العدد 74 - كاتب / قارئ | ||||||||||||||
هي الظاهرة القديمة الجديدة، ويمكن القول إنها مؤشر على الحالة الاقتصادية العامة، إذ وصل عدد الشيكات المرتجعة في الربع الأول من هذا العام إلى 185 ألف شيك، وبزيادة على مثيله للفترة نفسها من العام السابق بألفي شيك، وهذا له ارتباط وثيق بالركود الاقتصادي الذي يعيشه العالم أجمع. لا يمكن ربط الموضوع بالشيكات المرتجعة بسوء النية (النصب والاحتيال)، التي لن تتعدى نسبتها 0.5 في المئة من إجمالي أعداد الشيكات المرتجعة. عندما تبلغ نسبة الشيكات المرتجعة نحو 6.5 في المئة من إجمالي قيمة الشيكات المقدمة للتقاص، وهي النسبة الأعلى منذ أعوام، وعندما أصبحت تعاد شيكات لتجار وشركات مرموقة ولها حضورها في السوق الأردنية منذ القدم ولها سمعتها التجارية النظيفة، فإنّ هذا الأمر نتاج لتراجع مجمل المبيعات للقطاعات الاقتصادية المختلفة ولضعف القدرة الشرائية للمواطن وتراجعها، وللتشدد الكبير والواضح من البنوك في منح القروض المختلفة، الأمر الذي أدى إلى نقص السيولة وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات. لا بد أن يُستعمل الشيك للغاية التي وُجد لها، وهي أن يكون أداة وفاء وليس أداة ائتمان، وأن يستعاض عنه بالكمبيالة في حال الأداء المؤجل للدفع. وتطبيق هذا الأمر يقع بالدرجة الأولى على عاتق البنوك، بعدم صرف دفاتر شيكات جديدة لعملائها إلاّ في حال ورود وصرف نسبة لا تقل عن ثلاثة أرباع - إن لم يكن أكثر - من أوراق الشيكات المصروفة سابقاً لعملائها، والتشديد على هذا الأمر. ويقع بالدرجة الثانية على عاتق المتلقي (المستفيد) بالشيك، بحيث لا يقبل شيكات مؤجلة ويستعيض عنها بالكمبيالات. لتطبيق هذا الأمر يجب أن تشارك الجهات التشريعية والقضائية بمنح حماية أكبر للكمبيالة، وبإشراك المستفيد بالشيك بجرم إعطاء شيك من دون رصيد وتحميله جزءاً من المساءلة القانونية في حال ثبوت قبوله للشيك المؤجل لفترات طويلة، لأن المستفيد في هذه الحالة يكون على دراية تامة أنه عند تحرير الشيك لم يكن بحوزة الساحب وبرصيده مقابل الوفاء، وأنه قد رضي بهذا الفعل. يضاف إلى ذلك المواطن العادي، الذي عليه التزامات مالية وأقساط سابقة وطويلة الأمد قبل حدوث الركود الاقتصادي، جزء كبير منها محرر به شيكات إمّا مكتبية وإمّا بنكية رسمية. إنه لأمر جدير بالتقدير أن يصرّح وزير العدل أن هناك توجهاً لإلغاء العقوبة الجزائية عن الشيك المكتبي، وهذا من أروع ما تم طرحه، لأنه حتماً سيكون رادعاً للمستفيدين بهذه الشيكات الذين كانوا على دراية تامة عند قبولهم لها بأنها بلا رصيد أصلاً، وكان الهدف من قبولها عندئذ حفظ الحق وتهديد الساحب (المدين) بأي لحظة بالشرط الجزائي والسجن.
جمال إبراهيم المصري |
|
|||||||||||||