العدد 74 - حريات
 

محمد العرسان

فتح انتقاد رئيس اللجنة القانونية النائب مبارك أبو يامين العبادي «تدخل الأمن في الجامعات الرسمية» الباب للحديث عن حجم هذا التدخل وآليته، ومدى الحرية الطلابية لممارسة العمل السياسي داخل أسوار الجامعات.

الانتقاد ورد على لسان النائب في ندوة عقدت الثلاثاء الماضي بمناسبة مضي عامين على حملة «ذبحتونا» الطلابية وسبقته مذكرة من أحزاب المعارضة، وجهت لرئيس الوزراء نادر الذهبي كان فحواها «انحسار المشاركة الطلابية في انتخاب مجالس واتحادات الطلبة، والمضايقات التي يتعرض لها الطلبة وتدخلات الجهات الأمنية، من خلال إقامة تنظيم خاص بها وفرت له الرعاية، بينما عمدت إلى التضييق على التيارات الفكرية المخالفة لسياسات الحكومة في بعض القضايا، بالاستدعاءات وممارسة الضغوط لحرف إرادتهم». حسب ما جاء في المذكرة

قال العبادي «عندنا عدد كبير من رؤساء الجامعات في الأردن يدارون من قبل عريف، وشخصيا أنا لا أحترم أي رئيس جامعة باستثناء رئيس الجامعة الأردنية وشخص آخر، وأنا بحديثي هذا لا أخشى أحداً».

ومضى العبادي قائلاً: «جهاز المخابرات نحترمه كل الاحترام، وعليه مسؤوليات كبيرة، وظيفته تحقيق الأمن وبفضله نتمتع بالأمن الان، كما ان وظيفته مراقبة المال العام الذي ينهب، وتقديم الدعم اللوجستي لأدوات الحكم، ووظيفته اكبر من أن يوجه رئيس جامعة.والحل يكمن في عودة الديمقراطية الحقيقية للجامعات، والبحث عن كفاءات أكاديمية محترمة تقود جامعات رسمية حتى يكون منتجنا التعليمي محترماً، وحتى ننتمي للأردن والدولة ونحن نملك العقل، لا يجوز لمن يمثل الأردن أن يدخل أي قاعة ووظيفته أن يردد هاشمي هاشمي، فيما الناس تتحدث بعلم وتبتكر».

منسق الحملة الوطنية للدفاع عن حقوق الطلبة « ذبحتونا» د.فاخر دعاس يقول: «إن العمل السياسي داخل الجامعات ممنوع ويعاقب من يقوم به من خلال أنظمة التأديب في الجامعات، التي تمنع العمل السياسي والطلابي بشكل عام».

مكاتب في الجامعات

أدوات التدخل في الجامعات عديدة، يقول د.دعاس «لدينا شواهد من داخل الجامعات على وجود هذا التدخل الأمني، فعلى سبيل المثال هناك مكاتب أمنية داخل الجامعات بمسميات عديدة كمكاتب عمادة شؤون الطلبة أو تحت مسمى مكتب للأمن الجامعي أو مكتب نشاطات طلابية، ويتواجد في هذه المكاتب رجال أمنيون من خارج الجامعة، وهذا لا يخفى على احد سواء من الأكاديميين أو من الطلاب، وتقوم هذه المكاتب باستدعاء الناشطين في الكتل الطلابية والتحقيق معهم حول الكتلة أو حين توزيع ملصقات معين».

الشكل الثاني من التواجد في الجامعات –حسب دعاس- يكمن فيما يطلق عليها «كتلة العمادة» التي تتدخل في انتخابات اتحاد الطلبة في الجامعات.

يصف دعاس هذه الكتلة، ويقول: «هذه الكتلة أصبحت قوية جدا بسبب الدعم الأمني لها بأشكال مختلفة، تسيطر على زمام الأمور في 90 في المئة من مجالس اتحاد الطلبة، ويتم الضغط على الطلبة للتصويت لصالح مرشحي هذه الكتلة أو الامتناع عن التصويت لكتل أخرى،اذ أصبح وجود الأجهزة داخل الجامعات وقت الانتخابات أمراً طبيعياً، يقومون بالتحقيق مع بعض الطلاب، وهذا ما حدث مع أعضاء حملة ذبحتونا والمناصرين لها».

روايات...

يروي الطالب ناصر المناصرة من الجامعة الأردنية قصة التحقيق معه على خلفية توزيع ملصق ما، ويقول: «في حادثة حصلت معي في الجامعة الأردنية قمت بتوزيع ملصق في أحد الأيام، تفاجأت بتحويلي إلى دائرة المخابرات، ولم يتم اللجوء للنظام التأديبي الداخلي، ولم أحول إلى مجلس ضبط».

طالب آخر رفض نشر اسمه ذكر مثالاً هو إلقاء القبض على عدد من الطلبة، وتم توقيفهم عن الدوام الجامعي، وذلك على خلفية انتخابات اتحاد الطلبة في جامعة مؤتة، وبرر هذا التجاوز على أنه إجراءات حفاظاً على الطلبة».

وفي رسالة بعثت بها مجموعة من أعضاء مجلس الطلبة لجامعة الطفيلة التقنية «ذبحتونا» حول تجاوزات تمت خلال انتخاب رئيس وأعضاء الهيئة الإدارية لمجلس الطلبة.

وقال الطلبة إنه تم استدعاء عدد منهم قبل إجراء الانتخابات بأيام قليلة، والطلب اليهم بالتصويت عند انتخاب رئيس المجلس لصالح أحد المرشحين، كما أعطي بعض أعضاء مجلس الطلبة علامات معينة «ترميز» لتتأكد من انتخابهم للمرشح المطلوب.

رئيس جامعة جدارا للدراسات العليا علي محافظة «يتهم حملة ذبحتونا بالمبالغة والتطرف» ويقول إن معلوماتها «لا أساس لها من الصحة،خصوصاً بما يتعلق بمنع الطلاب من القيام بالعمل الطلابي من اعتراضات واحتجاجات على قضايا تعليمية، مؤكداً أن ذلك يتم من خلال اتحاد الطلبة الممثل الشرعي للدفاع عن حقوق الطلاب».

يرى محافظة أن من حق الطالب الانتماء لحزب سياسي، وأن يكون له فكر معين خارج أسوار الجامعة، معتبرا ممارسة العمل السياسي داخل الجامعة أمراً خطيراً جداً، وينعكس على العملية التدريسية داخل الجامعة وعلى عملية البحث، وسيؤدي إلى اضطرابات وصدامات الطلبة، الجامعة في غنى عنها.

وحول وجود مكاتب أمنية داخل الجامعة يعلق المحافظة -الذي ترأس جامعة اليرموك في وقت سابق – إنه «أمر مرفوض رفضاً باتاً ولا يجوز بأي شكل من الإشكال، اذ يجب ان تتمتع الجامعة بالاستقلال الإداري، وإذا وجد ذلك فعلا فهو يدل على ضعف إدارة الجامعة وتدني مستوى إدارتها».

يستذكر المحافظة كيف استطاعت جامعة اليرموك في فترة من الفترات حل خلاف طلابي كبير من خلال الأمن الداخلي، دون الاستعانة بالأجهزة من الخارج»

بينما يرى دعاس «أن غياب الوعي السياسي ومنع العمل السياسي في الجامعات، كان السبب الأبرز وارء تكرار أعمال العنف في الجامعات لأسباب عشائرية وإقليمية، اذ شهدت عدد من الجامعات مؤخرا موجات من العنف الطلابي على خلفيات متعددة من أبرزها انتخابات اتحاد الطلبة التي يغذيها النفس العشائري والإقليمي.

النائب السابق عودة قواس يعتبر أن الطلاب «هم الذراع الأقوى للأحزاب في الضغط على الحكومات في معظم دول العالم».

ويرى أن «عدم تسييس العمل الطلابي مشكلة خطيرة في الأردن وفي التنمية السياسية، لكن في الوقت نفسه، فإنه يجب عدم تنظيم الطلبة داخل الجامعات،مع ابقاء ممارسة العمل السياسي خارج الجامعات حقاً لهم وهو طريق الإصلاح السياسي».

تطمينات ملكية

الملك عبدالله الثاني طمأن العام الماضي شباب الجامعات من مساءلات ومطاردات قد يتعرضون إليها في حال انخراطهم في العمل السياسي والحزبي، وقال الملك أمام حشد من طلاب جامعة اليرموك «إنه لن تكون هناك مساءلة أمنية من انخراطهم في العمل السياسي والحزبي»، وقال «لا مشكلة مع الأجهزة الأمنية».

إلا أن الطالب وسام من جامعة البترا يؤكد أن «الأجهزة تضيق الخناق على الطلاب من ذوي الخلفيات الحزبية المختلفة وعلى النشاطات التي يمارسها هؤلاء الطلاب».

ويقول وسام « رغم الشعارات التي تطرح بالدعوة للمشاركة في الأحزاب والتنمية السياسية، إلا أن هذه الشعارات لا تطبق على أرض الواقع، وهذا ماثل من خلال الممارسات التي نتعرض لها من خلال المكاتب المنتشرة داخل الجامعة التي تعمل تحت مسميات مختلفة، مما يدفع المسيرة الديمقراطية بدفع عكسي، ناهيك عن قوانين الجامعات التي تضيق على العمل السياسي، ففي الجامعة الأردنية من يروج لمنشور سياسي يفصل من الجامعة فصلا نهائيا بينما الطالب الذي يروج للمخدرات يفصل لفصلين».

وزير التنمية السياسية موسى المعايطة في رده على سؤال حول ملاحقة الطلاب ومنعهم من العمل السياسي داخل الجامعات يقول: «إن عدداً من الجهات لا تلتزم بتطبيق الإصلاح السياسي وترفضه».

ويبلغ عدد طلاب الجامعات الأردنية نحو 250 ألف طالب وطالبة، تستوعب الجامعات الرسمية ثلثي هذا العدد، بينهم نحو 30 ألف طالب عربي و15 ألفاً في البرنامج الموازي، في ظل توقعات بارتفاع أعداد طلبة إلى 350 ألفاً العام 2015.

وزير التنمية السياسية: جهات لا تلتزم بالإصلاح السياسي الوجود الأمني في الجامعات: التدخلات تنال من استقلالها
 
30-Apr-2009
 
العدد 74