العدد 77 - الملف | ||||||||||||||
ابراهيم قبيلات لم تفاجأ المعارضة بانعقاد مؤتمر دافوس على شاطىء البحر الميت للمرة الأولى العام 2003، فقد كانت الاستعدادات جارية لعقده منذ زمن. لكن المعارضة، مع ذلك، لم تعقد مؤتمر بديلا عنه أو مناهضا له، على غرار ما كان قد حدث في البرازيل قبل ذلك بعامين، فاكتفت بإصدار بيان أعدته لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع، ربطت فيه بين انعقاد مؤتمر دافوس، واحتلال العراق، ومشروع الشرق الأوسط الكبير، معلنة رفضها للمؤتمر، وختمت البيان بالقول: «لا لدافوس البحر الميت، لا لبيع الوطن ومؤسساته، لا لتدخل صندوق النقد الدولي وبرامجه». العام 2004 لم تعقد المعارضة مؤتمراً بديلاً، ولم تصدر حتى بيانا، كما حدث في العام الذي سبقه. لكن العام 2005 شهد تحركاً مناهضاً للمؤتمر الذي عقد على شاطىء البحر الميت، فعقدت المعارضة ما أطلق عليه اسم «اللقاء الوطني لمواجهة الهيمنة الاقتصادية والسياسية» تحت شعار «مناهضة المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» البحر الميت العام 2005»، في مقر جبهة العمل الإسلامي فرع تلاع العلي. وقد تم ذلك بدعوة من «اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع». شارك في المنتدى إبراهيم علوش وأحمد النمري بين آخرين، قدموا خلال ثلاث جلسات عمل عددا من الأوراق: «دافوس: منتدى العولمة الإمبريالية»، و«مشروع الشرق الأوسط الكبير»، و«اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة»، و«نحو مشروع شامل للمقاومة والمواجهة»، وغيرها من الأوراق، التي انطلقت من أن «عقد مثل هذه المؤتمرات يهدف إلى بسط النفوذ الأميركي الصهيوني على المنطقة من خلال طرح الموضوع الاقتصادي لخدمة الأهداف السياسية، والذي يؤدي بالضرورة إلى مزيد من التبعية والهيمنة الأميركية»، بحسب ما جاء في كتيب صدر عن اللقاء. وخرج المؤتمر بعدد من التوصيات، من بينها: «العمل على تحقيق حركة شعبية عربية مناهضة للعولمة على قاعدة من الثوابت القومية والإسلامية، وفي مواجهة مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يستهدف تدمير الرابطة القومية العربية والهوية الإسلامية»، و«التنسيق مع الحركات المناهضة للعولمة والتأثير على توجهاتها بما يخدم ثوابتنا الوطنية والقومية، والعمل على بلورة شعار عولمة المقاومة ونقل هذا الشعار إلى حيز التطبيق العملي». في العام 2007 عاد المؤتمر إلى الانعقاد على شاطىء البحر الميت بعد انعقاده في مصر العام 2006، لكن شيئا لم يصدر عن المعارضة ضد هذا الحدث، وهو ما تكرر قبل أيام حين عقد المؤتمر الأخير، فلم يصدر عن المعارضة شيء في هذا المجال، فهل يمكن اعتبار ذلك نوعا من فشل المعارضة في إيجاد بديل لمؤتمر دافوس؟ الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد حاول الإجابة عن تساؤل لـ «ے» بقوله: «في العام 2003، وضعنا برامج اقتصادية وطنية لتكون بديلا وطنيا عن دافوس، ورفعناها إلى الحكومة التي وضعت في الأذن الأولى طيناً وفي الأخرى عجيناً». ويستنتج بني ارشيد من ذلك أنه «لم يعد هناك ما يعطي الأمل من جانب الحكومة لنستمر في تقديم البرامج والحلول». نغمة اليأس نفسها بدت في حديث عبد اللطيف عربيات، الأمين العام الأسبق لجبهة العمل الإسلامي الذي قال «ے» إن «فتور الدعوات من المعارضة لعقد مؤتمر وطني في الفترات الأخيرة، جاء لافتقارها المناخ الإيجابي من قبل الحكومة، بالإضافة لغياب المشجعين من مستثمرين وغيرهم». لكن لمنير الحمارنة الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني رأيا آخر، فهو يعتقد أن «البديل المحلي لمؤتمر دافوس لا يخرج عن كونه ردة فعل، قوامها أن دافوس ليس المصدر لبناء حالة اقتصادية محلية، وأن هناك ضرورة لأن يكون هناك جهد وطني لوضع سياسة اقتصادية تعتمد على الإمكانيات الذاتية وتأخذ بعين الاعتبار العلاقات مع الخارج». وفي هذا المجال يشير الحمارنة إلى أنه في العام 2008، أصدر التيار الوطني الديمقراطي المكون من: حزب البعث التقدمي وحزب الشعب الديمقراطي (حشد) والحزب الشيوعي الأردني وبعض المستقلين وثيقتين: الأولى، بعنوان: الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وبرنامج البديل الديمقراطي، والثانية: بعنوان الازمة المالية والاقتصادية العالمية وأثرها على الأردن. ويؤكد الحمارنة: «وضعنا هاتين الوثيقتين لمعالجة الوضع الاقتصادي؛ باعتمادنا على الذات واستعادة الحكومة لدورها الاقتصادي التنموي والرقابي إلا أن الحكومة لم تبد أي اهتمام به». رئيس رابطة الكتاب الأردنيين سعود قبيلات يرى أن «النشاط الذي تقوم به النقابات والأحزاب هو نشاط احتجاجي فقط، غايته رفض التطبيع، وكذلك لطابعه الرأسمالي». لكنه يحتفظ بوجهة نظر عن البديل لمؤتمر دافوس تتلخص في أن «البديل يجب أن يكون عربياً إسلامياً وفق المصلحة العامة وحاجة الدول وإمكانياتها؛ من خلال تفعيل السوق العربية وتعزيزها وتشجيع التكامل الاقتصادي العربي وفق مبدأ التعاون العربي». يتفق مع قبيلات كل من النائب في المجلس الحالي عن جبهة العمل الإسلامي، حمزة منصور، ونقيب المهندسين الزراعيين عبد الهادي الفلاحات، ونقيب الجيولوجيين الأردنيين بهجت العدوان الذين يرون أن «البديل هو عربي إسلامي»، وأنه يجب أن يتم من خلال تفعيل منظومة العلاقات الاقتصادية العربية بما ينعكس بالإيجاب على دورها التنموي. منصور يؤكد أن»تفعيل السوق العربية المشتركة وإيجاد وحدة اقتصادية عربية وبناء شراكة اقتصادية مع دول عربية وإسلامية، هو الملاذ الآمن للاقتصاد العربي بعامة والأردني بخاصة»، في إشارة منه إلى الإمكانات العربية المتاحة من خبرات اقتصادية ورأسمال عربي قادر على خلق منظومة اقتصادية عربية، تأخذ في اعتبارها الحاجات المحلية لكل دولة، بهدف إيجاد تكامل اقتصادي عربي بعيداً عن الضغوطات الغربية. ويشسدد على «حاجتنا الملحة إلى رواد عرب لتثبيت دعائم وحدة اقتصادية عربية». العدوان يشير إلى أن «الحديث عن بدائل محلية لما يتم طرحه من مشاريع اقتصادية في دافوس غير مفعل؛ لغياب التكامل الاقتصادي العربي الحقيقي، بالإضافة إلى عزوف القطاع الخاص عن الدخول في مشاريع إنتاجية تنموية طويلة المدى». أما عربيات، فيرى أن «العرب ليسوا مطالبين بتوفير بديل لدافوس، بالإضافة إلى أنهم غير مؤهلين لإيجاد مؤتمر عربي بديل للمؤتمر المذكور، فهم تابعون وليسوا متبوعين». في حين يقدم العدوان وجهة نظر أخرى يطلب فيها ب«إيجاد حالة اقتصادية محلية وعربية تكون حاضنة لعقد مؤتمر اقتصادي موازٍ لدافوس؛ للاستماع إلى وجهات نظر وبدائل للنهوض بالاقتصاد الوطني اعتماداً على رأس المال المتاح والكفاءات المحلية والعربية». رئيس لجنة الحريات في نقابة المهندسين ميسرة ملص يقول: «البديل المحلي يجب أن يرتكز إلى خصخصة الإدارة وليس إلى خصخصة رأس المال». بالإضافة إلى «عدم كف يد الدولة عن مواصلة الدعم للمواطنين ومعالجة الفقر والبطالة وزيادة التجارة العربية البينية، المتأتية من التكامل الاقتصادي العربي». الحمارنة، يرى أن «مؤتمر دافوس يضع سياسة اقتصادية لكل الدول النامية، التي يجب عليها أن تتبعها وتخضع أوضاعها الداخلية لهذه السياسة، من دون الأخذ في الاعتبار الحاجات الأساسية لكل دولة». ملص، بدوره، يؤكد ضرورة أن «تقدم الحكومة بيئة حوارية اقتصادية مناسبة؛ للبحث في المشاكل الاقتصادية المحلية وتقديم الحلول العلمية بما يتواءم والحاجات والإمكانات المحلية»، ولكن الحمارنة يرى أن «البيئة الحوارية التي يتمتع بها دافوس غير متاحة لنا»، معللاً ذلك «بافتقار الأردن للحد العالي من الديمقراطية الذي تستند إلى المؤسسية». وهو قول يتفق معه الخيطان، مدير تحرير صحيفة «العرب اليوم» الذي يعتقد أن «هناك محاولات تجرى لتوفير بيئة حوارية مشابهة لدافوس إلا أنها ضعيفة». فهد الخيطان، يرى الأمر من زاوية أخرى إذ يقول إن ما يحدث على الساحة المحلية من تظاهرات للتنديد بدافوس «ما هو إلا اجتماعات تتسم بأجواء انفعالية وأقرب ما تكون للفزعة» ولا تخضع لبرامج علمية قادرة على تقديم حوار اقتصادي لمواجهة برامج العولمة يستند في ذلك إلى أسس علمية». ولكن الخيطان لا ينسى التشديد على «نجاعة وجود دافوس أردني» يعمل بمشاركة الجهات المسؤولة، على توفير ملتقى أردني للبحث في التحديات الاقتصادية التي تواجهنا واقتراح الحلول لها. |
|
|||||||||||||