العدد 76 - كاتب / قارئ | ||||||||||||||
من أجل عالم خالٍ من العنصرية وكراهية الأجانب، واحترام الكرامة المتأصلة لجميع البشر، والمساواة في ما بينهم، عُقد مؤتمر الأمم المتحدة بجنيف للتقييم ولمواصلة ما بدأه مؤتمر ديربان 1 بجنوب إفريقيا 2001. كان المؤتمر الأول فرصة للمصارحة والمصالحة بين الشمال والجنوب، ومعالجة رواسب قرون من الاستعمار والرق والتمييز العنصري، لكن من غير المفهوم أن الدول التي احتجّت وانسحبت أو قاطعت المؤتمر الأول هي نفسها التي قاطعت المؤتمر الثاني في نيسان/أبريل 2009، مما يعكس النفاق وازدواجية المعايير، ويزيد اتساع الفجوة وعدم الثقة في هذه الدول التي ترفض بعناد الاعتذار عن ماضيها الاستعماري، والتكفير عن خطاياها، وممارساتها البربرية في مستعمراتها. اعترضت هذه الدول على وصف إسرائيل بـ«دولة احتلال عنصرية، أو إرهابية» رغم أن هذا هو واقعها تبعاً لممارساتها اليومية وحروبها المستمرة منذ قيامها حتى اليوم. إسرائيل نفسها التي هاجمت العراق (1981)، وتحشد الرأي العام لمهاجمة إيران بدافع حماية أمنها الذي لا حدود معروفة له! لهذا يحق لقادة إيران وغيرهم تكرار القول بـ«أن العالم سيكون أفضل دون إسرائيل»، والرئيس الإيراني في ديربان 2 قال كلاماً في وصف الممارسات الإسرائيلية بينما هي تمارس أفعالاً على الأرض ترقى لمستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في فلسطين والجولان ولبنان، فهل يتساوى الفعل مع الوصف؟! ثم أليس بناء الجدار العازل فعل، وحصار غزة فعل، ورفض قرارات الأمم المتحدة ومؤتمر مدريد وخريطة الطريق وأنابوليس فعل؟ ما الرسالة التي تريد الدول الغربية والولايات المتحدة إيصالها للعالم العربي؟ إنهم يقفون وراء حماية احتلال إسرائيل وإهانة العرب طيلة ستين عاماً، وإنكارها حقوق السكان الأصليين في وطنهم وحقهم في تقرير مصيرهم. إذا كانت إسرائيل مشروعاً استعمارياً ناجحاً للغرب ومعجزة القرن العشرين وموضع إعجابهم من وجهة نظرهم منذ وعد بلفور 1917 حتى اليوم، فعليهم إنقاذها من نفسها لتغليب منطق الحق والعدل والسلام الشامل على منطق حق القوة لفرض إرادتها وتحدي الجميع، طيلة أكثر من نصف قرن. وإسرائيل تمثل كابوساً في المنطقة، وأحد أسباب إعاقة تنميتها وتقدمها باستنزاف مواردها بالتسلح والحروب المتواصلة، إضافة إلى تشويه العلاقة بين الشرق والغرب، وتغذية الشكوك والعنف والكراهية لدى قطاعات متزايدة من العرب والمسلمين كردّ فعل على استمرار الاحتلال وتداعياته، بدليل اتساع فكرة تفوق العِرق والممارسات العنصرية والخوف وعدم الاستقرار. المطلوب إصلاح هيكلية الأمم المتحدة في ضوء التجربة منذ نشأتها بعد الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، وإلغاء امتياز الفيتو لإعادة الاعتبار لدورها لتكون قادرة على تحريم الحروب وتجريمها، وحل القضايا بالطرق السلمية لتحقيق حلم الإنسانية في أسرة واحدة في كوكب واحد ليس لنا غيره بديل.
محمد الحسنات |
|
|||||||||||||