العدد 77 - الملف | ||||||||||||||
محمد كامل شهد اليوم الأخير لانعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت، والذي اختتم أعماله في السابع عشر من شهر أيار/مايو الجاري، عن توقيع العديد من الاتفاقيات الاستثمارية بين الأطراف المختلفة التي حضرت المؤتمر. ففي ظل الحضور التمثيلي الموسع للدول والهيئات والمنظمات ذات الصلة، وكثافة التواجد الإعلامي في المؤتمر، انتهز المسؤولون من القطاعين العام والخاص، فرصة انعقاد المنتدى للإعلان عن توقيع عدد كبير من الاتفاقات، وكان الأردن قاسما مشتركا بين عدد من هذه الاتفاقيات. وربما كان الإنجاز الأبرز في المؤتمر في ما يتعلق بالأردن، هو التوقيع على اتفاقيتي قرض بين الأردن من جهة وكل من بنك الاستثمار الأوروبي والوكالة الفرنسية للإنماء، يدفع بموجبها كل من البنك والوكالة مبلغ 100 مليون دولار لتغطية المساهمة الحكومية في مشروع الديسي الذي يتضمن جر مياه الحوض من منطقة الديسي الجنوبية إلى عمان. كما تم الإعلان عن اتفاقية بين البنك الدولي والحكومة الأردنية يقوم بموجبها البنك بتمويل دراسة عن الجانب البيئي لمشروع ناقل البحرين، الذي يتضمن نقل مياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت لإنقاذه من الجفاف، وتوفير ما يقارب 700 مليون متر مكعب من المياه العذبة سنويا لكل من الأردن، وفلسطين، وإسرائيل. وشهد المؤتمر أيضا، توقيع اتفاقية امتياز استخراج الطاقة من الصخر الزيتي بين الحكومة، ممثلة بسلطة المصادر الطبيعية وشركة الصخر الزيتي الأردنية من جهة، وشركة شل البريطانية من جهة أخرى. ومن الملاحظ أن معظم المشاريع التي تم التوقيع عليها هذه الدورة، كانت قد طرحت في أكثر من اجتماع سابق للمنتدى، فمشروع جر مياه الديسي الذي يعود الحديث عنه إلى نحو 18 عاما خلت، كان قد طرح في مؤتمرين عقدا على شاطىء البحر الميت عامي 2004 و2005. الأمر نفسه ينطبق على مشروعَي ناقل البحرين والصخر الزيتي، إذ كان المشروع الأول قد طرح للمرة الأولى العام 1995، في المؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي عقد في عمان، قبل أن يعاد طرحه العام 2003، ثم مرة أخرى، وبقوة وتفصيل أكبر، في مؤتمر العام 2005. وفي العام نفسه طرح مشروع استخراج الطاقة من الصخر الزيتي. الجديد في اجتماعات العام الجاري انتهاز المسؤولين الفرصة للإعلان عن تحويل المنطقة التي يعقد فيها المنتدى البحر الميت لتكون منطقة تنموية لتطوير المكان وجذب الاستثمارات السياحية، بعد إطلاق مناطق تنموية أخرى في المفرق واربد ومعان ما يعزز فكرة المناطق التنموية في البلاد بوصفها رافعة للاقتصاد المحلي. تعود قصة انعقاد مؤتمر دافوس في منطقة البحر الميت إلى العام 2003، ففي ذلك العام جاء اختيار ضفاف البحر الميت في 21 حزيران/يونيو 2003، لتحتضن أول دورة استثنائية يعقدها المنتدى خارج مدينة دافوس. كان ذلك في أعقاب الاحتلال الأميركي للعراق، وعقد المؤتمر تحت عنوان «رؤى لمستقبل مشترك». على المستوى الرسمي، كان اللافت في ذلك المؤتمر حضور وزير الخارجية الأميركي كولن باول، والممثل التجاري الأميركي، آنذاك، روبرت زوليك اللذين ركزا في حديثهما على مبادرة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش حول منطقة تجارة حرة بين أميركا والمنطقة، كان بوش قد أعلن عنها في 9 نيسان/ ابريل 2003. في ذلك العام، أطلق المنتدى خلال اجتماعاته ثلاث مبادرات هي: المبادرة الأميركية المتمثلة في إقامة منطقة للتبادل الحر بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط خلال عشر سنوات، مبادرة النساء القائدات التي تجمع بين رائدات العمل النسائي في العالمين العربي والغربي بهدف دفع وتيرة القضايا التي تؤثر عليهن في المنطقة. والمبادرة الثالثة هي «هيئة المئة»، التي يترأسها الأمير تركي الفيصل آل سعود، رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وتهدف إلى ترويج الحوار والتفاهم بين الإسلام والغرب، وتضم مئة شخصية عالمية في مجالات الإعلام، والسياسة، والاقتصاد، والفن، والفكر. كما تم الإعلان عن شراكات من بينها شراكة استراتيجية بين شركة الموارد الوطنية الأردنية وشركة سعودي أوجيه، وافتتاح مشروع البرومين في غور الصافي جنوب الأردن، وهو شراكة أميركية مع شركة البوتاس العربية وفندق ماريوت على شاطئ البحر الميت. وفي 15 أيار/مايو 2004 بدأت فعاليات المنتدى الذي عقد للمرة الثانية في البحر الميت، وسط تواجد إسرائيلي مكثف في الجلسات المخصصة لبحث قضايا الشرق الأوسط، مع تركيز على دور الاقتصاد في الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط. وأطلق المنتدى مبادرة عربية جديدة حددت الرؤية للعام 2010 من أجل تحقيق التغيير المنشود والتنمية المستدامة. ومن بين الملفات الاقتصادية التي بحثها المشاركون: «الاقتصاد العالمي»، و«البترول»، إضافة إلى «الإصلاح الاقتصادي في الشرق الأوسط»، و«دعم القطاع الخاص»، و«دعم القطاع المصرفي على المستوى الإقليمي والشراكة الأوربية المتوسطية»، و«تحرير الاقتصاد»، و«دمج الاقتصاد الإقليمي بالعالمي، ومناقشة القطاعات ذات الأولوية للدمج»، و«تسهيل إجراءات الاستثمار»، و«العلاقات الاقتصادية العربية الأميركية»، و«مشروع قناة البحر الأحمر - البحر الميت». وفي أيار/مايو 2005 ركز المنتدى في دورته الثالثة التي يعقدها على شاطىء البحر الميت بشكل واضح على قضايا «حقوق المرأة». أما على الصعيد الاقتصادي فقد كان الأبرز في ذلك العام تأسيس مجموعة الدول الإحدى عشرة، بمبادرة من الملك عبدالله الثاني، وذلك بهدف تأطير عمل الدول الأقل دخلا في فئة الدول متوسطة الدخل التي تضم ربع سكان العالم من أجل إيجاد منتدى للتعاون ولتبادل المعرفة في ما بينها وحشد الدعم الدولي الضروري لتنمية اقتصادياتها. وتناولت فعاليات المنتدى قضايا التنافسية العربية، والبنية التحتية، والإصلاح السياسي والاقتصادي، واستعراض عملية برشلونة، والسلام، والتعليم، وتنافسية القطاع المالي، والأمن المائي، والمجتمع المدني، وتحركات العملة وأسعار الصرف، والمخاطر الدولية، ومحركات النمو، والتجارة، ودور المرأة في المجتمع، وأسعار النفط، بالإضافة إلى السياحة وسياسة الولايات المتحدة الأميركية الخارجية، والفساد، والإصلاح، والشباب، ومشروع قناة البحر الأحمر - البحر الميت. علاوة على طرح مواضيع تتعلق باستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والإصلاح القضائي، والإعلام العربي، والدين، والسياسة، والانتعاش الاقتصادي الفلسطيني، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والثقافات، والتجارة الإقليمية، والتمويل متناهي الصغر. كما ركز على أهمية انتهاز الفرص، وتركيز الجهود على الاعتماد على مناخ التغيير الحالي في منطقة الشرق الأوسط من أجل تحسين مستويات المعيشة، وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام العادل والشامل، وتعزيز الفرص الاقتصادية المتاحة. أما أهم المشاريع التي تم إطلاقها على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي العام 2005 فكانت إطلاق مشروع سرايا العقبة بكلفة نصف بليون دولار. وخلال مؤتمر صحفي عقد على هامش اجتماعات المنتدى، تم التوقيع على اتفاقية الشراكة بين سرايا الأردن والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي والبنك العربي وشركة تطوير العقبة - وهو المشروع الذي اشتمل على استثمار عقاري سياحي ضخم برأسمال يفوق ربع بليون دينار، ويحمل اسم سرايا العقبة. وأعلن عن شراكة استراتيجية لتنفيذ مشروع «المدن الملكية»، بين بيت التمويل الخليجي، المستثمر الرئيسي في المشروع، وكل من الشركة الكويتية للتمويل والاستثمار، وأمانة عمان الكبرى، في المرحلة الأولى من المشروع، المسمى «بوابة الأردن»، حيث تصل كلفة المشروع الإجمالية إلى بليون دولار. وأعلنت شركة «دبي أنترناشيونال كابيتال» التابعة لشركة دبي القابضة عن إطلاق محفظة استثمارية في السوق الأردنية بحجم إجمالي يصل إلى 200 مليون دينار، أي ما يعادل 272 مليون دولار. وأعلنت أربع شركات عالمية هي: مايكروسوفت، سيسكو سستمز، وهيولت باكارد، وسيمنز في ختام اجتماعات عقدها مسؤولو هذه الشركات في مقدمتهم بيل جيتس وكارولي نيورلينا بدء الاستثمار في الأردن، والمشاركة في مشاريع الحكومة الالكترونية، والربط بين الجامعات والمدارس، واعتماد الأردن مركزا إقليميا ومنطلقا إلى مناطق أخرى من العالم. في العام 2007 عاد المؤتمر ليعقد على شاطىء البحر الميت بعد انعقاده في مصر في العام السابق. وقد طالب المنتدى في دورته تلك بتفعيل التعددية، وسلط الضوء على المساعي الرامية إلى تعزيز فرص السلام في منطقة الشرق الأوسط. اقتصاديا، تم توقيع العديد من الاتفاقيات أبرزها: توسيع مطار الملكة علياء الذي فاز به الائتلاف اليوناني القبرصي العربي بكلفة تتجاوز 350 مليون دينار، واتفاقية مبدئية تخص مشروع سكة حديد عمان - الزرقاء بكلفة تتجاوز 200 مليون دولار مع ائتلاف باكستاني صيني أردني. غير أن الحكومة ما لبثت أن أنهت اتفاقية كانت وقعتها مع الائتلاف المذكور بسبب تخلفه عن تقديم الوثائق المطلوبة منه، ثم أوكلت المشروع إلى ائتلاف كويتي إسباني يعرف باسم (فليكس)، لأنه كان قد حل في المرتبة الثانية من بين ثلاثة أئتلافات انطبقت عليها شروط العطاء. ولكن المشروع ما لبث أن تعثر من جديد، ولم ينفذ بعد. في العام 2008، عقد مؤتمر دافوس للمرة الثانية بعيدا عن الأردن، فقد استضافته مصر للمرة الثانية، قبل أن يعود إلى الأردن في العام الجاري. |
|
|||||||||||||