العدد 74 - الملف
 

رداد القلاب

يؤرخ لوصول أول دفعة من المهاجرين الشيشان إلى الزرقاء بأواخر 1901، حين وصل عدد منهم ممن كانوا يقيمون في منطقة عين السخنة، إلى الزرقاء، وقاموا ببناء أكشاك شبيهة بالأكواخ مصنوعة من القصب والدفلى والطين، نصبوها في أماكن نزولهم، وكانت تلك النواة التي قامت عليها في ما بعد قرية الزرقاء التي تعد اليوم ثاني أكبر مدينة في الأردن بعد عمان من حيث عدد السكان.

في العام 1904 حصل الشيشان على أراض زراعية على ضفاف نهر الزرقاء، فعملوا على استصلاح الأراضي وحفر القنوات وإقامة السدود وبناء أسوار من الحجارة على امتداد الحقول والبساتين، وأقاموا على نهر الزرقاء عدة مطاحن تدار بواسطة المياه.

كانت هجرة شيشان الزرقاء على دفعات، حيث وصلت أول مجموعة منهم الزرقاء في العام 1901، وما لبثت أن انضمت لها مجموعات كانت قد بقيت في تركيا، ولم تهاجر مع مهاجري الزرقاء، فانضم هؤلاء إلى شيشان منطقة السخنة.

ساهم انتقال الشيشان إلى شرق الأردن في مطلع القرن الماضي، إلى إحداث نقلة نوعية في التركيبة الاجتماعية الأردنية، والانتقال من النمط الاقتصادي الرعوي القائم على الرعي وتربية الماشية إلى النمط الزراعي.

وقد ساهم أبناء منطقة القفقاس القادمين من روسيا، في تأسيس قرى وإقامة كروم ومزارع على طول سيل الزرقاء.

وبحسب النائب الأسبق عبد الباقي جمو، فإن تسمية الزرقاء قديمة، وهي أقدم من سيرة بني هلال وشبيب الذي سمي قصر شبيب باسمه، فقد عرفها العرب منذ القدم، وذكرت في السيرة النبوية في سياق دعاء الرسول على عتبة بن أبى لهب بعد أن أساء للرسول. ويضيف، أول من سكن الزرقاء من العرب الأمويون، وأول من سكنها في القرن العشرين الشيشان.

حدودها المقصودة آنذاك هي: من الشرق خو، ووادي الحجر في ما بعد، وجسر الهاشمية، والرصيفة التي قيل إن فيها بيوتاً متناثرة من الشعر. وغرباً مرحب وبيرين ورجم الشوك بين الخلايلة والزواهرة والشيشان.

من بين المهاجرين الشيشان الأوائل، والذين هربوا من اضطهاد النظام القيصري لهم، والدا عبد الباقي جمو وأخوته والشيخ عبدالله والشيخ معصوم، والذين وصلوا في قافلة قادمة من تركيا تراوح عددهم ما بين 80 و100 أسرة. ومن الزرقاء انتشر الشيشان في الجهات الأربع، فرحل بعضهم إلى السخنة وآخرون إلى صويلح.

ولأنهم مزارعون سكنوا قرب سيل المدينة المعروف باسمها، وتحديداً، بالقرب من مطحنة تعود لشخص يدعى حسين الدعجة، وكان يطلق عليها اسم مطحنة السيل، هي تلك التي تقع على قناة السيل مقابل قصر الحمراء وبالقرب من طريق السخنة.

وفي الزرقاء اشتغل الشيشان بالزراعة مهنة أبائهم وأجدادهم في القوقاز، وكانوا أول من أدخل الأقنية وبناء السدود على سيل الزرقاء من الرصيفة إلى طواحين العدوان.

وساعد على بقاء الشيشان في الزرقاء ذات الغابات الكثيفة والخير الوافر حينذاك، أن من بينهم أصحاب صنعة، فمنهم الحدادون والنجارون، ولهذا فقد سهل عليهم جلب المحاريث المصنعة من الحديد من تركيا وعود الحراثة وعربيات تجرها الفدادين.

وفي الزرقاء أقام الشيشان بيوتهم، ثم وضعوا أساساً لمسجد تم بناؤه من الطين والقصب والصفصاف، وهو المعروف اليوم بمسجد أبو بكر الصديق.

يقول جمو إنه في العام 1925 جاء «الشوام» إلى المدينة فبنوا مسجدا آخر وسكنوا في خمسة بيوت، منهم عائلات: البغال والسمان، التي عرفت باشتغالها في التجارة، ثم جاء آخرون من الكرك، وفي 1927، أتى رجال من «قوة الحدود» ذات القيادة الإنجليزية وأفرادها من الفلسطينيين، والتي ضمت عوائل: النابلسي، والمختار، وأبو جميل وغيرهم.

يقول جمو: إن أول من سكن من عشائر بني حسن في الزرقاء المدينة الحالية هو عبدالكريم الحمدان الزواهرة، والد عبد الباقي الزواهرة، الذي حصل على قطعة أرض فيها من أحمد رمزي الشيشاني، الضابط السابق، وذلك في أوائل الأربعينيات.

ووفق جمو، فإن عشائر بني حسن كانت تسكن غربي الزرقاء بعيداً بنحو 30 كيلو متراً عن المدينة إلى حدود الرصيفة التي كان يقطنها عدد من الشركس. وكان أول من عين فيها مدير ناحية، هو مصطفى وهبي التل، الشاعر المعروف باسم عرار العام 1930.

عرار أول مدير ناحية لها الزرقاء الحديثة: عمّرها شيشان وفلسطينيون وعشائر بني حسن
 
30-Apr-2009
 
العدد 74