العدد 74 - سينما وتلفزيون
 

السجل - خاص

يناقش فيلم «السابعـــة عشــرة مــرة أخــرى» 17-Again، ما يمكن أن يفعله المرء إذا عاد به الزمان إلى الوراء، وكيف يمكنه إعادة ترتيب أولوياته، وتبديل خياراته التي ستغيّر بالتالي مسيرته إلى المستقبل.

يتناول الفيلم الذي أخرجه «بير ستيرز»، الفجوة الجيلية بين الآباء والأبناء، ويسلط الضوء على العلاقة بين وعي الفرد وخياراته السابقة في الحياة، وكأنه يقول إن كل قرار هو قرار ناضج أو حكيم في الوقت الذي اتُّخذ فيه.

الفيلم ذو المسحة الكوميدية تبدأ أحداثه في العام 1989، حيث يُتوَّج مايك أودونيل (يؤدي الدور «زاك إيفرون») نجماً للعبة كرة السلة، ويوشك على خوض مباراته الأخيرة أمام لجنة ستقرر تقديم منحة جامعية له بناء على احترافه. لكن لحظات المجد التي يعيشها سرعان ما تتخذ مساراً آخر وتبدأ بالانحدار، عندما تخبره صديقته سكارليت (تؤدي الدور «أليسون ميلير») أنها حامل، قبل أن يبدأ المباراة أمام لجنة الحكام، فيقرر التخلي عن المنحة ليتزوج صديقته.

تنتقل الكاميرا بعد ذلك، مباشرةً، إلى مشهد يحدث بعد عشرين عاماً لاحقة، حيث مايك (يؤدي الدور هنا «ماثيو بيري»، بطل المسلسل الشهير «الأصدقاء» friends) يعيش في لوس أنجيلوس. ينشب خلاف بينه وبين زوجته (تؤدي الدور «ليزلي مان») فتطرده من البيت، يجلس مع صديقه الحميم «نيد» (يؤدي الدور «توماس لينون»)، شاعراً بالحنق والغضب، بخاصة بعد أن قدمت زوجته طلباً للطلاق، وقد وصلت العلاقة بينهما إلى الحضيض. يصوّر الفيلم هذا البعد التراجيدي في العلاقة عبر قذف الزوجة أغراض الزوج في حاوية القمامة، مهملةً صرخاته المتتالية التي تذكّرها بأن ما تقذفه هي أغراضه الخاصة.

وسط إحساس مايك بالضياع والفشل، تقوده خطواتُه إلى مبنى مدرسته الثانوية، حيث يستعيد لحظات مجده الغابر، ونجاحاته التي حققها في لعبة كرة السلة، ويتأمل حاضره من ثقب الماضي. وهناك يلتقي بعجوز (قام بالدور «براين دويل-موراي»)، يتبادلان حديثاً يعبّر فيه مايك عن رغبته العودةَ لسن السابعة عشرة، ليتمكن من تغيير اختياراته في الحياة وتحقيق حاضر أجمل مما يعيشه الآن، فيمنحه العجوز الفرصة.

قُدمت شخصية العجوز بعناية ووعي بحجم الدور المنوط بها، حيث لم يبدو مثلَ جنّي المصباح القادر على تغيير مصائر الناس، بل مارس دورَ رجل يمتلك قدرة استثنائية تتعلق بالحظ السعيد فحسب، ما يعني أن ما قدمه لمايك، اقتصر على منحه فرصة العودة بالزمان للوراء، لكن دون أن يتحكم بقراراته أو سياق حياته بعد ذلك.

يعود مايك لسنّ الصبا بعد عاصفة سحرية تهزّه ولا يكتشف أثرها إلا بوقوفه أمام المرآة/ الوجه الآخر للذات، فيدرك أنه عاد إلى سن السابعة عشرة، ولكن بذهنية رجل يبلغ من العمر 37 عاماً.

حينئذ يجد مايك الفرصة مواتية لتعويض خساراته السابقة، ويبدأ حياته من جديد. يلجأ لصديقه «نيد»، غريب الأطوار، وعبقري البرامج، فيساعده ردّاً للجميل الذي كان يصنعه مايك معه أيام الدراسة، إذ كان يدافع عنه ويقف إلى جانبه في مواجهة سخرية الطلبة منه.

يعود مايك إلى المدرسة باسم «مارك»، وهناك يكتشف أن قائد فريق كرة السلة بالمدرسة (يؤدي الدور «هنتر باريش»)، يهدد أمن ابنته ماجي (تؤدي الدور «ميشيل تراشنبرغ») وابنه أليكس (يؤدي الدور «سيترلينغ كينث»)، ويمارس ضغوطاً عليهما، عندها يدرك مايك أن ابنَيه بحاجة ماسّة له، فيقرر مساعدتهما من خلال استثمار قدراته في كرة السلة.

تبدو هنا شخصية مايك أكثر تعقيداً، وتتنازعها المتناقضات التي تقدَّم بشكل كوميدي طريف، فهو في السابعة عشرة جسدياً، وفي السابعة والثلاثين عقلياً؛ يريد أن يحقق نجاحاته الخاصة، لكنه لا يستطيع التخلي عن ابنيه؛ وهو يقدم نصائحه لهما من موقع الصديق المقرب «مارك»، لكنه أيضاً لا يستطيع أن يمنع نفسه من ممارسة دور الأب الصارم «مايك». يتجلى ذلك في المشهد الذي تصرخ فيه ابنته في وجهه عندما يتدخل بشكل فضّ في خياراتها، فتقول له بغضب: «هل تعتقد أنك والدي حتى تمنعني؟».

على صعيد مستقبل ابنيه، يتمكن مايك من تغيير حياتهما للأفضل، كما يستعيد مجده الشخصي وينجح في لعبة كرة السلة، يقيم بعدها حفلاً في منزل صديقه «نيد». وعندما تحضر «سكارليت»، وتشكره على ما يقدمه من دعم لابنيها، يؤكد لها أنه جزء من العائلة، عندها يستعيد مشاعره تجاه زوجته، فيقبّلها بوعي مايك، لكن بجسد مارك، فتصفعه بقوة وسط اشمئزاز الحاضرين من الحادثة.

قبل أن يعلَن موعد الطلاق، يكون مايك متأكداً أنه لا يريد أن يخسر زوجته وعائلته، وخلال المحكمة يدعي مارك أن لديه رسالة من مايك، مخترعاً قصة سفره إلى ما وراء البحار، يبكي وهو يقرأ الرسالة التي يعبّر فيها مايك عن حبه لزوجته، ويصف المرة الأولى التي التقاها بها، مؤكداً لها أنها حتى لو نالت الطلاق، فإنه لن يتوقف عن حبها، فيقرر القاضي تأجيل البت في موضوع الانفصال.

في ختام الأحداث، يكون على مايك/مارك، أن يلعب أمام لجنة حكم لإعطائه منحة جامعية، ويجد نفسه، مرة أخرى، أمام خيار من اثنين: سكارليت أو المنحة الجامعية، فيختار سكارليت.

الفيلم حقق نجاحاً كبيراً فور عرضه في صالات السينما، حيث تجاوزت إيراداته فور العرض الأول 25 مليون دولار، مرشحة للزيادة بعد جولاته على صالات السينما العالمية، ونال تصنيف «ممتاز جداً» في تصويت الجمهور بعد العرض الأول، وعلى نسبة 61 في المئة في تصنيف موقع Rottentomatoes.com لنقد الأفلام.

17-Again: إلى أين تقودنا خياراتنا؟
 
30-Apr-2009
 
العدد 74