العدد 77 - أردني
 

محمد شما

يعود الجدل مجددا حول شركات التأمين، وحقها في فرض إلزامية التأمين على الجميع بحد أدنى من الرسوم، فبينما تطالب الشركات بفرض غرامات على السائقين «المتهورين»، في إطار تعديل على القانون، يشتكي مواطنون من «تغوُّل» هذا القطاع على جيوبهم.

لذلك أطلق محامون حملة «هلكتونا» لمجابهة ارتفاع تسعيرة شركات التأمين، والمطالبة بـ«عدم ربط قسط التأمين بعدد الحوادث التي يتسبب بها السائق». في المقابل تصر «هيئة التأمين» على ربط القسط بالسجل المروري وفقاً للآلية المنصوص عليها في نظام التأمين الإلزامي للمركبات المطبق حالياً.

الحملة الشعبية أطلقت أوائل شباط/فبراير الماضي احتجاجا على ما أسموه «سياسة شركات التأمين في تخفيض قيم التعويض عن الحوادث المؤمن ضدها»، إضافة إلى «ارتفاع تعقيد الإجراءات وارتفاع قسط التأمين».

يلوّح القائمون على الحملة بتنفيذ «جملة إجراءات تصعيدية من إضرابات واعتصامات في حال لم تستجب الجهات الرسمية والتأمينية لمطالبهم»، بحسب ما يؤكد المنسق العام للحملة المحامي عبد الكريم الشريدة.

يقول الشريدة إنه ورفاقه أطلقوا الحملة للمطالبة «بتخفيض أقساط التأمين ودراسة مدى تناسبها مع قيم المخالفات، من دون إلحاق أضرار بجميع الأطراف».

«هلكتونا» تستهدف أيضا دراسة حلول عملية للحد من حوادث السير مثل: رفع سن الحد الأدنى لنيل رخصة قيادة المركبات، وضمان المساواة بين جميع السيارات للحيلولة دون الاستثناءات المخالفة للقانون.

ينفذ القائمون على الحملة دراسات بهدف الاطلاع على حجم أرباح شركات التأمين، وحجم إيرادات المخالفات المرورية. ويؤكد الشريدة أن بيانات شركات التأمين تبين نمو أقساط التأمين المكتتبة في العام 2008 إلى 291.6 مليون دينار، من بينها أرباح قبل الضريبة قدرها 17 مليون دينار.

ويرى الشريدة أن المواطن الأردني واقع «بين فكَّي الحكومة وحيتان التأمين».

على أن شركات التأمين تدافع عن حقّها في فرض أقساط أعلى على أصحاب المخالفات ومتسببي الحوادث.

«في علم التأمين هناك شخصٌ طبيعي وآخر مستهتر؛ الطبيعي من المفترض أن يكون قسط تأمينه أقل من المستهتر. ولا يجوز أن يدفع الثاني القسط نفسه الذي يدفعه الملتزم بقواعد السير، لأن الذي يتسبب بالحوادث يشكل خطورة على المواطنين وشركات التأمين»، يقول رئيس الاتحاد الأردني لشركات التأمين، المحامي جمال الحسين.

«الاتحاد» يحث الحكومة على ربط قسط التأمين بحوادث السير، بحسب الحسين الذي يذهب حد مطالبة الحكومة بـ«تعديل نظام التأمين الإلزامي، بحيث يسمح لها عدم تجديد التأمين للمستهترين أبدا».

يرى الحسين أن قسط التأمين في الأردن «متدنٍّ» بالمقارنة مع دول الجوار. ويقول: «آن الأوان لأن يطرأ التعديل عليه. في لبنان مثلاً، قسط التأمين هناك لا يغطي الحادث الذي لا يتسبب بوفيات، وهذا عكس ما يحدث في الأردن». وينتقد مديرية الأمن العام ووزارة الداخلية، معتبراً أن إجراءاتهما «تعطل القانون» المفترض تطبيقه.

من جهتها، ترفض مديرية الأمن العام تسليم اتحاد شركات التأمين «السجل المروري للمؤمن له»، وفق تصريح مساعد مدير الأمن العام لشؤون السير العميد ظاهر الغرايبة، هذا الرفض تعدّه شركات التأمين «عائقاً» لا يمكن من دونه زيادة أقساط التأمين الإلزامي «ضد الغير»، على ما يقول الحسين.

من أبرز تعديلات القانون التي اقترحتها هيئة قطاع التأمين على الحكومة: رفع سقف التغطية والتعويض، وتخفيض قسط التأمين للسائق غير الخطر، وشمول سائق المركبة المتسبب بالحادث بالتغطية التأمينية، إضافة إلى رفع سقوف التغطيات التي يوفرها النظام الحالي.

التأمين في الأردن يغطي الأضرار الجسدية والمادية لغاية 75 ألف دينار، والأضرار جراء الوفيات لغاية 12 ألف دينار، والعلاج لغاية 5 آلاف دينار بدل عطل وضرر وفوائد منفعة، هي جميعها -بحسب الحسين- ميزات لا تتوافر إلا في الأردن.

«النظام» يربط الأقساط بالنقاط المرورية الصادرة سندا للمادة السابعة ( أ ) من نظام التأمين الإلزامي.

تأسست هيئة قطاع التأمين بمقتضى قانون «تنظيم أعمال التأمين» لسنة 1999، لتنظيم قطاع التأمين وتطويره والرقابة والإشراف عليه، ولتلقي شكاوى المواطنين وملاحظاتهم، حول تعاملاتهم مع شركات التأمين، وتتدخل لحل الخلافات بين الطرفين.

قامت الهيئة منذ أكثر من شهرين بتقديم مشروع معدل لنظام التأمين الإلزامي «هو الآن قيد الدراسة لدى رئاسة الوزراء» -وفق رائد حدادين، مدير الشؤون القانونية في هيئة قطاع التأمين. جاء ذلك بعد إقرار نظام التأمين الإلزامي نافذ المفعول لسنة 2001 -2002. «وقد ثبت للهيئة وجود ثغرات في النظام وبعض النصوص غير المفهومة، بالتالي «أدخلت الهيئة بعض التعديلات بغية حماية المؤمن لهم وإبقاء العلاقة بين شركات التأمين والمؤمنين».

يضيف حدادين أن تطبيق مبدأ «الثواب والعقاب» في ظل النظام الحالي «أمر ضروري» حيث إن المطبق حالياً هو «العقاب» فقط. ويقول: «علينا أن نكافئ السائق الجيد الذي لا يرتكب المخالفة المرورية، حيث سيخفض قسط التأمين عليه، بالمقابل يرتفع أمام المخالف في مسعى نحو تحقيق العدالة».

نقابياً، فإن البنود التي سيطرأ عليها التعديل «جوهرية» وفق نقيب السائقين العموميين محمود المعايطة، «وستكون فاعلة، إلى حد كبير، في تغيير سلوك السائقين لتخفيف المخالفات المرورية، التي تكون سببا مباشرا في الحادث المروري».

كان العميد ظاهر الغرايبة، أكد في تصريحات إعلامية سابقة أن «المديرية» ترفض ربط أقساط التأمين الإلزامي بالمخالفات، وتصر على ربطها بالحوادث.

ودخلت «المديرية» في تسوية قضية نظام النقاط المرورية مع شركات التأمين، لكن لم يرشح شيء عن هذه التسوية. وكان إعلان اتحاد شركات التأمين بتطبيق نظام النقاط المرورية الذي بدأ في 31 كانون الثاني/يناير الماضي، هو الخطوة الفعلية وسط اعتراضات جوبهت بها.

الاتحاد الأردني لشركات التأمين يتهم مديرية الأمن العام بـ«تعطيل» تطبيق نظام النقاط المرورية عبر تجميدها العمل بالفقرة (أ) من المادة السابعة من نظام التأمين الإلزامي. لكن المديرية نأت بنفسها ولم تشأ الرد.

فيما يكشف الحسين عن مخالفة مديرية الأمن العام للمادة السابعة (الفقرة ب) التي تنص على أن تقوم مديرية الأمن العام بتزويد شركات التأمين بالسجل المروري بالسائق والمؤمن له. وتنص المادة العاشرة من تعليمات النقاط المرورية، في أربع فقرات، على أحقية المواطن في الاستعلام عن النقاط المرورية، وتنص الفقرة (ب) على أن لشركات التأمين حق الاستعلام على النقاط المرورية.

يؤكد القائمون على حملة «هلكتونا» أن حملتهم ستبقى مستمرة إلى حين «الوصول إلى العدالة في قطاع التأمين الذي يحتاج إلى تشريعات ناظمة لعلاقته مع المواطنين».

مطالبات بتعديل نظام التأمين الإلزامي بين شركات التأمين والمواطن “قصة حقوق” لا تنتهي
 
21-May-2009
 
العدد 77