العدد 74 - الملف | ||||||||||||||
عطاف الروضان المراقب لاتجاه خط سير السيارات على أوتوستراد عمان الزرقاء، لا بد له أن يلاحظ ميل الكفة في اتجاه السيارت لصالح المسرب المؤدي إلى عمان صباحاً، وإلى الزرقاء مساءً. هذا المشهد يفسر اختلاف بوصلة الحراك الاجتماعي بين المدينتين؛ الزرقاء كانت حاضرة الرفاه الاجتماعي في الماضي، بسبب الوجود الاجتماعي في المناطق الموازية للمعسكرات، والذي كان بدأ بحي سكني لأسر أفراد الجيش البريطانيين من قوة الحدود، في عشرينيات القرن الماضي. في تلك الأثناء كانت هنالك حاجة ماسة لمتنفس اجتماعي في تلك البيئة الصحراوية جغرافياً والعسكرية تكوينياً، لعائلات الجنود البريطانيين المتواجدة معهم في معسكرات في صحراء الزرقاء. لهذه الغاية، قام الجيش بقيادته البريطانية بتأسيس نادي الضباط، كان النادي يعج بالزوار واللقاءات الاجتماعية بين العائلات وبجلسات الشاي والحفلات الأسبوعية والشهرية الساهرة. هذا النمط الاجتماعي استمر بعد تشكيل الجيش العربي بقيادته وتشكيلته العربية الأردنية، وظل النادي متنفسا للنشاط المدني والاجتماعي للضباط الأردنيين وعائلاتهم التي شكلت بدايات المجتمع المتعدد في الزرقاء. يتذكر العقيد محمد السمّان، سكرتير نادي البولو الملكي في خمسينيات القرن الماضي عندما كان ضابطاً في الجيش أن «نادي الضباط شهد سنوات ذهبية من النشاط الاجتماعي؛ كان يضم ملاعب تنس، بلياردو ومسابح، فهو المتنفس الوحيد للضباط وعائلاتهم في الزرقاء، حيث يسود نمط حياة متحرر ومنفتح». أما الآن فقد اختفت هذه المظاهر «لأن العائلات لم تعد تسكن المعسكرات، كما أن الجيش بادر إلى بناء مساكن للأفراد في مناطق مختلفة» كما يقول السمّان الذي انتقل بعد تقاعده إلى إسكان عسكري في مرج الحمام يضم 365 بيتاً. كما أن النادي بجدول أعماله الترفيهي المزدحم بحسب التسعيني شمس الدين شاص، الذي شهد هو أيضاً تلك النشاطات «بقي المكان الوحيد لهذه الأنشطة حتى فترة متأخرة، الآن الوضع اختلف». ويرى المهندس رأفت المجالي، أحد سكان الزرقاء، أن انحسار تلك النشاطات في نادي الضباط الآن، يعود لتعدد الخيارات ما بين فنادق ومطاعم وأماكن ترفيه رياضي واجتماعي متعددة في المدينتين. فالنادي «ما زال محافظاً على مستواه من حيث الخدمة في حفلات الأعراس والمناسبات التي تقام فيه»، كما يرى المجالي إذ لا بد من الإشارة إلى أن النادي ليس مفتوحاً بشكل مطلق للعامة، والمجتمع في الزرقاء، فهو لم يعد يحمل ذلك الطابع فقط، بل إنه الآن يفتح أبوابه لأبناء الزرقاء الراغبين في إقامة حفلاتهم في مناسبات الأفراح والتخرج، على أن يدفعوا فرق السعر الذي يعتمد على طبيعة الحجز ما بين تسعيرة أفراد القوات المسلحة المخفضة وما بين سعر السوق للمدنيين. ويدير النادي مرتبات القوات المسلحة، بالإضافة إلى موظفين مدنيين يعملون في الخدمات الفندقية، وهو النشاط الأساسي الحالي للنادي. |
|
|||||||||||||