العدد 74 - اقتصادي | ||||||||||||||
محمد كامل أخفقت الحكومة مجددا في طريقة طرحها لمشروع قانون جديد، كونها اكتفت بنشره على الموقعين الإلكترونيين لوزارة المالية ودائرة الضريبة والدخل، طالبةً إبداء الرأي، دون أن تعقد لقاءات معمّقة مع المعنيين بالقانون «القطاعات الاقتصادية: الزراعة، الصناعة، البنوك والتجارة»، بحسب الخبير الاقتصادي محمد البشير. مشاريع القوانين الضريبية تعثرت أكثر من مرة، ففي العام 2006 سحبت حكومة رئيس الوزراء السابق، معروف البخيت، قانونا معدلا للدخل بعد رفضه من مجلس النواب، وأوقفت وزارة المالية مشروع قانون آخر في العام 2008، بعد أسبوع واحد من طرحه، للاستئناس بآراء الشرائح الاقتصادية والاجتماعية. الحكومة من جديد نشرت الاثنين 27 نيسان/أبريل مشروعَ قانونٍ جديداً أطلقت عليه اسم «مشروع قانون الضريبة»، وسربت له تسميات أخرى مثل «قانون الضريبة الموحد» و«قانون دعم الطبقة المتوسطة»، كان قد لقي معارضة لأكثر من سبب، فهناك بنود تتعلق بنيّة الحكومة تقديم إعفاءات إضافية للبنوك مثلا، وأخرى تنص على عقوبات تصل للحبس في حق المتهربين من الضريبة. البشير يؤكد أهمية وجود إصلاحات ضريبية تواكب المرحلة الحالية التي شهدت تطورات في مناحي الاقتصاد كافة، لكنه انتقد المساس بالشرائح الفقيرة، بخاصة في ضريبة المبيعات التي تنوي الحكومة الإبقاء على نسبتها في القانون الجديد. وهو يستنكر قيام الحكومة بتغييب المعنيين واكتفائها بنشر المشروع. واتفق نقيب تجار المواد الغذائية، خليل الحاج توفيق، مع ما ذهب إليه البشير. يقول: «ما دام القطاع العام يتحدث عن الشراكة مع القطاع الخاص، ينبغي أن يشارك القطاعان في الحوار عند وضع المسودات بدلاً من مفاجأة القطاع الخاص بقوانين جديدة». تلك التشريعات فيها مساس بمصالح العديد من الشرائح، وهي تُواجَه بالرفض في عدد من البنود، والتأييد في بنود أخرى. «كان الأَولى الجلوس على الطاولة، والخروج بقانون متفق عليه ويرضي جميع الأطراف»، بحسب الحاج توفيق. رأي رئيس جمعية رجال الأعمال حمدي الطباع في مشروع القانون، يؤكد وجود تباين في وجهات النظر إزاء المشروع. حيث إن فرض ضريبة على الدخل بحد 24 ألف دينار سنويا، وعدم رفع تلك القيمة إلى 36 ألفاً، يمس الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل برأيه، وهو ما يعني اعتراضه على هذا البند. بيد أن الطباع أيّد خفض الضريبة على البنوك من 35 إلى 25 في المئة، وهو ما تنوي فعله الحكومة. وهو يرى أن ذلك سينشط عمل البنوك، ويعطيها مرونة في توسيع قاعدة تسهيلاتها التي تهم الأفراد بالدرجة الأولى. من جهته، يرى البشير في ذلك دعما مبطنا للبنوك التي «تستنزف مدخرات المواطنين»، بحسب تعبيره، وهو ما تعكسه الأرباح التي تجنيها تلك البنوك من الفوائد. يضيف: «هنالك قطاعات أَولى بالإعفاء، مثل قطاع الزراعة». الطباع يؤيد البشير بالقول: «نعم، طالبنا بإعفاء كامل لقطاع الزراعة، لما له من أهمية في ضمان الأمن الغذائي». بينما منح مشروع القانون إعفاءً لأول 50 ألف دينار من الدخل المتأتي من النشاط الزراعي. وهو ما يعدّه الطباع غير كافٍ. لكن وزير المالية باسم السالم، صاحب فكرة المشروع، الذي تابع إعداده من البداية وعقد لقاءات تشاورية عدة جمعت لجانا فنية وإدارية لطرح المشروع، أكد لـ«ے» أن ما تم نشره «مجرد مسودة مشروع قانون، وهو أمر طبيعي، كون الحكومة بذلك ستستأنس بآراء الأطراف كافة، وصولا لمصلحة الجميع». الوزير بيّن أن التعديلات ستخدم الطبقة المتوسطة أكثر من غيرها، كون مشروع القانون حرص على منح إعفاءات ضريبية على دخل الأفراد حتى 24 ألف دينار سنويا للمكلَّف، ما اعتبره السالم إعفاء لنحو 90 في المئة من السكان، أي أن «الغالبية العظمى ستُعفى من الضرائب». الوزير كشف عن بنود محدودة في مشروع القانون على هامش مؤتمر اقتصادي عُقد في البحر الميت خلال الشهر الجاري، عندما كان يتحدث لعدد من الصحفيين، واكتفى بالقول حينئذ: «إننا نقوم بتعديلات على مشروع القانون بناء على ملاحظات من القطاعات كافة، وسنعرضه على الجميع قريبا». جمعية رجال الأعمال نشرت ملاحظاتها على مشروع القانون دون الاطلاع على بنوده كاملة، وقبل يومين من نشره على الموقعين الإلكترونيين، وبينت أن ملاحظاتها جاءت بناء على ما توافر لديها من معلومات حوله، إثر اجتماع مجلس الشراكة بين وزارة المالية والقطاع الخاص، مؤخرا، ومن خلال لقاء آخر عقبه، عُقد في غرفة صناعة الأردن، لفعاليات القطاع الخاص، وممثلي المؤسسات، والدوائر التابعة لوزارة المالية، لبحث مسودة المشروع. جمعية رجال الأعمال أكدت أنه لم يتم توزيع مسودة مشروع القانون الجديد من قبل وزارة المالية على أعضائها، أو على مؤسسات القطاع الخاص، ما يجعل الملاحظات مستندة إلى معلومات مسرَّبة من هنا وهناك. وهو ما بيّنه الحاج توفيق، بقوله إن نقابة تجار المواد الغذائية لم ترَ المشروع، إلا بعد نشره على موقع الوزارة. يرى الحاج توفيق أن اللجنة المالية في مجلس النواب يمكن أن تؤدي دورا مهما في حال التقت بفاعليات القطاع الخاص عندما يصل إليها مشروع القانون، كما حدث في مناقشات مشاريع قوانين سابقة وصولا للمصلحة العامة. يشار إلى أن أول قانون لضريبة الدخل صدر في العام 1933، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف النقاش حول الضرائب حتى مع وجود المادة 111 من الدستور التي تنص على مبدأ التكليف التصاعدي، بما يتناسب مع المداخيل والأرباح، على قاعدة أن هذا الترتيب «يعني سلفا نموا سيصيب دخول المواطنين، وينقلهم من شريحة إلى أخرى» بحسب البشير، لأن هدف أي نمو اقتصادي تحسين مستويات ودخول المواطنين. |
|
|||||||||||||