العدد 74 - حريات | ||||||||||||||
بثينة جوينات من يدير دفة الأمور في المنزل، ومن يتحمل مسؤولية اتخاذ القرار وتنفيذه؟ هل ما زال الرجل يستأثر بمرجعية القرار وفرض الكلمة الأخيرة، أم إن الحياة تسير حقا نحو قدر أكبر من المشاركة والإقرار بتغيير دور المرأة؟ الطبيب النفسي سليم الصياغ. يرى أن دور المرأة في الأسرة طرأ عليه بعض التغيير، وإن كان في المجمل يحتفظ بشكله التقليدي المعروف. يقول: «هناك أدوار طبيعية لكلٍّ من الرجل والمرأة يقومان بها بالشراكة، أو منفردين، فدور الرجل في العمل والإنتاج، ودور المرأة في المنزل، ويبقى المنزل هو المكان الأفضل لاتخاذ القرارات بالتفاهم والحوار والمشاركة، وليس بفرض السلطة والسيطرة وقلة الاحترام والخلافات». عدد من المتزوجين الذين التقت بهم «السجل» تباينت آراؤهم حول هذه المسألة «الحياة تستقيم بالتعاون والمشاركة بين جميع الأطراف، وقد ذهبت عادات وتقاليد وأعراف إلى غير رجعة، وأصبح المجتمع على درجة من الوعي لأهمية دور المرأة في حياة الرجل والأسرة، ولم تعد إدارة المنزل والتحكم بالقرارات تقتصر على الرجال فقط، بل تساعده المرأة في ذلك. لقد انتهى عصر الجواري»، هذا ما تقوله مي داودية (موظفة، 46 عاما). تتحدث مي عن تجربتها الشخصية في هذا المجال: «على الأغلب تؤخذ القرارات في منزلي بالتشارك والتفاهم، وأحيانا يقوم زوجي باتخاذ بعض القرارات التعسفية بعد المناقشة، وفي النهاية أرضخ لقرار زوجي دون افتعال أي مشاكل، وأستنتج في النهاية أن قراره كان هو الأسلم». عبلة الناصر (ربة منزل، 50 عاما) ترى أن بعض النساء محبّات للسيطرة والتحكم في كل ما يخص البيت، وينظرن إلى الرجل بوصفه من ممتلكاتهن. تضيف: «أتعجب لبعض الرجال الذين يتركون القيادة للمرأة رغم قدرتهم وثقافتهم العالية، المرأة لا تصلح لإدارة كل شؤون الحياة بما فيها المنزل، وهناك نساء يغلب عليهن طابع الأنانية. أنا أفضّل أن يكون القرار لزوجي في أغلب الأوقات، بخاصة القرارات التي تتعلق بالأولاد، أما الأمور المنزلية فتُتخذ القرارات فيها بالمشاركة». بدورها، ترى سهاد باكير (مهندسة، 39 عاما) أن للمرأة دورها، وللرجل دوره. «المرأة في أغلب الأحيان تعطي حلولا وليس قرارات، وتدرك أن الزوج يرضى بدافع الحب والثقة، أما إذا وصلت المرأة إلى درجة السيطرة، فإن البيت يفقد نكهته ورونقه. الرجل في النهاية هو سيد المنزل ولا يمكن تهميشه إلا إذا كان لا يمتلك الشخصية التي يمكن أن يفرضها على زوجته وأبنائه». سهاد تعتقد أن أي قرار في مؤسسة الأسرة يجب أن يُتخذ بالتفاهم المتبادل، لتسير الحياة خالية من أية سيطرة ومن أي مشاكل يمكن أن تخل بنظام العائلة. أما وائل فهد الشرعان (معلم، 38 عاما) فيرى أن اتخاذ القرار داخل الأسرة أصبح موضوع خلاف بين كثير من الأزواج. ويردّ ذلك إلى ما يصفه بـ«الآثار السلبية التي ترسخت في ذهن المرأة الشرقية نتيجة متابعة المسلسلات والأفلام الغربية التي هدمت الكثير من المفاهيم الاجتماعية لدينا». يضيف: «يتوقف الأمر على شخصية الرجل، فإذا كان يمتلك شخصية قوية استطاع السيطرة وفرض قراراته على زوجته وأولاده وكان صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، أما إذا كان ذا شخصية ضعيفة، انقلبت المرأة عليه وكدرت عليه حياته، الأمر الذي يترك مردودا سيئا على الأبناء». ويستدرك الشرعان: «إلا أنني أرى أن الأسرة المتفاهمة لا تضع في تفكيرها من يسيطر، بل تُتخذ القرارات فيها من قبل الزوج والزوجة معا دون أن يكون هناك قرار منفرد»، وهو رغم ذلك، يعترف أنه، في كثير من الاحيان، يقوم باتخاذ القرارات منفردا، «حتى لو أدى ذلك إلى حدوث مشاكل بيني وبين زوجتي». من جهته، يبين أكرم البسطامي (موظف بنك، 53 عاما) أن تحمُّل المرأة وإدارتها لكل ما يتعلق بشؤون الحياة الأسرية، لا يعني بالضرورة سيطرتها على المنزل، وإنما يزيد ويعزز مكانتها في الكيان الأسري، موضحا أن زوجته تتحمل إدارة شؤون حياتهم الأسرية بما في ذلك الأمور المادية، وتدريس الأبناء، والخروج بهم للترفيه، وشراء حاجيات المنزل. «لا أستطيع اتخاذ أي قرار منفردا، بل أقوم بالتشاور والتحاور معها للوصول إلى قرار يرضي الطرفين. الحياة الزوجية حياة تشاركية في كل شيء، وليست علاقة بين حاكم ومحكوم»، يقول البسطامي. فاروق العبادي (مهندس، 37 عاما) يقول: «لا أدري كيف يتيح الرجل للمرأة الفرصة للضغط عليه، وأن تصبح هي صاحبة القرار والآمرة الناهية في كل ما يخص شؤون المنزل؟. ويضيف: «أتشارك مع زوجتي في اتخاذ القرارات التي تهم الأسرة، وعندما لا نستطيع الوصول إلى قرار موحد، نترك الأمر لفترة أو للظروف، لحل ما كان عالقا، وبعكس ذلك أكون أنا صاحب القرار». الباحثة الاجتماعية هالة عثمان، توضح أن هناك تقسيما وظيفيا، أو ما يشبه توزيع الأدوار بين المرأة والرجل في الحياة الزوجية، وأن لكل منهما دوره ومسؤولياته. «في مجتمعاتنا العربية رب الأسرة في النهاية هو صاحب القرار داخل منزله، وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة، وهذا لا يلغي دور المرأة في المشاركة ولا دورها في إبداء رأيها في المواضيع التي تهم حياتها الأسرية». تؤيدها في ذلك زميلتها نهى جرار، التي ترى أن المشاركة والتشاور ضروريان بين الزوجين في الكثير من الأمور والمواقف، لكن هناك قرار أخير في بعض المواضيع لا بد أن ينفرد فيه أحد الطرفين، وغالبا ما يكون الرجل، لأن أغلب النساء يوافقن ضمنا على ذلك. توضح الباحثة جرار أن ظاهرة «سيطرة طرف على الآخر» ليست ظاهرة عامة، وإن وُجدت تعدّ حالة طبيعية لها أسبابها الاجتماعية والنفسية. تتمثل الأسباب الاجتماعية في أن المرأة قد ترى أن الوضع الأسري الذي نشأت فيه أعلى من وضعها المعيشي مع زوجها، لهذا يحدث تمرد أو رفض لقرارات الزوج، أما النفسية، فسببها نشوء الزوجة في أسرة كانت والدتها تسيطر فيها على والدها مثلاً، مما يؤثر فيها ويجعلها تتصرف بالطريقة نفسها. |
|
|||||||||||||