العدد 74 - اقليمي
 

سليم القانوني

نصح رئيس الدبلوماسية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان، بالتوقف عن «ترديد الشعارات إذا ما أريد للسلام أن يتحقق في الشرق الأوسط». ما اعتبره شعارات، هي المطالبات الدولية بإحلال السلام مقابل الأرض (العربية المحتلة)، وإرساء حل الدولتين.

وكان الروسي المهاجر والمغامر (تقرأ الفاسد)، قد اعتبر قبل ذلك وغداة وصوله إلى رأس وزارة الخارجية، أن السلام في الجولان يتحقق ضمن وصفة «السلام مقابل السلام»، لا السلام مقابل الأرض (الهضبة السورية المحتلة منذ العام 1967).

لم يحدد الرجل إلى من يتوجه بنصائحه السديدة، ومن المفهوم أنه يخاطب كل من تعنيه قضية السلام في منطقتنا، غير أن الزيارة المرتقبة لرئيسه نتنياهو للبيت الأبيض بعد نحو أسبوعين، تدلل على أن زعيم الليكود يتحدث عبر وزيره، استباقاً وتمهيداً للقاء الأول بين الفائز برئاسة حكومة تل أبيب، وبين الرئيس الجديد للدولة العظمى.

كان أوباما شدّد على حل الدولتين وعلى المبادرة العربية للسلام كأسس للحل. مبعوثه جورج ميتشل الذي قام حتى تاريخه بثلاث جولات إلى المنطقة، اعتبر أن «إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة مصلحة قومية أميركية».

غير أن ما تقدم يظل يمثل الجزء الظاهر من جبل الجليد. فاليمين الإسرائيلي «القديم»، مقارنة باليمين الجديد الذي يمثله حزب «كاديما»، يرغب مسبقاً في طي ملف السلام نهائياً، ومنح أولوية مطلقة للملف الإيراني، كما دأب نتنياهو على ترديد ذلك، في محاولة لاجتراح أولويات جديدة وشطب أولويات «سابقة». رغم أن الإدارة الديمقراطية في واشنطن، جنحت بوضوح للحوار مع طهران، رغم تصريحات متشددة أطلقتها الوزيرة هيلاري كلينتون.

بذلك، فإن نتنياهو وخلفه ليبرمان، لا يكتفيان بالإعلان عن أجندة حكومة أقصى اليمين في تل أبيب، بل يسعيان لتحديد أجندة لإدارة أوباما. وكما كان عليه الحال في ولايتي بوش، حيث نجح شارون وأولمرت بسلاسة في فرض أجندة على البيت الأبيض، تقوم على أنه ليس هناك «شريك فلسطيني» وبما أنه لم يكن هناك شريك حسب ذلك الزعم، فلا معنى للمفاوضات، فإذا جرت وهي جرت بالفعل بعدئذ، فسيكون الهدف منها أن يثبت الطرف الفلسطيني أنه شريك.. للرؤية الإسرائيلية للسلام، لا أن يتم التوصل إلى أي اتفاق، وهو ما حدث بالفعل.

بهذا يتصرف السيد نتنياهو كما لو أن الرئيس الأميركي الجديد هو مجرد قائم بأعمال الرئيس بوش، وكما لو أن عصابة المحافظين الجدد ما زالت تتربع في مواقع نفوذها، وكل ما تبدل هو أن زعيم الليكود حل محل زعيم كاديما.

أبعد من ذلك، فإن رسالة نتنياهو في الأسابيع الأولى لحكومته، تشي «أن أميركا هي أميركا» بصرف النظر عمن يجلس وراء المكتب البيضاوي، وعن توزيع المقاعد بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس، وهي تضع مصالح الاحتلال الإسرائيلي فوق وقبل المصلحة القومية الأميركية. وهذه بالمناسبة رؤية يتبناها كثيرون في الشرق الأوسط لا نتنياهو فحسب، إزاء أميركا «التي لا تتغير».

أوباما الذي رفع شعار التغيير في حملته الانتخابية، وتمسك بهذا التوجه منذ الأيام الأولى لولايته، يمتلك فرصة كي يبرهن للجميع على أن التغيير ليس مجرد شعار، بل هو سياسة ومصلحة قومية أيضاً.

“التغيير الأميركي” ممنوع
 
30-Apr-2009
 
العدد 74