العدد 77 - حريات | ||||||||||||||
ليلى سليم ألغي بشكل مفاجئ حفل توقيع وندوة لمناقشة كتاب جورج الفار “عاريا أمام الحقيقة”، كان من المقرر إقامتهما في العشرين من مايو/أيار الجاري، بدعوة من نادي الكرك الرياضي الثقافي، وذلك ضمن احتفالات المحافظة بالكرك مدينة الثقافة الأردنية 2009. المؤلف فوجئ بقرار المنع قبل يومين من الموعد المحدد، عندما أبلغته مديرية ثقافة الكرك أن “المحافظ أمرَ بمنع الحفل”. مدير ثقافة الكرك خالد برقان، رفض تحديد الجهات التي تقف وراء قرار المنع، لكنه أكد أن هناك “تحفظات من الكنيسة”، كانت السبب المباشر في القرار الذي اتُّخذ. برقان قال لـ”ے”: “مهمتنا في مديرية الثقافة تقديم الدعم والتسهيلات للمبادرات الثقافية، لكن في حالة كتاب الفار فإن الكنيسة تقول إنه يتضمن هجوما عليها، ونحن بوصفنا جهة رسمية لسنا معنيين بإثارة إشكاليات دينية”. كان الفار أصدر كتابه نيسان/إبريل الماضي، وفيه يروي تجربته الحياتية ككاهن سابق، عندما قرر في العام 2008 وبعد 26 عاما من الخدمة ترك الكهنوت. يقول الفار إن دراسته للفلسفة في السنوات الأخيرة أحدثت تحولا ذهنياً لديه، وجعلته -بحسب تصريحات سابقة له- يعود إلى فحص المسلمات، والبحث عن البراهين. “صرت أتململ داخل المؤسسة الكنسية، حتى اتخذت قرارا صريحا بالمغادرة”. الفار الذي غادر إلى لبنان ونال درجة الدكتواره في الفلسفة من جامعة الكسليك، وأراد دائما “إعطاء صورة جديدة للكهنوت، مثل أن يقبل الخوري صاحب الرأي”، اصطدم بعد زواجه مع الكنيسة، التي أصدرت في شباط/فبراير من العام الجاري بيانا وصفت فيه هذا الزواج بأنه “حالة زنا علني”. الفار أبدى دهشته من منع الحفل، بخاصة أن حفلا مشابها أقيم في رابطة الكتاب الأردنيين في عمّان في 25 نيسان/إبريل الفائت، دون أن يثير أي اعتراض. يتساءل الفار عن قانونية إجراء يرى أنه منسجم مع عقلية محاكم التفتيش في القرون الوسطى. “الكتاب مجاز من دائرة المطبوعات والنشر، ويباع في الأسواق، فهل قرار المحافظ إجراء قانوني أم اجتهاد شخصي؟”. الأب وسام منصور من مطرانية اللاتين في عمّان، نفى لـ”ے” نفياً تاماً، أن يكون أحد من المطرانية قد تدخَّل لدى المحافظة بهذا الخصوص، ويوافقه على ذلك الأب سامر مدانات من دير اللاتين في الكرك، الذي يؤكد على قناعة الكنيسة بحق الجميع في التعبير. “جورج الفار كاهن سابق اختار ترك الخدمة، ووفق التقاليد الكنسية هو ممنوع من الكلام داخل الكنيسة فقط، ما عدا ذلك فلا أحد يمكنه منعه من الكلام”، يقول مدانات لـ”ے”. رئيس جامعة الأميرة سمية هشام غصيب، الذي كان من المقرر أن يشترك في الندوة، يرفض مبدأ الوصاية التي تمارسه المؤسسات الدينية، ويقول لـ”ے”: “نحن في القرن الحادي والعشرين، ولسنا في القرن الحادي عشر”. ويضيف: “إذا كانت الكنيسة مارست ضغوطا لمنع الحفل، فإنها بذلك تضع نفسها في مأزق، ذلك أنها ليست مستهدَفة، والكتاب لا يتضمن أي هجوم أو نقد متطرف لها”. لكنه مع ذلك فسّر الأمر بأنه “ربما كان اجتهادا من جهات لم ترد تعكير العلاقات بين الأردن والفاتيكان”. من ناحيته، أبدى رئيس رابطة الكتاب الأردنيين سعود قبيلات استغرابه من الحادثة، وقال في تصريح لـ”ے”: “في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات المطالبين بإلغاء دائرة المطبوعات والنشر كدائرة رقابية، يجد الكتّاب أنفسهم بمواجهة جهات رقابية أخرى متعددة، تمنع ما يمكن أن تجيزه هذه الدائرة”. الفار يكشف عن أن هناك ندوات لمناقشة الكتاب من المقرر إقامتها في مادبا وإربد والحصن، ويتساءل عما سيكون عليه موقف المحافظين في هذه المناطق. |
|
|||||||||||||