع معان (منطقة الشوبك)، وتختصر الطفيلة تضاريس الأردن الأربعة: جبلا، سهلاً، وادياً وبادية. وعلى أرض الطفيلة يعيش نحو 155 ألف رأس ماشية. على سفوح جبالها، تنغرس أشجار الزيتون «الرومي» ذات الإخضرار الداكن، يقع بعضها في أرض ترتفع 1400 متر فوق سطح البحر، وتعلو بعض المواقع على 1650 مترا مثل منطقة العملة جنوباً. في كتابه «الطفيلة موجز في جغرافيتها التاريخية» يرجع سليمان القوابعة اسم الطفيلة إلى اللغة الرومانية، فهي «مشتقة من كلمة رومانية قديمة - دي تيفلوس- التي تعني أم الكروم». الكرمة هي الشجيرة الأكثر ارتباطا بالطفيلة منذ القدم وحتى الآن، فهي المحصول الأهم إلى جانب الزيتون، ومن يزر الطفيلة فسوف تسترعي اهتمامه «المصاطب» الأثرية المنتشرة في المدينة، ما يشير إلى اهتمام سكانها الأقدمين بالكروم. إلى ذلك، فقد أعلن أخيرا عن مشروع تطوير زراعة العنب للعام الجاري. وفي إطار هذا المشروع خصصت وزارة الزراعة لقصبة الطفيلة ولواءي الحسا وبصيرا 50 دونما فقط لتطوير زراعة العنب، وذلك على الرغم من مئات الطلبات المقدمة للاستفادة من هذا المشروع الذي لا يتجاوز عدد المستفيدين منه هذا العام 15 مزارعا، أي بواقع أربعة دونمات لكل مستفيد. تشتهر الطفيلة بأشجار الزيتون التي تطل عليها من «عقبة كردوش»، وهي طريق التي تتلوى هبوطا باتجاه المدينة العتيقة. ويلحظ القادم عبر هذا الطريق بحرا أخضر يموج بغابات الزيتون وأشجار العنب. حتى الآن تبدو آثار معاصر الزيتون الحجرية القديمة شاهدة على ثروات وحضارات زالت، كما يوجد في المحافظة الآن 3 معاصر زيتون تؤمن لقاطني تلك المدينة الاكتفاء الذاتي من الزيتون والزيت والجفت الذي يستخدم وقودا للتدفئة في الشتاء. كانت حقول الزيتون وكروم العنب وبساتين اللوزيات في المدينة تروى بمياه 365 عينا. غير أن تداعيات سنوات القحط العجاف حبست دموع تلك العيون حتى اندثر الكثير منها، ولم يبق سوى عدد منها أهمها: عين لحظة، وعين البيضاء، ورواث، وغرندل، والعنصر، والحرير، والجهير، وشلحا، وعلاقه، والعبر، وهي عيون تمتاز بنقائها وكثرة العناصر المعدنية فيها. ومع ذلك فالمحافظة الواقعة على جبال الشراة، تعاني من عجز مائي، وجفاف حاد في الينابيع، وبخاصة في مناطق شيظم وقصبة الطفيلة والعين البيضاء، لعدم استغلال مياه الأمطار ومساقطها من خلال إقامة سدود مائية لحفظها. وفي أواخر الثمانينيات، بدأت عيون المياه تنحسر لتتحول إلى ما يشبه نزازات شحيحة لا تكاد تروي البساتين المحيطة بها. واليوم يقدر مجموع عيون المياه العاملة والمتبقية بما فيها النزازات بنحو 50 ينبوعا. وفي مسعى من الجهات الرسمية لمواجهة هذا الواقع، قامت وزارة الزراعة والمياه بإعداد دراسات ميدانية ومسوحات شملت عدة مواقع لإقامة سدود قرب المساقط المائية، من شأنها المحافظة على الثروة الزراعية في الطفيلة، وعلى رأسها بساتين الزيتون المعمرة في منطقة شيظم.لكن اختفاء عيون المياه وتذبذب تدفقها المائي في مختلف المناطق الزراعية أصبح السمة الرئيسية في هذه المناطق الزراعية. المشروعات التي ستنفذ خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بكلفة سبعة ملايين دينار تتضمن مشروعات مصادر مائية وحفائر ترابية ونشاطات لحفظ التربة وحماية أشجار الزيتون المعمر وصيانة الينابيع، حسبما تقول دراسة أعدتها وزارة الزراعة لعام 2009. العام 2007، كشفت نتائج الإحصاء الزراعي الذي تجريه وزارة الزراعة كل 3 سنوات أن مساحة الحيازات الزراعية في المدينة بلغت 2.6 مليون دونم، أو ما نسبته 30 في المئة من إجمالي المساحة القابلة للزراعة في المحافظة، والتي تشكل بدورها نحو 3 في المئة من إجمالي المساحة الكلية المزروعة في المملكة. ويشكل التصحر والتدهور في مصادر المياه أهم المشاكل التي يعانيها أصحاب مزارع الزيتون الرومي في مدينة الطفيلة، التي تقدر مساحتها بنحو 32 ألف دونم. الحفاظ على أشجار الزيتون في مختلف مناطق الطفيلة الزراعية، وكثير منها من الأشجار الرومية التي يتجاوز عمرها الخمسمئة عام، يتم من خلال برنامج تجديد شباب الزيتون، الذي وضعته وزارة الزراعة ضمن خطة العام 2009. ويتضمن المشروع دعم المزارعين بالأسمدة، وأعمال الحراثة والتقليم، إضافة إلى الإسهام في نشاطات الحصاد المائي من خلال مشروعات المصادر المائية التي تقام بالتعاون ما بين وزارة المياه ومنظمة جايكا اليابانية. |
|
|||||||||||||