العدد 2 - أردني
 

قد تكون إسرائيل قد سبقت الأردن في مجال ترويج وتصدير منتجات البحر الميت، ولكن ثمّة مخاوف إسرائيلية من أن يسلب سحر الشاطئ الشرقي - بسلسلة فنادقه الدولية ومنتجعاته الفخمة- الدولة العبرية من السياحة الوافدة لأخفض بقعة على سطح الأرض.

هذا القلق تطرحه صحف إسرائيلية إذ تشتكي من افتقار الشاطئ الإسرائيلي لسلاسل فنادق دولية بخلاف الشاطئ الأردني الذي ينتشر على جنباته منذ منتصف العقد الماضي مجموعة فنادق عالمية مثل الموفنبك، الماريوت والكمبنسكي ذات شبكة الحجوزات العالمية. هذه الفنادق تطل مباشرة على مياه البحر بخلاف مثيلاتها القديمة في إسرائيل إذ تقع على الشاطئ الجنوبي الذي جفت مياهه، وسط مخاوف من اضمحلال البحر الميت بسبب تعاقب مواسم الجفاف واستنزاف مياهه لأغراض الصناعة.

صحيفة هآرتس الإسرائيلية حذرت قراءها أخيرا من "أن فيضانات الربيع على الجانب الإسرائيلي تخيف السياح، كما أن الحفر الانهدامية تهدد البنية التحتية للفنادق". لكنها تحدثت فوق ذلك إلى وجود "تهديد آخر من الجانب الأردني". لكنّها تشير في المقابل إلى ميزة ارتفاع عدد السياح لإسرائيل بسبب ارتفاع أجرة الإقامة في سلاسل الفنادق العالمية على الشاطئ الأردني.

مع أن هناك 4000 غرفة على الجانب الإسرائيلي في 15 فندقا، إلا إنه، بحسب الصحيفة، مضى على إنشائها أكثر من عقد من الزمن. أما على الجانب الأردني، فتشير إحصائيات وزارة السياحة إلى وجود 793 غرفة على الشاطئ الشرقي في فنادقه الثلاثة من فئة الخمسة نجوم وفندق البحر الميت العلاجي ذي الأربعة نجوم. لكن من المتوقع أن يقفز عدد الغرف الفندقية إلى 4000 في غضون خمس سنوات.

قيد الإنشاء حاليا فندقا "الكراون بلازا" و"الهوليدي إن" بسعة إجمالية 622 غرفة، فضلا عن أعمال توسعة في بعض الفنادق وخطط لبناء 12 مشروعاً سياحياً على الشاطئ الشرقي بين منتجعات وفنادق، بحسب لوائح مؤسسة تشجيع الاستثمار. فسرايا البحر الميت تخطّط لبناء منتجع يضم أيضا ملاعب غولف، فيما تعكف إعمار الأردن على إنشاء مشروع تطويري بقيمة 500 مليون دولار. أما الرويال ريزورت سبا فستبني منتجعا متكاملا بقيمة 200 مليون دولار.

وكان الأردن شرع في استثمار وتطوير الشاطئ الشرقي للبحر الميت بطول 60 كيلو مترا بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1994 من المنطقة الممتدة من السويمة شمالاً وحتى غور الحديثة جنوبا، وذلك بعد عقود من انفراد إسرائيل باستثمار البعد السياحي لهذا الموقع الخلاّب. قبل ذلك كان الشاطئ الشرقي منطقة عسكرية مغلقة أزيلت منها حقول الألغام وجهزّت بأحدث بنى تحتية وصولاً إلى استثمار سياحي مرتفع العائد.

مدير عام هيئة تنشيط السياحة نايف الفايز يقول "حين بدأنا ندخل السوق فتح باب المنافسة مع إسرائيل، و بدأنا نتكلم أن البحر الميت في الأردن. فمستوى الفنادق من حيث الخدمة والنوعية لا تقارن. أما قصر المؤتمرات فجعل من منطقة البحر الميت موقعا هاما للمؤتمرات والفعاليات الدولية".

فضلا عن السياحة العلاجية على مدار العام تقريبا، يستضيف الشاطئ الشرقي عشرات المؤتمرات الإقليمية والدولية مستفيدا من اعتدال الطقس وجمال المشهد. من أهم الفعاليات الدولية المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي استضافه الأردن ثلاث مرات على الشاطئ الشرقي.

في الصيف الماضي، شارك أصحاب فنادق إسرائيلية في مؤتمر السلام عبر السياحة نظمته جمعية الفنادق الإسرائيلية حتى يلقوا نظرة عن كثب على منافسيهم، بحسب هآرتس.

ونقلت الصحيفة عن الرئيس التنفيذي لسلسة الفنادق تمارس في إسرائيل- التي اشترت الجولدن تيولب بقيمة 32 مليون دولار وأحالته إلى فندق دانيال البحر الميت- قوله "إن المعايير المتبعة في الفنادق على الجانب الأردني أفضل من تلك الموجودة في إسرائيل."

رئيس جمعية الفنادق الأردنية ميشيل نزال يقول بأن الوفد الإسرائيلي الذي شارك في مؤتمر الصيف "أراد أن ينبّه فنادقهم وقطاعهم بأن الوضع السياحي في الأردن مستعد للمنافسة".

يضيف نزّال: "نحن نركّز على الجانب العلاجي للبحر الميت واستطعنا الآن أن نطرق باب شركات التأمين الصحّي الألمانية إذ اعتمدونا كمركز علاجي وأصبحوا يرسلون إلينا المرضى مباشرة. كما تم اعتماد أطبائنا لديهم وهم من من أبرز الشرائح التي يتم الاعتماد عليها".

في المقابل يرى نزّال أن "القوة الشرائية في إسرائيل مرتفعة ولديهم سوق محلية تكفيهم على مدار العام أما نحن، فنضطر للاعتماد على السياحة وسياحة المؤتمرات."

من جانبه، يرفض وزير السياحة الأسبق ورئيس لجنة السياحة والتراث في مجلس الأعيان عقل بلتاجي مزاعم إسرائيل بالمنافسة على السياحة، ويؤكد تفرد المنتج الأردني في السوق العالمية.

بلتاجي يقول "إن الميزة التنافسية التي يتمتع بها الشاطئ الشرقي لا توجد على الطرف الآخر. التنافس يكون عند تشابه المنتج، لكن ثمّة اختلاف كامل من حيث الموقع ونوعيته وسهولة الوصول إليه، هذا عدا عن الخدمة المتميزة التي لا تتواجد بأي شكل من الأشكال لدى الطرف الآخر".

لوجستيا، يبعد البحر الميت عن مطار الملكة علياء الدولي حوالي نصف ساعة. أما على الجانب الإسرائيلي فيحتاج السائح إلى ساعتين ونصف من مطار بن غوريون الدولي إلى الموقع.

ويمتاز الشاطئ الشرقي للبحر الميت بقربه أيضا من المواقع الدينية مثل المغطس- الذي أعيد - تأهيله أواخر العقد الماضي بعد نزع الألغام من حوافه- جبل نيبو ومنطقة الزارة سويمة، حيث ينتشر ستون نبعا من المياه المعدنية الساخنة تتدفق من ارتفاعات تتراوح بين 200 إلى 350 مترا تحت مستوى سطح البحر. وهناك أيضا مركز الملك حسين للمؤتمرات الذي يستقطب سياحة المؤتمرات فضلا عن مجمع بانوراما البحر الميت السياحي الذي يوفر إطلالة مميزة على البحر، ومتحفاً يوضح جيولوجية وتاريخ وبيئة البحر الميت.

من أكبر حلفاء الشاطئ الشرقي مشهد الغروب البرتقالي الذي يبهر السائح حين يغفو قرص الشمس وراء الجبال الغريبة.

يرسم بلتاجي فارقا في "نوعية السياح ونزلاء الفنادق الإسرائيلية عن مثيلاتها الأردنية". إذ تعتمد السياحة الإسرائيلية للبحر الميت "على نظام المجموعات السياحية متدنية التكلفة بأقل 65-60 % عن الأردن".

تشكّل أوروبا سوقاً تقليدية للشاطئ الشرقي إذ يأتي غالبية السياح للبحر الميت من دول هذه القارة لغايات الاستجمام بسبب طقسه المعتدل أو للعلاج، فمياه البحر الميت تحتوي على مركزات عالية من المعادن والأملاح.

منتجعات البحر الميت تجتذب بوصلة السائح الغربي رغم حداثة عهدها – سهى معايعة
 
15-Nov-2007
 
العدد 2