العدد 76 - اعلامي
 

جهاد عواد

ترى نقابة الصحفيين أن استطلاعات الرأي والتقارير الدولية والمحلية التي تخرج دورياً حول الحريات الصحفية في المملكة، تُعبِّر عن «انتهاكات فردية ولا تشكل سياسة عامة، في التعامل مع الصحافة والإعلام».

النقابة عبرت عن ذلك في بيان أصدرته مؤخراً بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي صادف في الثالث من أيار/مايو الماضي، بيد أن نقيب الصحفيين بالإنابة حكمت المومني، كان أكثر قسوة مما ورد في البيان، في نقد تلك التقارير، معتبراً أن بعضها دون أن يحدده «ينفذ أجندات خاصة به، وميزان القياس المتبع ليس علمياً».

كانت تقارير دولية ذكرت أن الحريات الصحفية في المملكة آخذة في التراجع حالياً، فيما أوضحت التقارير المحلية أن الحريات الصحفية تراوح مكانها، وأن نسبتها هي النسبة ذاتها التي كانت العام الماضي.

تقارير منظمات «مراسلون بلا حدود» و«بيت الحرية/فريدرم هاوس» الأميركي أشارت إلى أن المملكة تتراجع بشأن الحريات الصحفية حيث أظهر تقرير «مراسلون بلا حدود» بداية العام الجاري، تراجع المملكة على سُلَّم الحريات الصحفية بواقع 6 نقاط، كما أظهر «بيت الحرية» أن ترتيب المملكة تراجع، وأن الأردن دولة «غير حرة» صحفياً، فيما بيّن تقرير مركز حماية وحرية الصحفيين أن الأردن لم يتقدم في مجال الحريات الصحفية عن الأعوام السابقة و«يراوح مكانه».

بيان النقابة ظهر فيه بوضوح عدم موافقتها على المكانة التي يتم فيه وضع المملكة فيها ضمن سُلَّم الحريات الصحفية، مذكّراً أن الأردن كان أول دولة عربية تقر قانوناً لحق الحصول على المعلومات.

وحتى لا تبدو النقابة تدافع من أجل الدفاع فقط، آثرت أن تؤشر إلى اعتقادها بوجود جهات حكومية وغير حكومية، ما زالت تعيق بقصد أو بغير قصد حق الصحفيين في الوصول إلى المعلومات، بما يؤدي بالتالي إلى حرمان المواطن من حقه في الحصول على المعلومات، من مصادرها الموثوقة ويكون عرضة لتداول الإشاعات.

الحكومة بلسان وزير الإعلام والاتصال نبيل الشريف، تنأى عن نقد أي من التقارير أو التشكيك بها، وإنما تكتفي بالقول إنها «ستدرسها عن كثب وسترد عبر الطرق الدبلوماسية عليها»، الحكومة بهذا اختارت ان يكون الرد هادئاً، ودون ضجيج إعلامي مرافق، ورفضت الاتجاه نحو التشكيك فيها.

نقيب الصحفيين عبدالوهاب زغيلات علّق لـ«ے» على تلك التقارير قبل توجهه للإمارات العربية المتحدة يوم الأحد 10/أيار/مايو، لحضور حفل توزيع جائزة دبي للإعلام، إذ يرى أن النسب التي يتم الإشارة إليها ليست دقيقة 100 في المئة، معرباً عن اعتقاده أن الحريات الصحفية في ارتفاع بخلاف ما يرد في التقارير، ويدلّل على ذلك بأن الصحف والمواقع الإلكترونية والإعلام بشكل عام، تنتقد الحكومة وممارساتها و«تشن هجوماً» على وزراء ونواب ورؤساء حكومات «بكل أريحية»، دون أن يتم التعرض لها بالمساءلة أو الملاحقة، مشيراً إلى أن هذا الواقع «يؤشر إلى أن مستوى الحرية جيد وإن كنا نبحث عن الأفضل».

في الوقت نفسه، يقر النقيب بأهمية تطوير القوانين الناظمة للعمل الصحفي ومنها، قانون المطبوعات والنشر، وتفعيل قانون حق الحصول على المعلومة، وعدم حبس الصحفي في قضايا ذات صلة بالتعبير.

نقيب الصحفيين بالوكالة حكمت المومني ذهب بعيداً في نقده للتقارير، إذ اعتبر أنها «تفتقد للدقة والمصداقية، وتعبر أحياناً عن أمزجة دول معينة»، وأن بعضها يتم «تسييسه خدمة لأغراض أخرى»، معتبراً دون أن يوضح أن بعضها يفتقد لـ«عنصر الموضوعية»، و«لا يعكس حالة الحريات الصحفية في المملكة، وإنما يتحدث عن قضايا محدودة يمكن أن تكون شخصية في بعض الأحيان، وانتهت من أمد طويل، ويتم تناولها على أساس أنها حريات صحفية».

يستدرك المومني موضحاً أن كلامه يجب أن لا يفهم منه التربيت على أكتاف الحكومة وأن الحريات الصحفية في المملكة «مرتفعة وجيدة وليست بحاجة للمراجعة»، متفقاً مع مع ذهب إليه زغيلات بشأن تطوير التشريعات الناظمة للعمل الصحفي.

يشن النقيب بالوكالة هجوماً على التمويل الأجنبي الذي يهاجم من قبل البعض منذ التسعينيات، لافتاً أن النقابة لا تتعامل مع تقارير تخدم «أجندات معينة» أو تلك التي تصدر عن مراكز يتم تمويلها من الخارج»، رافضاً في الوقت عينه تسمية المؤسسات التي تعتمد النقابة تقاريرها والمؤسسات التي يتم التشكيك فيها.

عضو مجلس نقابة الصحفيين السابق سليمان قبيلات، يعتبر أن «أغلب الاستطلاعات الدولية حول الحريات الإعلامية في المملكة تتحدث عن نسب واقعية وحقيقية»، وأن التشكيك فيها «لا يؤدي إلى تطوير العمل الصحفي ورفع سقفه»، غير أنه يحتفظ بعلامات استفهام بشأن الاستطلاعات التي تقوم بها جهات محلية باعتبار أن الأسئلة في التقارير المحلية تقوم على «مزاجية الجهة السائلة، ومدى توافقها مع الحكومة ورضا الحكومات عنها»، لافتاً أن تلك القناعة وصل إليها من مطالعته لطبيعة الأسئلة.

مدير مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، يؤكد أن آلية الاستطلاع الدوري الذي يقوم به مركزه «علمي»، وأن الاستطلاعات كافة تقوم على اختيار عينات عشوائية، داعياً في الوقت عينه إلى الالتفات إلى تطوير منظومة القوانين الناظمة لعمل الصحفي بدل أن يتم التهجم على الاستطلاعات.

أمين سر نقابة الصحفيين ماجد توبة، اعتبر أن ما تخرج به الاستطلاعات والتقارير والدولية هو انعكاس للواقع الإعلامي، مشيراً إلى أن عدم وجود قضايا صحفية تم رصدها وعدم القول بالتضييق على الصحفيين مرده أمور أخرى من أبرزها أن «الملف الصحفي لا يتم التعامل معه على أساس سياسي وإنما وفق رؤية أمنية».

الحكومة تتلقاها بهدوء والنقابة تعتبرها مُبالغاً بها تقارير الحريات بين قبول وتشكيك
 
14-May-2009
 
العدد 76