العدد 74 - حتى باب الدار
 

النتيجة التي توصلت اليها إحدى الدراسات العلمية وأعلنت مؤخراً، والتي تقول إن شرب الماء أثناء تناول الطعام يساعد على الشعور بالشبع، تعتبر نتيجة محبطة قياساً بالخبرة التاريخية المحلية، التي تشكلت في مجتمع الفقراء في الأردن.

جرت العادة أن يتم منع الطفل في الأسرة الفقيرة من شرب الماء أثناء الطعام، لأن الأهل كانوا يعتقدون أن الماء يعيد ترتيب الطعام في المعدة ويسهل حركته،بحيث تختفي الفراغات ما بين أجزائه ومكوناته، ما يؤدي الى طلب المزيد من الطعام لغايات ملء الحيز الناشئ. وكان الأهل يستدخدمون في حديثهم عن تلك العملية الفعل «حصّى، يحصي» للإشارة الى ما يجري داخل المعدة. و«التحصية» في الأصل هي تحريك شوال القمح او العدس يميناً وشمالاً، بحيث تقل الفراغات بين الحبوب داخلة بما يمكن من إضافة المزيد اليه.

غير أن الملاحظ أن الأسرة الفقيرة لم تكن تمنع الماء كلياً أثناء الطعام، بل إن الأم أو الأب عندما كانا يلاحظان أن أحد الأبناء يأكل بشراهة، مما يؤثر على نصيب باقي إخوته، كانا يعمدان الى تكليف هذا الابن الشره بأن يذهب لإحضار الماء من مكان بعيد، كي يقضي أكبر وقت ممكن بعيداً عن المائدة. ولكن شرب الماء بمجرد وصوله لا يكون مسموحاً الا للكبار، أو تحوطاً لاحتمال أن يتعثر الطعام في طريقه الى معدة أحدهم، وهو ما يعرف بـ«الشرقة» أو «الشردقة».

في حالة تعميم نتائج تلك الدراسة، من المحتمل أن آداب المائدة سوف تتعرض لقدر من التغيير.

ماء بلا خضراء ولا وجه حسن
 
30-Apr-2009
 
العدد 74