العدد 72 - حتى باب الدار
 

يجري بين فترة وأخرى نقاش حول رواتب النواب، ويختلف المتناقشون بين من يرى أن مسؤوليات النائب كبيرة، وأن هناك إنفاقاً غير مرئي يضطر اليه النائب أثناء ممارسته عمله ليس فقط في المجلس بل وبخاصة أثناء إقامته في بيته وبالقرب من ناخبيه.

في الموروث الشعبي الأردني هناك شيء قريب من هذا، فقد حلت الثقافة الشعبية في ما مضى مسألة تمويل «ممثل الشعب»، بما يمكنه من الإنفاق على شؤون عمله، والمرجع في ذلك هو دوماً معلمة التراث لأستاذنا روكس العزيزي.

فقد اعتقد الناس منذ زمن طويل بضرورة مساعدة زعمائهم وشيوخهم على «المروءة»، وجعلوا لذلك مخصصات يتعين عليـهم توفيرها للزعيم، وسمـوها «كبرة الشيخ» وهو مصـطلح لا عـلاقة لـه بالكبر والتكبر، بل يتصل أساساً بمسألة المروءة.

تتكون الكبرة من قسمين، الأول يمكن أن نسميه «الكبرة الثابتة» وهي قطعة أرض مميزة تخصص للزعيم اعترافاً بدوره. والثاني «الكبرة الجارية» وهي ما يقدمه الناس لمضافة الزعيم كي يتمكن من القيام بواجبات الضيافة، وتتكون من الذبائح وعليق الخيول والرز والسمن والجميد والحلاوة والتمر، وقد جعلوا لهذا أساساً عرفياً (قانونياً) فقالوا: «من خلاك للضيف خلاك للسيف».

هناك، إذن، إرث ثقافي يفيدنا الآن، وذلك بعد إيجاد المعادل الموضوعي المعاصر لكل عنصر من عناصر الكبرة التقليدية ومكوناتها.

تبقى نقطة خلاف واحدة تتعلق بالوضوح عند أسلافنا، فالزعيم آنذاك لم يكن يقول إنه لا مطمح ولا مطمع له، وإن الزعامة أفقرته، لأنه ينفق عليها من جيبه، والجميع كانـوا يعرفـون أن ما يـنفقه الزعيم هو مـال عام يـنفق في مجالات مكشوفة تماماً أمـامهم وفي سبيل خدمتهم.

في الكبرة المعاصرة
 
16-Apr-2009
 
العدد 72