العدد 76 - الملف
 

محمد علاونة

في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، وبحضور الملك عبد الله الثاني والطاقم الوزاري، أطلقت منطقة المفرق التنموية الخاصة على مساحة أولية تبلغ 9 كم مربع، على أن يتم تطويرها وصولا إلى 20 كم مربع مع بلوغ العام 2025. يهدف المشروع إلى تطوير المنطقة الواقعة على مفترق طرق دولية، بين سورية والعراق والسعودية، فضلا عن أنها ترتبط مع محافظات المملكة والدول العربية المجاورة بشبكة من الطرق الرئيسية.

ولتنفيذ المشروع، تأسست شركة تطوير المفرق برأسمال مقداره 100 مليون دينار، بمساهمة من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، نسبتها 80 في المئة، والصندوق الهاشمي لتنمية البادية وصندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية بواقع 10 في المئة لكل منهما. وقد سجلت الشركة رسميا في وزارة الصناعة والتجارة في العام 2007.

بيانات مراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة تفيد بأن هنالك شركة كانت مسجلة تحت اسم «الأردنية لتطوير المناطق الخاصة» تحولت بتاريخ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 إلى شركة تطوير المفرق برأسمال مسجل مقداره 30 مليون دينار مدفوعاً بالكامل، مساهمة الوحدة الاستثمارية في الضمان الاجتماعي تبلغ 24 مليون دينار، بينما حصة صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية والصندوق الهاشمي لتنمية البادية الأردنية 1.5 مليون دينار لكل منهما، وبلغت حصة صندوق دعم المشاريع التنموية والاستثمارية الخاصة بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية 3 ملايين دينار.

مدير تطوير العمل في شركة تنمية المفرق جواد الدباس، يرى أن حجم الإنجاز الذي تحقق حتى الآن، يسير ضمن الخطة الموضوعة، «لا يمكن تجاهل أن المنطقة صحراوية قاحلة لا تمتلك أيّاً من المقومات الأساسية للتطوير، كما أنها تفتقد البنية التحتية من طرق ومياه وتمديدات كهربائية». ومع ذلك استطاعت الشركة، حتى الآن، فتح طرق دولية وتم إيصال الكهرباء والماء لنحو 12 شركة وقعت عقودا استثمارية مع شركة تطوير المفرق لإقامة مصانع وشركات خدمات، بحسب الدباس.

معظم الشركات التي وقعت عقودا، ولم تبدأ العمل بعد، مثل شركة الكابلات الأردنية وشركة بترا للصناعات الهندسية. وتشير البيانات الصادرة عن منطقة الحسين بن طلال التنموية إلى أن مصنعا يابانيا فقط لإنتاج الكابلات الكهربائية هو الذي باشر العمل، وأنه الآن يقوم بتصدير منتجاته إلى السعودية والعراق، وأن هنالك 4 شركات، من أصل 12 شركة وقعت عقودا استثمارية في المنطقة، أعلنت أنها ستباشر الإنتاج بعد الانتهاء من إنجاز معاملاتها قريبا.

اختيار المنطقة التي أطلق عليها الملك عبد الله الثاني، اسم «منطقة الحسين بن طلال التنموية»، جاء بعد دراسة أعدتها وزارة التخطيط، خلصت إلى أن المفرق هي أكثر المحافظات فقرا في المملكة، وبينت تلك الدراسة أن المحافظة تضم أكبر عدد من جيوب الفقر في المملكة، إذ توجد فيها ستة من جيوب الفقر هي: الرويشد والصالحية ودير الكهف وأم الجمال وحوشا وسما السرحان.

البنك الدولي يعرف جيوب الفقر بأنها «مناطق ليست لديها القدرة على تحقيق حد أدنى من مستويات المعيشة»، ويعرف ذلك بأنه «عجز الأفراد أو الأسر أو المجتمعات المحلية عن التحكم في موارد تكفي لإشباع حاجاتهم الأساسية»، وهو تعريف يعتمد على اعتبار الدخل مقياسا للفقر». ويعرف الإنفاق بأنه «الحالة الاقتصادية التي يفتقر فيها الفرد إلى الدخل الكافي للحصول على المستويات الدنيا من كل ما يعد من الاحتياجات الضرورية لتأمين مستوى لائق في الحياة».

انتشار جيوب الفقر هذا، كانت أكدته نتائج «المسح الاقتصادي الاجتماعي الأول» في محافظة المفرق الشهر الفائت، الذي أظهر أن «هناك ارتفاعا ملحوظا في معدلات الفقر والبطالة وتدني مستوى الاستثمار في قطاعي الثروة الزراعية والحيوانية في المفرق».

المسح الذي أعدته جامعة آل البيت أشار الى «ارتفاع نسبة الأمية بين سكان المحافظة، خصوصا لدى الإناث، والتي بلغت 18.4 في المئة عند الإناث فيما بلغت عند الذكور و8.7 في المئة».

مسح آخر للبطالة صدر أخيرا عن دائرة الإحصاءات العامة، يشير إلى أن المفرق سجلت أدنى معدل مشاركة اقتصادية العام 2008، حيث بلغ 35.9 في المئة، أما معدلات البطالة فبلغت 10.9 في المئة للذكور و 27.9 في المئة للنساء ممن تزيد أعمارهم على 15 عاما.

لدى اطلاق المشروع، أعلن أنه من المتوقع أن توفر منطقة المفرق التنموية الخاصة، نحو 13 ألف فرصة عمل بحلول العام 2015، ونحو 32 ألف فرصة عمل العام 2025، ورفع مستويات الدخول للأفراد، وذلك نتيجة القيمة المضافة للتوظيف والأثر المضاعف الناجم عن زيادة الإنفاق من الدخل، بالإضافة إلى خلق فرص عمل بشكل غير مباشر قد تزيد بنسبة 100 في المئة عن الفرص المباشرة.

وبحسب الدباس، فإن الأهالي سوف يستفيدون من فرص العمل التي ستوفرها الصناعات المنوى تأسيسها من حيث توفير مركز لخدمات النقل والخدمات اللوجستية، ومنطقة للإسكان والخدمات الاجتماعية، بالإضافة إلى مشروع يهدف إلى إقامة مطار في المفرق بهدف تأهيل المنطقة لكي تكون مركزا للخدمات اللوجستية.

الدباس يشرح أن مسألة تشغيل العمالة في المنطقة التنموية ستكون مختلفة عما حدث سابقا عند إنشاء مناطق صناعية أو تنموية، وبيّن أن شركة تطوير المفرق تقوم الآن باستطلاع آراء المواطنين ومعرفة مهاراتهم؛ الموجودة وتلك التي تحتاج إلى تطوير، لإحداث توافق بين مؤهلات قاطني المنطقة والمصانع المنوى إنشاؤها فيها.

وفي إطار المشروع، تم وضع المخطط النهائي لإقامة مطار سوف يكون مدنيا عسكريا ومتخصصا في النقل، وتجري الآن مباحثات بين وزارة النقل وسلاح الجو الملكي الأردني للمباشرة في التنفيذ قريبا، كما أكد الدباس.

فبعد الانتهاء من إعداد المخطط الشمولي لقاعدة الحسين العسكرية الحالية التي تقع على أرض تبلغ مساحتها أربعة آلاف دونم، سوف يتم تغيير صفتها من مطار عسكري إلى مطار مزدوج الاستخدام؛ عسكري ومدني، متخصص في نقل البضائع، حيث سيتم تنفيذه بالشراكة مع سلاح الجو الملكي، من خلال تشكيل لجنة توجيهية برئاسة وزير النقل لدراسة المخطط الشمولي للمطار.

مصدر مسؤول في وزارة النقل، رفض الإفصاح عن اسمه، قال إن الوزارة تجري مفاوضات مع كل من الرياض ودمشق للاتفاق على آلية لإنشاء خط للسكك الحديدية الذي سيربط منطقة الملك الحسين بن طلال التنموية في المفرق بالسعودية ودمشق وصولا إلى تركيا، مشيرا إلى أنه تم تخصيص نحو 300 دونم لمرور سكة الحديد من وسط المنطقة، وبحسب المصدر نفسه، فسوف يعامل ذلك الجزء من المنطقة الذي يتم فيه إفراغ البضائع وتحميلها، على أنه منطقة حرة.

لم يخل المشروع من بعض الانعكاسات السلبية، وبخاصة على المنطقة التي يقول

رئيس فرع جمعية البيئة في المفرق هايل العموش، إنها تأثرت سلبا من بعض الأوجه. فهو يشير إلى أنه بعد الإعلان عن المنطقة، أقام مستثمرون أكثر من 30 مصنعا خارج المنطقة التنموية، في إشارة منه إلى عشوائية في التخطيط، ما يمكن أن يترك أثراً سلبياً على عمل المنطقة.

لكن الدباس يرى أن ذلك أمر إيجابي، وأن تلك المصانع قد جذبتها المنطقة للاستفادة من البنية التحتية التي تم تأسيسها، كون تلك المصانع ستستخدم الطرق التي شقتها الشركة وبلغت مناطق بعيدة.

ومع الإعلان عن المنطقة التنموية في المفرق، بدأ بعض المكاتب العقارية يروج أخبارا عن ارتفاع في أسعار الأراضي في تلك المنطقة التي شهدت إقبالا غير مسبوق على شرائها، وتحديدا بعد عام عن إعلان المنطقة، أي في العام 2007.

وبحسب البيانات الصادرة عن دائرة الأراضي والمساحة، تجاوز حجم مبيعات الأراضي في المفرق العام 2007، حجم المبيعات في محافظات المملكة كافة، باستثناء عمان، حيث بلغ عدد معاملات بيع الأراضي في المنطقة نحو 15 ألف معاملة، ولم تفصح الدائرة عن دخل الخزينة من تلك المعاملات.

كما شهدت المحافظة، خلال السنوات الثلاث الماضية، حركة نشطة في بيع الأراضي، ما رفع أسعارها حتى وصل سعر الدونم الواحد في بعض المناطق الشرقية 5 آلاف دينار، بعد أن كان 500 دينار. أما في المناطق الغربية فوصل 700 دينار بعد أن كان 200 دينار، لكن الأسعار ما لبثت أن عادت إلى التراجع بنسبة قدرها المستثمر في العقارات خالد الحسن بأكثر من النصف.

مصنع ياباني يصدّر الكابلات للسعودية والعراق “المفرق التنموية”: منطقة صناعية في قلب الصحراء
 
14-May-2009
 
العدد 76