العدد 76 - استهلاكي | ||||||||||||||
مشهد غريب تشهده أسواق البلاد، وبخاصة مولاتها هذه الأيام: مواطنون يمرون «مرور الكرام» أمام محلات تجارية تبيع الملابس والأحذية ومواد التجميل، وتضع على نوافذ عرضها لاصقات كبيرة تعلن عن تنزيلات تتجاوز 50 في المئة. الإعلانات المكتوبة بخطوط بيضاء عريضة على خلفيات حمراء قانية لا تغري السواد الأعظم من المارة بالدخول. توقيت التنزيلات غريب أيضا، فالموسم الجديد، ربيع وصيف 2009، ما زال في أوله، وموسم تنزيلات الشتاء انتهى منذ شباط/فبراير الماضي. هند، طالبة جامعية، لم تعد تصدق هذه الإعلانات المفترض أنها «مغرية». تقول: «كنت أتلهف للدخول للمحلات التي تعلن عن تنزيلات أملاً في الحصول على صفقة مربحة. لكن عندما أدخل إلى هناك وأرى ما يحدث فعليا، أُصاب بالصدمة». صدمة هند لم تأتِ هنا من فراغ. فالمشترون يسارعون إلى استغلال أيّ فرصة لتوفير دنانير قليلة، وفي الوقت نفسه شراء بضاعة قيمة لا يستطيعون شراءها في الأوقات العادية. لكن عند دخول المحل والسؤال عن الأسعار، يتبين أن نسبة قليلة من البضاعة تتمتع بأسعار مخفضة، أو التنزيلات. فبينما يشير الإعلان إلى تنزيلات تصل إلى 50 أو 70 في المئة مثلاً، فإن المواطن يكتشف أن معظم التنزيلات تقع في خانة 10 أو 15 في المئة فقط. لهذه الأسباب، أصبح العديد من المواطنين يشعرون أنهم «يقعون في مصيدة» عند الدخول إلى المحلات التي تعلن عن تنزيلات على بضائعها، بخاصة عندما يبدأ الباعة إقناعهم بتجريب الملابس أو شمّ العطور، فيما هم يرغبون فقط بالتسوق ضمن الأسعار المخفضة. دعاء جزيني، التي كانت تتسوق في أحد المولات الكبيرة في عمان، تقول: «كنت أشعر بالإحراج في السابق عند السؤال عن مكان البضائع المخفضة، ولكن بعد الذي رأيته الآن، صرت أباشر بهذا السؤال فور دخولي إلى المحل، وإذا اكتشفت أنها وهمية، فإني أسارع بالخروج». وزارة الصناعة والتجارة وضعت ضوابط للتنزيلات تعاقب الذين يخدعون المشترين، بخاصة عندما يرفع الباعة أسعار المواد التي يعرضونها للبيع، ومن ثم يخصمون نسبة من سعرها «الجديد»، ليصبح سعرها بعد التنزيلات هو سعرها الأصلي، أو قريباً منه. هذا الوضع يُدعى: «التنزيلات الوهمية». وقد ضبطت الوزارة حالات عدة من التنزيلات الوهمية، وعاقبت أصحاب المحلات التي تعلن عنها. لكنّ تجارا يؤكدون في الوقت نفسه أن الركود الذي أصاب السوق بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية والبترول، فضلا عن الأزمة المالية العالمية التي أدت إلى تناقص سريع في ثقة المستهلكين، أدى إلى تضاؤل أعمالهم وخسارات كبيرة لهم، حتى في أوقات المواسم مثل بداية الفصول أو الأعياد. مدير مراقبة الأسواق في وزارة الصناعة والتجارة حسوني محيلان، كان حذّرَ المواطنين أخيراً من قيام بعض المحلات بعرض إعلانات لتخفيضات وهمية، وطالب أصحابَ المحلات بعرض إعلانات لتخفيضات حقيقية، ببيان نسبة التخفيض والسعر السابق والسعر المخفض للسلعة، مشيرا إلى أنه تم تحرير عدد من المخالفات لتخفيضات وهمية في بعض المحلات. عدد من أصحاب المحلات التجارية الكبرى وصفوا هذا الموسم بـ«السيئ جدا والكارثي»، وألقوا على وزارة الصناعة والتجارة مسؤولية عدم استقرار السوق، وأضافوا أن التفاوت الحاصل بين نِسَب أسعار التنزيلات من محل إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى، عائد إلى عدم خضوع التجار إلى ضوابط محددة من قبل مؤسسة المواصفات والمقاييس التي تقوم بتحديد أوقات التنزيلات سواء كانت شتوية أو صيفية، إضافة إلى تحديد الأسعار التي تحقق العدل للجميع. من جهته، يرى نقيب تجار الألبسة صلاح حميدان، أن الأسواق تشهد حالة من الركود الشديد، وتوقّع في تصريحات صحفية أن تشهد الأسواق مزيداً من الركود، مستدلاً بالتنزيلات الحقيقية التي وصل بعضها لأكثر من 70 في المئة دون جدوى تذكر على زيادة المبيعات. حميدان قال إن بعض التجار يعرضون سلعهم بأقل من سعر التكلفة، في ظل غياب الإقبال على الشراء، سواء أكان ذلك في الأسواق الشعبية أم في المولات الراقية، الأمر الذي يدلّ على ضعف القوى الشرائية للمستهلكين، أو اكتفائهم بتلبية احتياجاتهم من السلع الأساسية فقط، والانصراف عن «الكمالية» أو «الفاخرة». |
|
|||||||||||||