العدد 77 - حريات
 

نور العمد

«الكفيف مثله مثل غيره، يميز بين الأمور»، هذا ما قالته الكفيفة بثينة التي تعمل مأمورة مقسم في وزارة التنمية الاجتماعية، وتتلقى مئات الاتصالات يومياً من مواطنين يطلبون مساعدتها في اتصالاتهم، لكنها في الوقت نفسه تبحث عن مساعدة هي نفسها في معاناتها وغيرها من الأكْفاء، من إجراءات بنكية معقّدة، بخاصة إذا أرادت الحصول على بطاقة صراف آلي تتيح لها سحب نقودها مثل بقية العملاء المبصرين.

الرفض يجابهها في أيّ بنك تقصده للحصول على البطاقة، بحجة «توفير الحماية» لها، على حد تعبيرهم. لكنها تؤكد: «حُرمت من نعمة الإبصار ورؤية شمس الحرية، لكنْ لي حقوق مثلي مثل الآخرين».

بثينة ترى أن عدم منح الكفيف تسهيلات في المعاملات البنكية، انتقاصٌ من حقه. «إذا كان الكفيف بالغا عاقلا، فله الحرية في الحصول على ما يحصل عليه الآخرون». وتضيف: «أستطيع أن أعطي البطاقة الخاصة بي لأي شخص أثق به، ليقوم بسحب النقود عنّي. البنوك ترفض بحجة توفير الحماية لنا، لكن أنا من أتحمل مسؤولية قراري وليس البنك، فضلا أن هناك مفارقة كبيرة، فبعض البنوك يعطي الكفيف بطاقة، وبعضها لا، وهناك بنوك تفرض شروطا للحصول على البطاقة».

حال بثينة، يتشابه مع حال غيرها من الأكْفاء. رشا التي تعمل في مدرسة المكفوفين الثانوية، عانت هي الأخرى للحصول على بطاقة صراف آلي، ليقابَل طلبها بالرفض في النهاية.

توضح رشا: «راتبي يحوَّل إلى أحد البنوك، تقدمت للحصول على بطاقة الصراف الآلي لتسهيل عملية سحب راتبي، وبعد معاناة أربعة أشهر رفضَ البنك طلبي، إلا في حالة واحدة، هي أن أعطي وكالة عامة لأحد أفراد عائلتي، وأن تكون البطاقة باسمه، فرفضت ذلك؛ فأنا على استعداد أن أتحمل المسؤولية الكاملة والتوقيع على تعهد بذلك».

مدير قطاع الأفراد في بنك الإسكان، كمال يغمور، قال لـ«ے» إن عدمَ صرف بطاقة صراف آلي للأكْفاء، هدفه توفير الحماية لهم، خشية تعرض أموالهم للسرقة.

«نحن حريصون على أموال العميل. استعمال الصراف الآلي يتطلب قراءة الإجراءات الموضوعة عليه، والكفيف لا يستطيع ذلك، فإذا تعرض للسرقة أو لأي مشكلة قانونية، فإن البنك غير مستعد لتحمل أيّ مجازفة».

لكن رامي، كفيف، قال إن البنك الذي يتعامل معه قدم له خدمة الحصول على بطاقة صراف آلي. «أستطيع أن أتعامل مع الصراف الآلي، لأنني حاصل على دورة كمبيوتر، وأول مرة اصطحبت أخي لتعليمي على استخدام الجهاز، ثم سهل عليّ الأمر، فهناك أزرار تحدد القيمة المطلوبة».

مدير الدائرة القانونية في بنك القاهرة عمّان، محمود قطيشات، بيّن أن البنك يمنح للأكْفاء بطاقات صراف آلي، مؤكدا أن ذلك لا يندرج تحت السياسة العامة للبنك. «يتم إعطاء الكفيف بطاقة صراف آلي، لكن بتحفظ، فالكفيف يستطيع توجيه رسالة من خلال هاتفة النقال، فما المانع أن يستخدم البطاقة، فهناك محامون وأساتذة جامعات أكْفاء، والقانون لا يقول إن الكفيف فاقد للأهلية، لكنه يحتاج إلى معاملة خاصة، فالكفيف إذا أراد أن يحصل على قرض من البنك، لا بد من أن يأتي بشاهدين ويُتلى عليه عقد القرض أو الحساب، للتأكد من موافقته على الشروط، وهذا ينسحب على الأمور كافة».

قطيشات بيّن أن البنك، سيُصدر أجهزة صراف آلي خاصة بالأكْفاء، تعمل على نظام الناطق الآلي ولغة «بريل».

مسؤول في أحد البنوك رفض نشر اسمه، يقول إن البنك الذي يعمل به «ليس لديه أي مانع في إعطاء الكفيف بطاقة صراف آلي، رغم أن البنك لم يسبق له أن صرف بطاقات إلكترونية للأكْفاء».

ويضيف: «لدينا في البنك، يعامَل الكفيف كما غيره من العملاء، إذا أراد أي كفيف الحصول على بطاقة صراف آلي، فعليه أن يصطحب أحداً من معارفه لقراءة الشروط والتوقيع على الاتفاقية، لكن المشكلة الأكبر تكون في إعطائه credit card، فكيف سيستعمل هذه البطاقة، بخاصة إذا اشترى من أحد المحال التجارية، فربما يتعرض للسرقة، لهذا يُنصح أن يكون مع الكفيف شخصٌ عند استعماله لها”.

تخوّفاتٌ شتّى وراء تردد البنوك في تسهيل المعاملات البنكية الخاصة بالأكْفاء، ولكن الأجدر أن يتم التعامل مع الجميع على قدر المساواة، ووضع إجراءات احترازية في الوقت نفسه لضمان عدم حدوث مشاكل أصلاً.

حاجز للمكفوفين في البنوك
 
21-May-2009
 
العدد 77