العدد 76 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
تشن عدة جهات تضم كُتّاباً وناشرين ومؤسسات أخرى،حملة تهدف إلى الغاء مديرية المطبوعات والنشر. السبب المعلن لهذه الحملة هو زيادة عدد حالات منع طباعة ونشر الكتب في الأردن، أو منع تداولها إذا كانت صادرة خارج الأردن. يتعين التدقيق في جدوى هذه الحملة لو حققت أهدافها فعلاً، أي لو تم إلغاء مديرية المطبوعات والنشر، مما سيعني انتهاء ظاهرة الكتب الممنوعة. الواقع أن منع كتاب لأحد الكتاب، يمنح مرتبة ومركزا خاصاً للكتاب وكاتبه في آن بين زملائه الكتاب وبالأساس عند القراء. الكاتب الذي تمنع كتبه أكثر وجاهة وأعلى مركزا من الكاتب الذي يسمح له بالنشر والتوزيع بحرية، ويتعين التفكير جيداً بمصير هذه الحالة في حال نجحت الحملة. يعرف المهتمون بالقراءة أن أفضل وسيلة دعاية للكتاب هي منعه من التداول، لأن منع الكتب لم يكن في أي ظرف يعني حرمان القارئ المثابر من التزود بالكتاب الممنوع. بل إن القارئ الشهير هو الذي يحوز أكبر كمية من الكتب الممنوعة، بل إنه في هذه الحالة لا ينبغي أن يكون قارئاً للكتب الممنوعة المتوافرة لديه، إذ يكفي أن يكون مقتنياً لها حتى يحقق مركزاً مرموقاً في مجتمع القراء، و يفضل أن تكون النسخ أصلية، لأن هناك دائرة أوسع ممن يحوزون نسخاً مصورة من تلك الكتب الممنوعة، وهم يأتون في المركز التالي لأصحاب النسخ الأصلية. على هذا يمكن تقديم اقتراح للكتاب والناشرين، بأن يبدلوا نظرتهم إلى منع الكتب من كونها أداة حرمان من القراءة والمعرفة إلى أداة تحفيز على القراءة والمعرفة، وذلك استناداً إلى سيكولوجيا شعبية أساسها عدم الثقة بالحكومات وقراراتها. في التاريخ القريب للكتاب والنشر في الأردن، يلاحظ أن بعض الكتاب عرفوا جيداً هذا الجانب من السيكولوجية الشعبية في أوساط القراء، وقد مارسوا التحرش بمديرية المطبوعات لدفعها إلى منع كتبهم، وحققوا من وراء ذلك حضوراً قوياً مترافقاً، مع قدر كبير من التعاطف يفوق ما حازوا عليه من حجم قراءة. |
|
|||||||||||||