العدد 2 - أردني | ||||||||||||||
بينما "تتزين" مدن وقرى الأردن وحتى مخيماته، بالشعارات الرنّانة وصور المرشحين المبتسمين يقف مخيّم غزة متفرجا عن بعد دون أن يدعى إلى هذه الوليمة السياسية-الاقتصادية. في هذا المخيم، الذي يؤوي زهاء 30 ألف لاجئ غزّي قرب جرش (45 كيلو مترا شمالي عمّان)، لا يوجد أي إشارة أو يافطة تذكر سكانّه بالخدمات الموعودة أو التعهد بتحرير الأرض من "البحر إلى النهر"، هذا ما رصدته "السجل" في جولة داخل المخيم.
بين الأزقة والشوارع غير المعبدة وأبنية مهلهلة غطّاها الغبار، لا يجد الزائر سوى أطفال بملابس رثّة يلعبون عند حافة منازل لا يبعث مشهدها سوى على الاكتئآب.
ليس هناك أي أثر للانتخابات في مخيم غزة، الذي شيّد لاحتواء مهاجرين تدفقوا عقب حرب حزيران/يونيو 1967، سوى تفاعل عفوي مع الأصدقاء كنوع من المجاملة، كما يقول السكان.
المعالم الانتخابية ستختفي من سائر مناطق المملكة ومعها وجوه النواب المبتسمة، سواء فازوا أو خسروا. لكن سيفرز هذا الحدث الموسمي أصواتا تتحدث باسم تلك القرى و المدن و المخيمات بينما يبقى سكان غزة بلا صوت تحت القبّة.
«الغزيّون" ليسوا مهتمين كثيرا بنتائج الانتخابات أو المهرجانات الخطابية التي يلعلع صوت المرشحين فيها أو الولائم المصاحبة، و إنما بما يصحب هذا الحدث من تسليط ضوء على مشاكلهم و حتى لو وعود بتحسين ظروفهم المعيشية التعيسة.
في هذا المخيم تخلو الشوارع المغبّرة من خيم المرشحين الذين غابت صورهم رغم وجود 400 صوت معظمها لزوجات أردنيات وعدد قليل من اللاجئين الذين يحملون الرقم الوطني.
«أنا لا أحمل رقما وطنيا لكنني أحمل قلب وطني يحب الأردن كما يحب فلسطين،" عبارة أطلقها عودة أبو صوصين، أحد وجهاء المخيم.
أبو صوصين لا يرغب سوى بحقوق مدنية وربما سياسية. لكنه يصر مع ذلك: "ليس على حساب التوطين". يؤكد نائب رئيس لجنة تحسين المخيم السابق أن تعداد أهل غزة الأصليين في المخيم لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، بينما تنتمي الغالبية إلى بدو بئر السبع وقرى فلسطين الذين هاجروا بعد حرب 1948 و ما نتج عنها من تشرد و ضياع لمئات آلاف من الفلسطينيين. ثلاثة أجيال من اللاجئين يعيشون في المخيم منذ ما يقرب 40 عاما. لكنهم، كما يقول أبو صوصين، لا زالوا محرومين من العديد من الحقوق التي قد تساهم في تحسين ظروفهم الحياتية.
يقول ابو صوصين: "ليس لدينا أمل في أي حكومة أردنية فلم نر من أي منها سوى وعود". لكنه يستثنى حكومة عبد الكريم الكباريتي عام 1996 التي سمحت لأبناء غزة بامتلاك رخص قيادة لمدة عشرة أعوام بعد أن كانت تجدد كل عام.
ويضيف "لقاؤنا الأخير مع جلالة الملك أدى إلى حل بعض القضايا مثل الصحة والتعليم. لكن لدينا مشكلة قائمة لم تحل وهي موضوع العمل و امتلاك الأراضي". ويشكوا الغزيّون من غياب "الأمن و الاستقرار" الاجتماعي لأبناء غزة حيث أن الكثير منهم يضطرون لشراء قطع أراضي عن طريق أقارب أو أصدقاء يحملون الرقم الوطني، ما يخلق مشاكل لهم ولأبنائهم.
يأمل أبو صوصين في أن تسمح وزارة التربية والتعليم بتعيين أبناء المخيم في التدريس "سيما أن العديد من المدارس في الجنوب بحاجة ماسّة إلى كوادر تعليمية."
ويخلص أبو صوصين إلى أن أبناء منطقته لا يطالبون ب"التوطين ففلسطين أرضنا و لن نتخلى عنها لكننا نريد أراض نعيش عليها حياة كريمة.» |
|
|||||||||||||