العدد 78 - الملف | ||||||||||||||
عطاف الروضان يمكن القول إن هذا العام بالنسبة للطفيلة هو «عام البلدية»، ففي هذه المحافظة التي عادة ما توصف بأنها الأفقر والأكثر بطالة والأقل إمكانيات وموارداً، حقق المجلس البلدي إنجازات ملفتة. فقد حازت بلدية الطفيلة الكبرى على نتائج مميزة من بين بلديات المملكة في استطلاع أجراه المعهد الجمهوري الدولي، التابع للاتحاد الأوروبي، لقياس أداء المجالس المنتخبة. وقد أظهرت نتائج الاستطلاع الذي استند إلى مقابلات شخصية مع 500 أسرة في كل مدينة، أن نحو 68 في المئة من أهالي الطفيلة يعتقدون أن المجلس البلدي الحالي أكثر نجاحاً في أداء مسؤولياته من سابقه، وهي نسبة يرى مدير المعهد في الأردن بول مكارثي، أنها إشارة إلى أن «سكان الطفيلة يشعرون بأن الأمور في بلديتهم تسير في الاتجاه الصحيح». إلى ذلك، فإن بلدية الطفيلة أصبحت، بالإضافة إلى أمانة عمان، عضواً في الجمعية الإقليمية والمحلية الأورومتوسطية لبلديات أوروبا وحوض البحر الأبيض المتوسط، لتمثيل الأردن في الجمعية التي مقرها تركيا، هذا الأمر جاء وفقاً لقرار من مجلس الوزراء بعد عمليات تقييم للبلديات في المملكة. كما نجحت بلدية الطفيلة بإحداث تراجع في نسبة رواتب العاملين فيها من 76 في المئة إلى 45 في المئة، وارتفعت تراخيص البناء إلى 73 في المئة، بحسب رئيس بلدية الطفيلة الكبرى المهندس خالد الحنيفات، الذي يعيد هذا الأمر إلى «تفعيل آلية التحصيل لتحقيق مبلغ أعلى من الإيرادات الداخلية». كل هذا جعل موازنة البلدية الآن تناهز 3.5 مليون دينار بدون عجز، بعد أن كانت 1.5 مع العجز. مع كل هذه الإنجازات المهمة، فإن بلدية الطفيلة ما زالت بالنسبة للعديد من أهالي المحافظة، ومنهم رئيس البلدية المهندس حنيفات نفسه، لا تمثل سوى بداية الطريق، فحنيفات يرى أنه «ما زال هناك المزيد من العمل»، نظراً لأن بلدية الطفيلة فقيرة في إمكانياتها وبالتالي في خدماتها. الستيني أبو محمد أحد، أبناء عيمة ويحمل شهادة دكتوراه في الإدارة العامة، يصف مشروع دمج البلديات بالمجحف بحق منطقتهم كما باقي المناطق، إذ إنه أدى إلى ظلم في توزيع الخدمات التي اقتصرت على البلد الأم، الطفيلة، وغابت عن المناطق، ويشير إلى مفارقة «زمان كنا نحكي الأطراف بالنسبة للعاصمة مظلومين، شوفي حجم الظلم للمناطق الصغيرة التي دمجت بالنسبة لمراكز المحافظات». القرار الذي يشير إليه أبو محمد هو قرار دمج البلديات الصادر العام 1999، والذي ضم إلى بلدية الطفيلة عددا من القرى والمناطق المحيطة بها، فأصبحت البلدية تتكون من ست مناطق هي: عين البيضاء، وادي زيد، البقيع، عيما، الحسين، العيص. رئيس البلدية أعاد تأكيدات كان قد ساقها لأهالي المناطق في اجتماعات ميدانية قبل شهرين، بأن «نهاية العام ستشهد توزيعاً فاعلاً وعادلاً للخدمات والمشاريع التنموية على كل مناطق البلدية». ويشكو حنيفات من ضعف دور القطاع الخاص في المشاركة في المشهد الاقتصادي والتنموي في الطفيلة، وهذا ما قاد إلى مشكلة أكبر تعاني منها البلدية، وهي التعيينات. يقول الحنيفات «عدم وجود مشاريع استثمارية خاصة ولّد ضغطاً على رئيس البلدية لتعيين موظفين فيها». ويضيف أبو محمد أن رؤوس الأموال في الطفيلة مهاجرة إلى العاصمة وغائبة عن هذا الدور، فباستثناء «توزيع حلويات على المستشفيات وبعض المساعدات في رمضان لا نرى شيئاً». وهذا يقود إلى تحد أكبر تواجهه البلدية التي يحتاج كوادرها إلى تدريب، بحسب الحنيفات، الذي يؤكد أن نسبة الموظفين الذي يحملون شهادة بكالوريس أقل من 5 في المئة، والباقي يحملون الثانوية العامة كحد أعلى، منهم 20 في المئة عمال وطن، (أي عمال البلدية). وهناك نحو 80 في المئة من الموظفين البالغ عددهم 500 موظف تقريباً من الأردنيين. هذه الأرقام تظهر بوضوح مشكلة عمل وحدة التنمية في البلدية المكونة من أربعة موظفين، اثنان منهم يحملان شهادة البكالوريس، إذ إن مجال تحرك هذه الوحدة يدور بين المؤسسات الدولية المانحة والهيئات المحلية لترويج البلدية أمام المستثمرين لفتح المجال أمامهم للمشاركة في إقامة مشاريع تنموية. يصف كثيرون في الطفيلة البنية التحتية للمدينة بالمتهالكة، وبأنها تحتاج إلى جهد وعمل كبيرين. ولكن الإنجازات التي ذكرت سابقا يمكن اعتبارها بداية الطريق لتغيير لن يكون سهلا، فما زال الطريق أمام البلدية طويلاً. وبحسب الحنيفات فإن بلدية الطفيلة أنفقت حتى الآن 750 ألف دينار على البنية التحتية، أي ما نسبته 25 في المئة من موازنة البلدية. ومع ذلك فإن الطفيلة تفتقر إلى المشاريع التي تخدم الشباب؛ ملاعب أو حدائق أو أي متنفس ترفيهي لهذه الفئة المهمة، فباستثناء مكتبة البلدية لا تجد دعاء، تلميذة في الصف السادس، مكاناً تذهب إليه في وقت فراغها «المكتبة جيدة ومتنوعة، بس ياريت في حدائق». ويضيق إخوتها الثلاثة؛ عمر سنة أولى جامعة، وأحمد، وخالد في الثانوية العامة، «بدنا ملاعب رياضية». ومن أهم المشاكل التي يعاني منها أهالي المدينة وجود سوق المحافظة الرئيسي «الحسبة» في وسط مدينة الطفيلة، ما يسبب، في العادة، ازدحامات مرورية خانقة. تقول أم عبد الله، تربوية متقاعدة: «بين الساعة الثانية والثالثة ازدحام لا يطاق، فالشارع الرئيس باتجاه واحد، والإشارة الضوئية متعطلة منذ سنوات، والحسبة تسبب أزمة وحاجزا للمرور للشارع التالي، إذ ليس هناك منفذ آخر». وقد قامت البلدية بتنفيذ القانون، وتم ترحيل البسطات المعيقة للسير في الشوارع بالمدينة ورحلت آخر بسطة صباح الاثنين 25 أيار/مايو الماضي إلى منطقة مؤقتة خارج البلدة «لحين تنفيذ مشروع السوق الشعبي الذي وصل إلى مرحلة التصميم وسيطرح عطاؤه بكلفة 300 ألف دينار». بحسب الحنيفات. كما قامت البلدية بتنفذ مشروع تأهيل الأرصفة في الشارع الرئيسي، وتم إنشاء طريق موازٍ للشارع الرئيسي لحل مشكلة الاكتظاظ بتمويل من الديوان الملكي. ومع ذلك، فإن كثيراً من الشكاوى ما زالت تتردد عن أن البلدية تقف عاجزة عن ردع هذه المحلات ولا تحرك ساكناً. ويرد الحنيفات أن ترحيل البسطات بعد هذا الوقت يعد «إنجازاً كبيراً لم تكن تجرؤ أي جهة تنفيذية أو أمنية قبل عشرين عاماً على القيام به». توجيهات ملكية صدرت في آب/ أغسطس من العام الماضي شملت توجيه حزمة من المشاريع التنموية للطفيلة، من شأنها أن تفضي إلى وضع الطفيلة على خريطة السياحة الأردنية، من بينها إعادة تأهيل قلعة الطفيلة القديمة، وترميم شارعها ورصفه بالحجارة بطريقة تحافظ على سمة مدينة الطفيلة التاريخية، إلى جانب تطوير المحلات التجارية القديمة في ذلك الشارع ليصبح سوقاً تراثياً لبيع التحف والمشغولات الشعبية. الأكاديمي محمد يشير إلى أن هناك مشاكل عديدة لا بد من العمل على حلها، أهمها الاستمرار في تأهيل الطرق السيئة وإلزام شركات المقاولات بتنفيذ بنود التعاقد معها لإزالة الردميات، وتقديم خدمات النظافة بزيادة كوادر عمال الوطن. |
|
|||||||||||||