السجل - خاص

من الحقائق المؤلمة في شأن تعاطي المخدرات، أن المتعاطي يحتاج، مع مرور الزمن، إلى كميات من الجرعات أكبر من تلك التي كان يتعاطاها في البداية، ليحصل على التأثير نفسه الذي كانت تحدثه كميات أقل سابقا. وهذا ما يعرف بـ«معيار التحملية» المطلوبة لتعريف كلمة إدمان، بحسب ريكان الدليمي، استشاري الطب النفسي والإدمان.

يستمر المتعاطي في زيادة كميات الجرعات التي يحتاجها للحصول على المتعة، إلى أن يبلغ حالة السمية وصولاً إلى الموت عبر الجرعة المخدرة الزائدة.

على هذا الطريق المميت الذي رسمه الدليمي، سار تسعة شباب راوحت أعمارهم ما بين 20-30 سنة العام الماضي، حتى وفاتهم بجرعات مخدرة زائدة في العاصمة فقط، التي شهدت في الفترة ما بين العام 1995 وحتى كتابة هذا التقرير، وفاة 60 شابا، بحسب النقيب عماد الشواورة، مدير قسم مكافحة مخدرات عمان.

أما ضحايا الجرعات الزائدة على مستوى المملكة، فكانوا العام 2006 نحو 12 متعاطيا، والعام 2007 نحو 10 متعاطين. وفقاً لإحصاءات قسم المعلومات في إدارة مكافحة المخدرات.

ويعزو العميد طايل المجالي، مدير إدارة مكافحة المخدرات، حدوث الوفاة نتيجة الجرعات الزائدة، إلى خطورة آلية التعاطي نفسها من جهة، وطبيعة المادة التي يتم تعاطيها من جهة أخرى.

يقول المجالي: «إن عملية الحقن عملية طبية دقيقة ومعقدة وتحتاج إلى تدريب، فكيف ستكون النتيجة إذا حقنت نفسك بالسم؟! بخاصة وأن من يقوم بعملية الحقن «المتعاطي» غير مستقر، وبالتالي، فإن من الممكن أن يؤدي الخطأ فيها إلى الوفاة».

إلى ذلك، فإن هناك تجار مخدرات يدفعهم الجشع لخلط «بضاعتهم» بسم فئران، أو بأدوية ذات تركيب كيميائي معقد.

ويشير اختصاصي الطب الشرعي في المركز الوطني للطب الشرعي هاني جهشان إلى «أن الوفاة تنتج في حالة تعاطي كمية زائدة من الكوكايين النقي، ولأنها مادة ثمينة، يعمد تجار المخدرات إلى خلطها بمواد أخرى للربح، إذ يصل ثمن غرام الكوكايين إلى 70 دينارا، ما يسبب حالات وفاة «تعتمد على أي نوع من السم خلطت به المادة».

ويؤكد جهشان أن الأعراض التشريحية للوفاة نتيجة الجرعة الزائدة هي نفسها أعراض الإدمان «تيبس الشرايين التي اعتاد المدمن حقن نفسه من خلالها، وجفافها، والتهاب مزمن بالرئتين»

يقسم جهشان المصادر التي تعتبر علامات محددة من الوفاة، نتيجة الجرعة المخدرة الزائدة إلى ثلاثة مصادر، الأول: التحليل المخبري للعلامات السمية في المختبر الجنائي، الثاني: المشاهدات التشريعية للجثة في المركز الوطني للطب الشرعي، والثالث: المشاهدات في مسرح الوفاة مكان غرس الإبرة الذي غالباً ما يكون في الساعد.