العدد 73 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
لا يتوقف المسؤولون الرسميون عن شكواهم من أن الأردنيين يضعون في اعتبارهم المصلحة القومية قبل الوطنية، بعكس ما يفعل العرب الآخرون الذين يضعون شؤون أوطانهم في المقدمة. لكن الحكومات الأردنية أيضا، وليس فقط الشعب، ومنذ عقود عديدة تتخذ الموقف نفسه وإن اختلف المدخل، فهي تأخذ بالاعتبار الخارج أكثر من الداخل، حتى وهي تمارس سياساتها الداخلية. هناك مثلا الأحكام العرفية التي عاشتها البلد منذ نهاية الخمسينات وحتى مطلع التسعينات، فقد فرضت تلك الأحكام ليس لأن الشعب الأردني «جدير بها»، بل بسبب الظروف التي تمر بها الأمة العربية، كما أن الأردنيين حرموا من البرلمان فترة طويلة ليس لأنهم يستحقون هذا الحرمان بل بسبب الأوضاع في المنطقة. كما أن الأحزاب منعت ليس لأنها تمثل قوى شعبية تستحق القمع والمنع، بل لأنها مرتبطة بجهات خارجية... وهكذا. وفي التحركات الشعبية في الأعوام 1989 و 1996 و 1998 لم يتم قمع الناس لأنهم قاموا بأعمال تستحق القمع بل بسبب وجود «مندسين» من الخارج أو مرتبطين بالخارج، ومن دون ذلك كان يمكن لهم أن يحتجوا دون ان يتعرضوا للقمع. حتى المعارض الفرد لا يُسجن ويقمع بسبب «خطورته» أو بسبب أهمية معارضته، بل أيضا بسبب خدمته لمصالح أطراف خارجية. على هذا، وحتى تصبح الشكوى الرسمية من اهتمام الأردنيين بالقضايا الخارجية صحيحة، فإن المطلوب من الحكومات عندما تريد أن تمارس سياسات معادية للشعب، أن يكون ذلك بسبب جدارة هذا الشعب وأهليته لهذه السياسات، أي جدارته شخصياً بالخصومة، وبهذا فقط تكتمل المعادلة وتكون الأولوية للمصلحة الوطنية عند جميع الأطراف. |
|
|||||||||||||