العدد 77 - اعلامي
 

عطاف الروضان

انقسم الإعلام الرسمي والخاص في تغطيته لوقائع زيارة البابا للأردن الثامن من أيار/ مايو الجاري، بين رأيين اختلفا بوضوح في تبنيهما لموقفين مختلفين من هذه الزيارة، ففي الوقت الذي استقبل فيه التلفزيون الأردني والإعلام الرسمي هذه الزيارة بحفاوة بالغة، عكست غالبية المواقع الإلكترونية وبعض الصحف لأسبوعية موقفاً منتقداً لمواقف البابا السابقة تجاه المسلمين.

إلا أن كلا الموقفين لم يوفقا في عكس الرغبة السياسية، والملكية في إبداء الاهتمام المناسب لهذه الزيارة لما تحمله من أهمية دينية وسياسية لدعم الموقف الأردني في مبادرة السلام، ناهيك عن الأهمية السياحية المتوقعة.

حيث يرى الكاتب الصحفي باسم سكجها أن التغطية الإخبارية التي قام بها التلفزيون الأردني لزيارة البابا عكست «غياباً فاضحاً للمهنية، وحضوراً كبيراً للسذاجة».

ودلّل سجكها على ما ذهب إليه بنوعية الأشخاص الذين تمت استضافتهم في الفترة المفتوحة التي خصصها التلفزيون لتغطية الحدث، وقال: « باستثناء رجال الدين المسيحيين المعنيين والعارفين بتفاصيل الزيارة وأهميتها، فإن غالبية الضيوف لم يكن يعلموا عن ماذا يتحدثون، ومن كان يحاورهم من المذيعين لم يعرفوا كيف يوجهون الأسئلة».

واعتبر سكجها أن السبب الأساسي لغياب المهنية عن تغطية التلفزيون، هو «عدم كفاءة غالبية كوادر التلفزيون سواء في المواقع الإدارية المتقدمة انتهاءً بالفنيين»، مضيفاً «ضعف الإعداد لكشف مواقع الخلل في الأداء عند الجميع وغياب المهنية المحرج»..

في حين يتساءل مدير الأخبار المحلية في التلفزيون الأردني فراس المجالي، عن معايير الإعداد الجيد؟ ويضيف «هناك عوامل تتدخل في عملية الإعداد الفني والإعلامي، مثل: الضيف، والجهة المضيفة، برنامج الزيارة، الاتفاقيات الموقعة، حساسية الموقف للدولة».

ويؤكد المجالي «هذه زيارة دولة، ونحن نعبر عن وجهة نظر الدولة، وما عدا ذلك فنحن محايدون، وقمنا بتغطية مهنية شاملة، شاركت فيها كل الدوائر المعنية بالتنسيق».

ومن يقول عكس ذلك، يضيف المجالي : «فهذا رأيه ونحن نحترمه، لكننا نرى أننا نجحنا في المهمة التي أوكلت إلينا ونفذناها خدمة للوطن، وفي إطار التوجيهات الملكية والحكومية».

الإعلامي محمد عمر، رئيس تحرير موقع البوابة الإلكتروني يرى أن «مبالغة التلفزيون» التي وصفها البعض، وازنت ما قامت به بعض المواقع الإلكترونية التي لعبت على وتر الإثارة في تغطيتها للزيارة، وهو الأساس الذي تقوم عليه تلك المواقع «فلو قامت بالتغطية بالطريقة العادية لما اجتذبت متصفحين».

ويستدرك عمر قائلاً، بالمحصلة فإن الجميع لم يعط هذه الزيارة المهمة حقها «التلفزيون بتركيزه الزائد أخرجها عن زيارة رسمية للدولة تعودنا على الكثير منها، والمواقع الإلكترونية أظهرت أن البابا غير مرحب به بإعطاء مساحة للمسلمين المتطرفين لطرح آرائهم، لكن لم ألاحظ وجود للرأي المعتدل».

ويأخذ الخمسيني أبو علي على التلفزيون «تسخير شاشته للزيارة وقطعه لبرامجه بسببها»، منتقداً التركيز على موضوع «التعايش الديني وتمتع المسيحيين بحقوق المواطنة» ويضيف «هذا شي طبيعي إحنا كلنا أردنيين أنا هيك بعرف».

رئيس لجنة التوجيه الوطني في مجلس النواب محمد عواد، وصف تغطية التلفزيون الأردني بأنها «كانت بمستوى عادة الأردنيين بالاحتفاء بضيوفهم، وكانت على مستوى الحدث التاريخي، الذي سنستفيد منه للترويج السياحي والإعلامي لبلدنا».

يقول العشريني يوسف، الذي يعمل محاسباً في إحدى الشركات، إن «التلفزيون والإعلام ركزوا على شي عام، وأهملوا أهمية أن يقدم البابا صورة مختلفة عن التي قدمها في السابق في رؤيته وعلاقته بالمسلمين».

هذا الموقف، أو ما تعداه بالطرح المنتقد لمواقف البابا السابقة، هو ما دفع مراسل «القدس العربي» في عمان بسام البدارين لوصف استقبال البابا الشعبي في تقرير له نشرته الصحيفة وعدد من المواقع الإلكترونية بأنه «رغم مظاهر الاستقبال الفخمة جدا التي حظي بها الحبر الأعظم إلا أن هيئات محلية وإسلامية وإعلامية تحشدت لمطالبته بالاعتذار عن ربطه سابقا بين الإسلام والتطرف كشرط للترحيب شعبيا به، حيث غابت حرارة الترحيب الشعبية رغم حرارة الحفاوة الرسمية بالضيف الذي يراهن عليه أردنيا لتنشيط السياحة الدينية».

عدم الرضا التام عن التغطية الإعلامية، إما بمبالغتها المفرطة، أو بمهاجمتها المتطرفة، قللت من أهمية الاستياء العام من المظاهر الأمنية المشددة التي صاحبت الزيارة، وإن كان تبريرها واضحاً للجميع بسبب شخصية الضيف المهمة، إلا أن كلا الأمرين سببا فتورا عاما ساهم في تأكيد انطباع لرجل ستيني عبر عنه بالقول: «في زيارة البابا السابق كان الناس مبسوطين بالزيارة، هاي المرة كثير من الناس ما كانوا مرتاحين».

مبالغة إعلامية ساهمت في فتور شعبي حيال زيارة البابا
 
21-May-2009
 
العدد 77