العدد 74 - ثقافي
 

تأليف: قتيبة الحباشنة

الناشر: أمانة عمان الكبرى، 2008

عدد الصفحات: 219 صفحة

يتناول الكتاب العلاقة التي تربط السياسة بالأدب، من خلال شخص الروائي الراحل مؤنس الرزاز وأعماله، مقدماً قراءة للواقع السياسي الذي شكل الوعي المبكر للروائي، ومؤشراً على الملامح العامة لسيرته السياسية والحزبية، ثم العبور من هذا المدخل للبحث في أثر الرؤية الفنية للرزاز في تشكيل أعماله الروائية.

اختار الباحث قراءة تقاطع السياسي بالأدبي في روايات الرزاز: «أحياء في البحر الميت»، «متاهة الأعراب في ناطحات السراب»، «اعترافات كاتم صوت»، «جمعة القفاري»، «يوميات نكرة»، «الذاكرة المستباحة»، «قبعتان ورأس واحد»، «مذكرات ديناصور»، «الشظايا والفسيفساء»، «حين تستيقظ الأحلام» و»ليل عسل». كاشفاً عن قدرة الرزاز المتفردة بالاستجابة والتفاعل مع أدق التفاصيل في الحياة العامة والخاصة.

يشير الباحث إلى أن الرزاز ظل دائماً مسكوناً بتجربته الشخصية، وإن حاول أن ينكر ذلك غير مرة، إلا أن حادثة من مثل الإقامة الجبرية التي فُرضت عليه وعلى عائلته مثلاً كانت تظهر بجلاء في رواياته، وكذلك فكرة تشظي العصابة التي ألحّت على خاطر الرزاز في كتاباته، بما يحيل إلى تشظي حزب البعث بين الأردن وسورية والعراق، على مستوى القيادات القطرية والقومية، كذلك معاناة والده منيف الرزاز الدائمة في خضم هذه الانشطارات، إضافة إلى الحالة التي كانت تداهم الرزاز في أعماله، وتمثلت بالتحول عن الثابت في مواقف: الإنسان، العصبة، الوطن، الواقع، الرؤى، الأحلام والطموحات، بما يشير إلى لعبة الجلاد والضحية التي عانى منها والده والأسرة معه، إذا كانوا في حالة دائمة من التنقل والتحول ما بين دور السلطة ودور ضحية السلطة.

يعيد الباحث قراءة مشهد الواقع العربي كما عاينه الرزاز أدبياً، لافتاً إلى أن الواقع القامع والمقموع معاً، والخراب والانهيار والتشظي، عوامل أنتجت مبدعاً عصابياً وسوداوياً يعاني من حالة الفصام، ما قاده لإعادة إنتاج الأزمة الفجائعية بإنتاج عالم فني بديل عن عالم الواقع، دون أن يترك في عالمه الجديد المتخيل بصيصاً للأمل، على عكس الروائيين الآخرين الذي أبقوا على شذرات أمل تسربت عبر كتاباتهم.

يرى الباحث أن التشظي والتهشيم والتخريب طالت أيضاً الشكل الروائي ضمن لعبة غنية من التجريب والتخريب، نمّت عن روح متمردة على السلطة بكل أشكالها، وسائر تمظهراتها. مؤكداً أن اشتباك الروائي بالسياسي على النحو المراوغ الذي جسّده مؤنس إبداعياً لم يدع مجالاً للسياسي في إضعاف الروائي واستلابه باتجاه التقريرية والمباشرة، فجعل الرزاز الواقعيَّ يتسرب في نسيج الفنّي، فبدا متكاملاً ومنسجماً معه.

الغائب المحكي: دراسة في أدب مؤنس الرزاز السياسي
 
30-Apr-2009
 
العدد 74