العدد 75 - الملف | ||||||||||||||
ابراهيم قبيلات تتعرض آلية ترخيص الدواء وتسجيله، وفحص الغذاء في المؤسسة العامة للغذاء والدواء إلى انتقادات من مسؤولين سابقين بينهم بعض النواب، يرون فيها ثغرةً لدخول أدوية وأغذية فاسدة أو غير صالحة للاستهلاك البشري إلى السوق الأردنية. المؤسسة تؤكد أن آليتها في ترخيص الدواء وفحص الغذاء تمثل طريقة ناجعة للعمل على ضبط السوق من خلال زيارات تقوم بها لجنة مختارة من المؤسسة للشركة المستوردة، وكذلك عبر «برامج فحص عشوائي مخبري للغذاء وللدواء»، كما قال لـ«ے» مدير المؤسسة العامة للغذاء والدواء محمد الرواشدة. الأغذية والأدوية الفاسدة غالباً ما تكون فاقدة للفائدة التغذوية أو العلاجية المرجوة منها، وقد تحمل الأغذية ميكروبات مسببة للمرض، أو أن تتحلل إلى مواد ضارة ومسرطنة أو مسممة، فتسبب أمراضا مثل الفشل الكلوي أو ضمور الكبد. وأكثر الناس عرضة لهذين المرضين هم: الأطفال والكهول، حيث إن الكبد في الحالة الأولى لا يكون مكتمل النمو، وفي الثانية يكون مصابا بالقصور. تتباين الأسباب التي تؤدي في النهاية إلى وجود أغذية وأدوية فاسدة. سناء قمو، مديرة مختبرات المؤسسة العامة للغذاء والدواء في الفترة 2005- 2008، ترجع وجود الأغذية الفاسدة في الأسواق إلى أن الإجراءات التي تأخذها المؤسسة غير كافية لمنع دخول الفاسد من غذاء ودواء، حيث «لا يتم إلزام التاجر باصطحاب قائمة تعبئة تميز محتويات الإرسالية كافة؛ وإجراء الفحص لا يشمل إلا جزءاً منها، إلا أن التخليص يتم على كل الإرسالية». سماح المؤسسة بإعادة فحص عينات من إرسالية ثبت عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري، أو عدم مطابقتها لمحتويات الإرسالية، وكون العينات التي ترسل للفحص موضبة من بلد المنشأ لغايات الفحص المخبري، وعدم أخذها بشكل عشوائي من المراكز الجمركية ومن قبل لجان مختصة، أدى إلى تفاقم المشكلة بحسب قمو. عبد الرحيم ملحس، الذي تسلم حقيبة الصحة في حكومة عبد السلام المجالي الأولى العام 1993، يرى أن «تعدد القوانين واختلافها بين منطقة العقبة وبقية محافظات المملكة، وكثرة المناطق الحرة، وتعدد الجهات الرقابية، والرغبة في إرضاء المستثمر، وتأثيرات العولمة، ساهمت كلها في دخول أغذية وأدوية فاسدة إلى البلاد». ليلى جرار، مديرة مديرية الغذاء، تقول إن الموقع الجغرافي الذي يتمتع به الأردن جعل منه بلد مرور لتجارة «الترانزيت»، ما أدى إلى ظهور بعض الأدوية المزورة والفاسدة. وتضيف «تمكنا العام 2008، من خلال قانون الصحة العامة، من منع دخول الأدوية المزورة إلى مناطق الترانزيت». تؤكد جرار أنه «تم إغلاق 65 صيدلية العام 2007، لتداولها أدوية مزورة، وفي العام 2008، ونتيجة للرقابة الحثيثة انخفض عدد الصيدليات المخالفة إلى 15». سمير القماز الذي شغل مدير مختبرات الغذاء والدواء منذ العام 1985 ولغاية 2002، يرى أنه «لا وجود للدواء المزور، والزعم بذلك إنما هو لعبة يحيكها تجار حتى لا يبقى سوى صنف واحد من الدواء في السوق.» وهو يؤكد أن الوزارة تخلو من استراتيجية واضحة لكسر احتكار الأدوية لدى كبار التجار، بخاصة تلك المتعلقة منها بعلاجات مثل «الثايروكسين» وهو علاج للغدة الدرقية، و«الورفرين» لمنع تخثر الدم، فلا بديل لهما في السوق، ما يخلق فوضى في السوق وإرباكاً لدى المواطنين حال انقطاع الدواء، والسبب، كما يؤكد، هو احتكار الدواء. وينتقد القماز أساليب الرقابة بعد إنشاء المؤسسة، فهو يرى أن «لمختبرات كانت قبل العام 2003، تفحص كل العينات بشقيها: المصنعة بالأردن أو المصدرة إليه، إلا أن هذا الحال سرعان ما تبدل بإنشاء المؤسسة العامة للغذاء والدواء التي «اتبعت نظاماً يقوم على فحص عينات من مجموعة متجانسة تكون مرت عبر خط إنتاج واحد، وترك بقية المجموعة من دون فحص، ما يعني بالضرورة طرح جزء كبير من الأغذية التي لم تتعرض للفحص المخبري في السوق». الرواشدة ينفي ذلك قائلا: «لا يمكن السماح بدخول الدواء أو الغذاء إن لم يكن مطابقاً للشروط المخبرية وقوانين السلامة العامة، كما أن الهدف من إنشاء مؤسسة الغذاء والدواء العام 2003، هو التوسع في الفحوصات المخبرية». «السجل» طرحت على الرواشدة سؤالا حول ما ذكره تقرير لديوان المحاسبة عن أنه بين العامين 2004 و 2007، تم التخليص على 25 معاملة تتعلق بالمواد الغذائية المستوردة رغم أنها مخالفة وغير صالحة للاستهلاك البشري، وهو ما دعا رئيس الوزراء السابق معروف البخيت، في حينه، إلى تشكيل لجنة لمتابعة الموضوع بناءً على تقرير أعده ديوان المحاسبة. الرواشدة أجاب أن المخالفات المشار إليها «اعتبرت مخالفات غير جسيمة، وهي تراكمات من سنوات سابقة»، مشيرا إلى أن عدم الاختصاص أدى في النهاية إلى إسقاط هذه الأحكام من ديوان المحاسبة». فتحي صالح مدير مديرية الغذاء، رفض الحديث حول الموضوع، واعتبر أنه «سجال لا داعي للخوض فيه». يضيف صالح: «في العام 2008 تم استيراد 5 ملايين طن من المواد الغذائية، من 116 دولة، وتم إتلاف 06, في المئة منها لعدة أسباب تتعلق في مجملها بسلامة الغذاء ومطابقته لقوانين السلامة العامة». لكن قمو أكدت لـ «السجل» أن ديوان المحاسبة «وجد مخالفات على معاملات جمركية لمواد غذائية، وتبين بعد متابعة الإجراءات أن هنالك عينات مخالفة، ومع ذلك، تم التخليص عليها من قبل مديرية الغذاء،» مشيرة إلى أنه لم تكن هناك قائمة تعبئة تبين محتويات الإرسالية. عبد الرحيم ملحس يقول: «على الرغم من الدور الرقابي الذي تقوم به المؤسسة العامة للغذاء والدواء، فإن ما يؤكد على وجود ثغرة ما، هو أننا نقرأ مراراً وتكراراً عن إتلاف كميات كبيرة من الأغذية الفاسدةً في جميع أنحاء الأردن». يستنتج ملحس أن «مثل هذه المؤسسات لابد من خضوعها لمجلس النواب مباشرة، حتى لا تقع تحت الضغوطات السياسية أو الاقتصادية، حيث إن بعض المخلصين من الرقابيين يتم التخلص منهم عند معارضتهم أو مراقبتهم كبار الموظفين، وبعض من تسلموا إدارة المؤسسة لم يكونوا ساطعي النقاء». هناك ثلاثة مختبرات في المملكة: مختبر عمان، مختبر جمرك عمان، ومختبر جامعة العلوم والتكنولوجيا. وبحسب صالح، فقد عملت هذه المختبرات على فحص ما مجموعه 90 ألف عينة العام 2008، وكانت نسبة المخالفة1,4 في المئة. وبحسب أرقام مديرة الدواء فإن هناك 17 مصنعاً للأدوية في الأردن، ونحو 6500 دواء مسجلا لدى مديرية الدواء، نحو 3500 منها محلي. |
|
|||||||||||||