العدد 75 - احتباس حراري
 

كشف تقرير حديث لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO) أن أرصدة «خيار البحر» (Astichopus multifidus) أو (Furry Sea Cucumber)، تقع تحت وطأة ضغوط بالغة في جميع أنحاء المحيطات.

وأضاف التقرير أن الأصناف ذات القيمة التجارية العالية من هذا الحيوان قد نضبت فعلاً. كما تتعرض أرصدة الغذاء البحري المستساغ إلى ضغوط صيد لا تطاق في معظم بلدان إفريقيا، وإقليمَي المحيط الهندي والهادي، وتوشك على النضوب عن آخرها في أغلبية مناطق نموه.

وقال علماء إن الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة الأرض يهددان حياة «خيار البحر» الذي يعدّ جزءا لا يتجزأ من الحياة البحرية في المحيطات.

بالنسبة لكثيرين في العالم الغربي، يبدو «خيار البحر» الذي يطفو أحيانا إلى السطح من القاع، منظرا جميلا خلال يوم صيف دافئ على الشاطئ.

لكن الوضع يختلف جذريا عبر قارة آسيا، إذ يشكل هذا الحيوان منذ قديم الأزل جزءا لا يتجزأ من حِمية الشعوب، بخاصة أن تسميته الشائعة غير دقيقة، لأنه حيوان بحري لا نبات، من فصيلة الشوكيات البحرية التي تشمل النجميات وقنافذ البحر والقثائيات وغيرها من الأطعمة البحرية المستساغة والمغذّية.

لهذا السبب، تصدّر بلدان مثل إندونيسيا، وبابوا غينيا الجديدة، والفلبين كميات كبيرة من خيار البحر إلى الصين وأسواق آسيوية أخرى كل عام. دراسة المنظمة، المعنونة «خيار البحر: استعراض شامل للمصايد والتجارة»، تقول إن «النمو المتسارع لمصايد خيار البحر السمكية تلبيةً للطلب الدولي، عرّض معظم أصناف هذه الثروة السمكية لخطر النضوب».

وتضيف أن «خطط إدارة مصايد خيار البحر تتطلّب تطويراً، بحيث تتضمّن إجراءات من قبيل تحديد المصائد، وفرض حدودٍ دنيا وعليا للمصيد، وإغلاق المصائد في غضون مواسم التكاثر، وفرض رقابة أفضل على حالة المصايد عموما».

أهمية اقتصادية

يقدم خيار البحر مساهمة كبيرة لاقتصادات المجتمعات الساحلية، ويعدّ في بعض المناطق أهم مصيد اقتصادي من الأنواع السمكية غير الزعنفية التي تصدَّر إلى الخارج كمورد دخل، مما يُبرز ضرورة النهوض بأساليب وممارسات صيد هذا النوع وإدارته.

غير أن خطط الإدارة الفعّالة لثروات خيار البحر السمكية ليست أمرا شائعا أو دارجا في مناطق كثيرة، مما يزيد من صعوبة تحجيم عمليات صيده المفرط، وفق تقرير المنظمة.

التقرير أوردَ تهديدات إضافية لخيار البحر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك دمار البيئة البحرية، والصيد غير الشرعي للأسماك.

تتبوأ بلدان آسيا والمحيط الهادي موقع الصدارة في إنتاج خيار البحر، بإنتاج إقليمي كلي يتراوح بين 20 و40 ألف طن سنوياً. حتّى وإن ظلّت جزر غالاباغوس في إكوادور، وسيشيل في المحيط الهندي، ونيوفندلاند في كندا، بقعا ساخنة لإنتاج هذا النوع البحري.

تطبيقات عصرية

بصرف النظر عن عمليات الغلي والتدخين، يُجفَّف خيار البحر كغذاء للحفظ، ومن ثم يعاد ترطيبه للاستعمال في أغراض طهي عديدة، وصُنع المخللات في معظم بلدان آسيا.

حتى في فرنسا وإسبانيا، بدأت تظهر استخدامات هذه النوع كطبق منفصل أو كمكمل لأطباق رئيسية.

باستثناء أغراض الطهي، ثمة سوق نامية لاستعمال خيار البحر في الصناعات الصيدلية والتجميلية. وفي بعض الأحيان تخمَّر أمعاؤه الداخلية لإنتاج مكملات غذائية ذات قيمة.

اكتشف العلماء أن هذا الحيوان قادر على «تذويب» كتلته الجسدية كي «يصب نفسه داخل الشقوق البحرية الضيقة». وهنالك بعض العينات من هذا النوع المثير، تدافع عن نفسها بتمزيق فتحة في غشائها البطني لطرد بعض الأجزاء السعفية من أعضائها التنفسية كشباك للمفترسات التي تهاجمها، ثم تعود إلى تنميتها مجددا في ما بعد.

وثمة أصناف أخرى من هذا النوع تعيش في علاقة تكافل طبيعية مع الأسماك الصغيرة والعوالق البحرية التي تحيا وتتغذى داخل فتحاتها الطبيعية.

الاحتباس والصيد الجائر يهددان خيار البحر
 
07-May-2009
 
العدد 75