العدد 75 - استهلاكي | ||||||||||||||
كل أسبوع يتجه أبو ليث في رحلة منتظمة إلى الذراع الغربي في منطقة حي نزال، لابتياع حاجات منزله الأساسية من خضار وفاكهة ولحوم ودواجن. الرجل الأربعيني الذي يسكن تلاع العلي، يؤكد أن مشواره الأسبوعي ضروري له ولعائلته، ولولاه لما استطاع تلبية متطلبات أسرته براتبه الذي يقارب 700 دينار. يقول: «الأسعار أصبحت مرتفعة جدا، بدءا بالمواد الغذائية، وانتهاء بالأثاث والملابس ومستلزمات المطبخ». رغم توسع العاصمة، وهجرة العديد من عائلات الجيل الجديد إلى غرب عمّان، إلا أن العائلات الكبيرة ظلت تقيم في شرق عمان، إما لعدم القدرة على شراء منزل جديد، أو تشبثاً بمكان شب فيه الأطفال واعتاد عليه الكبار. لكن فروقات الأسعار بين مناطق عمّان القديمة والجديدة جعلت من الصعب على أولئك الذين هجروا قديم عمّان الاعتياد على الأسعار المرتفعة نسبيا، في ظل القفزات في الأسعار التي رافقها تآكل حاد في المداخيل. رامي شواش، متزوج منذ عامين ويسكن منطقة خلدا في شقة مستأجَرة. الشاب الذي ينتظر مولوده الأول يعتمد على والدته اعتمادا كليا في شراء احتياجات منزله، ويمر عليها كل يومين مع زوجته العاملة أيضا، لإحضار أغراضه. الشاب الثلاثيني يؤكد أن راتبه الشهري وراتب زوجته من المستحيل أن يكفياه إذا قام بشراء احتياجاته من خلدا مثلاً. يقول: «هناك فروقات في الأسعار، بخاصة في الخضار والفاكهة. كيلو الكوسا في الأسبوع الماضي عند بائع الخضار هنا 70 قرشا، فيما اشترته لي والدتي بأربعين قرشا من الهاشمي الشمالي». يضيف: «ربما لا يكون الفرق كبيرا جدا، لكن عند جمع فروقات الأسعار على جميع أنواع المواد، فإن هذا يُحدث فرقا واضحا ويؤدي لتوازن الدخل مع الإنفاق». عبر جولة سريعة لـ «السجل»، لمقارنة أسعار المواد بين خلدا وماركا، لوحظ فرق واضح في بعضها، وتشابه للسعر في بعضها الآخر. مثلا بلغ سعر كيلو الزهرة (نخب ثانٍ) 80 قرشا في أحد محلات الخضار في خلدا، و45 قرشا في أحد محال ماركا الشمالية. متر البرادي البامبو من منشأ صيني بلغ 14 دينارا في خلدا، و8 دنانير في أحد محال ماركا. في مقارنة ثانية، بلغ سعر متر قماش الكنب من النوع نفسه واللون نفسه 14 دينارا في أم السماق، و3.5 دينار في مخيم الوحدات. تاجر القماش في خلدا الذي سألته «ے» حول الفرق الواضح في السعر، «تحدّى» أن يكون القماش من النوع نفسه أو المصدر نفسه، وأكد أن ذلك الذي يُباع بسعر متدنٍّ مقلّد ومغشوش، وأنه من منشأ صيني، فيما ما يباع لديه من منشأ «بلجيكي أصلي». بائع آخر في المنطقة سألته «السجل» عن سر ارتفاع أسعار الخضار مقارنة بمحال عديدة في شرق عمّان أو جنوبها، رأى أنه من الظلم مقارنة أسعار محال غرب عمّان بأسعار المحال في أي مكان آخر في البلاد. وأكد أن ذلك يعود إلى ارتفاع تكاليف المحال في غرب عمان، بخاصة أن إيجار المحل في شرق عمان مثلا لا يتعدى 5 آلاف دينار سنويا، فيما يتجاوز 10 آلاف في خلدا مثلا، ويُلامس 50 ألف دينار في الصويفية، و70 ألف دينار في عبدون أو المولات الكبرى. التاجر الذي فضّل عدم نشر اسمه، أوضح أن الخضار والفاكهة مثلا مقسمة من المصدر في سوق الخضار الرئيسي إلى أنخاب: أول، وثان، وثالث، ورابع.. لذلك فإن تلك التي تباع في غرب عمّان تكون غالبا من النخبَين الأول والثاني، ويكون سعرها أعلى مقارنة بتلك التي تباع في شرق عمان، وهي من صنف ثانٍ أو ثالث. المحلل الاقتصادي حسام عايش، يدعو المواطن إلى التحلّي بما دعاه «الذكاء الاستهلاكي»، لموازنة المصروفات مع الدخل. «البحث عن مصادر ذات أسعار مخفّضة أو معقولة من أهم أعمدة الذكاء الاستهلاكي»، يقول عايش، مستدركاً أن ارتفاع أسعار البنزين قد يجعل الرحلة من شرق عمّان إلى غربها غير مجْدية اقتصاديا، لذلك من الممكن إيجاد فروقات أسعار بين محال في الشارع نفسه. هذا ما يؤكده نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، الذي قال لـ«السجل» إن التنافس بين المولات الكبرى في غرب عمان، بخاصة في شارع المدينة الطبية وتلاع العلي وخلدا، يجعل أسعار المواد الأساسية أقرب إلى الأسعار في شرق عمان أو جنوبها، وفي المحافظات أيضاً، بل إنها أقلّ أحياناً. رحلة البحث عن «الأرخص» بالنسبة للحاج توفيق، قد تكون بالعكس، حيث تتجه آلاف العائلات للمولات الكبرى، للاستفادة من عروضها المغرية. «لكن أينما ذهبنا، فالأسعار مرتفعة هذه الأيام،» يقول أبو ليث. ويضيف: «ربنا يكون بالعون». |
|
|||||||||||||