العدد 73 - حريات
 

عطاف الروضان

أُوقف السعودي علي الغامدي، رسام الكاريكاتير في صحيفة «المدينة» التي تصدر في المدينة المنورة، عن العمل لمدة أسبوع، على خلفية رسمه كاريكاتيراً ُنشر في الصحيفة، فُهم منه على أنه يتناول الأمير سلطان بن فهد، نجل العاهل السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز.

الرسم يظهر «مسؤولاً» يحاول أن يكمم بيده أفواه النقاد لمنعهم من قول الحقيقة أو إبداء وجهات نظرهم. «كان واضحاً أن المقصود هو الأمير سلطان»، بحسب ثلاثة إعلاميين سعوديين تحدثت معهم «ے» هاتفياً، طلبوا عدم نشر أسمائهم.

الأمير سلطان هو الرئيس العام لرعاية الشباب، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم.

الرسم الكاريكاتيري جاء إثر معاتبة حادة من الأمير سلطان بن فهد للاعبي المنتخب السعودي بعد خسارته أمام منتخب قطر في دورة كأس الخليج التاسعة عشرة 2009 في العاصمة العُمانية مسقط مطلع العام الجاري.

تبعتها مداخلة أخرى غاضبة في قناة «الجزيرة» الرياضية على الهواء مباشرة، تناول فيها الأمير بقسوة أداء محللي القناة الرياضية (خليجيين وسعوديين) في برنامج «خليجي 19»، أثناء تقديمهم حلقة تحليلية حول أداء المنتخبات المشاركة في الدورة.

صحيفة «المدينة» أزالت الرسم من أرشيف رسوم الكاريكاتير، لكنها أعادت الغامدي إلى عمله بـ»توجيهات» من الأمير سلطان نفسه، بحسب مسؤولين في الصحيفة نفسها طلبوا عدم نشر أسمائهم.

الغامدي بدوره امتنع عن الإدلاء بأي تصريح، رغم محاولات «ے» الحثيثة للحصول على تعليق منه.

كان تردد وقف رسام كاريكاتير سعودي آخر هو عبد العزيز المزيني عن العمل، بحسب ما تداولت رسائل إلكترونية مؤخراً، بسبب «السقف الانتقادي العالي للواقع الاجتماعي الذي تشتمل عليه رسوماته».

المزيني بدوره نفى الخبر.

رسومات المزيني تتشابه مع رسومات الغامدي في تناول واقع المرأة وحرياتها، الرقابة على النشر، ممارسات اجتماعية خاطئة، ويزيد الغامدي عليه بتوسع رسوماته لتشمل الواقع العربي السياسي.

المزيني امتهن الرسم الكاريكاتيري منذ سنوات، متخصصاً بنقد الواقع الاجتماعي السعودي. وأبدى في حديثه مع ے استغرابه بسبب «طول عمر الإشاعة التي طالت عمله» وكادت تحول إلى حقيقة بتعطيل الروابط الإلكترونية للعديد من رسوماته، في منتديات ومواقع إلكترونية مختلفة.

المواقع والمنتديات، بخاصة السعودية منها، خلطت بين هوية المزيني الرسام الشاب، والكاتب الصحفي حمزة المزيني أحد كتّاب أعمدة الرأي في «الوطن» السعودية.

يقول الرسام المزيني: «لم أتعرض لأي توقيف، ولم يُمنع أي رسم لي من النشر، باستثناء رسم تناول المعتقلين السعوديين في معتقل غوانتنامو».

بالنسبة للمزيني، فإن أهمية هذه الإشاعة تكمن في «الاهتمام الإقليمي برسام كاريكاتير سعودي شاب ومختص في القضايا المحلية وليست السياسية». ويضيف أن هناك صحفاً عربية سورية ولبنانية وبحرينية، إضافة إلى صحف إيرانية اتصلت به، اهتماماً بقضيته.

يشير المزيني إلى أنه تعرض لمطالبات بإيقافه بالفعل دون توقيفه، إثر تناوله نادي النصر الرياضي برسم انتقادي، لكن هذه الواقعة لم تنتشر كما انتشرت الواقعة المغلوطة لسنتين.

مساعد رئيس التحرير «الوطن»، عمر المضواحي، علق على الرسوم التي تم تداولها عبر الإنترنت، وأرسلت له «ے» نسخة منها، فوصفها بأنها رسوم جيدة، و»معظمها قابل للنشر» ، وأكد أن المزيني ليس عضواً في فريق الكاريكاتير في «الوطن» حتى الآن»، وأضاف أنه «يستحق أن يكون من ضمن كوكبتها المميزة، عطفا على أسلوبه المميز رغم حداثة تجربته وصغر سنه».

الإشاعة كانت «مفيدة في النهاية» بحسب المزيني الذي انتقل للعمل رسمياً في «الوطن» قبل أيام، وقد عمل من قبل في صحيفة «الجزيرة» الصادرة في مكة المكرمة.

يقول صحفي سعودي يعمل في صحيفة «الحياة» اللندنية» شدد على عدم نشر اسمه: «لا فرق بين رسام وصحفي وكاتب، إننا نناضل من أجل فسحة إضافية من الحرية، هناك محاولات للتغيير تأتي من مسؤولين لم يحققوا التأثير حتى الآن».

رسوم الكاريكاتير السعودية: تجاذُب بين السماح والمنع
 
23-Apr-2009
 
العدد 73