العدد 72 - كاتب / قارئ | ||||||||||||||
يريد نتنياهو البدء فوراً بمفاوضات مع السلطة الوطنية الفلسطينية حول حدود الحكم الذاتي الفلسطيني وصلاحياته، وهذا ما يسميه بـ«مفاوضات المرحلة النهائية»، مع تأجيل بقية الموضوعات المؤجلة أصلاً، مثل: القدس، والاستيطان، واللاجئين، إلى مرحلة لاحقة، قد تأتي أو لا تأتي. كما أنه يريد أيضاً التنصّل من تنفيذ جميع استحقاقات المرحلة الانتقالية ودمجها، للتفاوض حولها في إطار صلاحيات الحكم الذاتي. يريد نتنياهو التوصل إلى تفاهم استراتيجي جديد مع الولايات المتحدة حول دور إسرائيل الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك ضمان تأييدها الكامل لموقفه في المرحلة النهائية، والحصول على مساعدات عسكرية غير محدودة. يريد نتنياهو تعهداً فلسطينياً واضحاً وضمانات أميركية تحول دون اتخاذ خطوات إيجابية باتجاه إعلان دولة فلسطينية في المناطق الفلسطينية مع استمراره في مخططاته الاستيطانية في طول الضفة الغربية وعرضها. إنه يريد باختصار اتفاقاً جديداً أكثر انسجاماً مع مخططاته الاستراتيجية، يخلف اتفاق أوسلو ويتجاوزه، ويخفض سقف التوقعات الفلسطينية، إلى أقل منه بكثير، ليعلن بعد ذلك رسمياً أن أوسلو ماتت، وأننا الآن في مرحلة مشروع نتنياهو، وليس في مشروع مناحيم بيغن، الذي اعترف في كامب ديفيد بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في إطار حكم ذاتي على كل الضفة الغربية وقطاع غزّة. يؤمن نتنياهو أن مصدر قوته لتنفيذ أهدافه يكمن في أحزاب اليمين، واليمين المتطرف، الذين يحبون أن يروه شجاعاً في مواجهة الإدارة الأميركية، فيواجهها في عقر دارها، ويحاول تحريض اليهود الأميركان، واليمين الجمهوري ضدها، علناً وعلى المكشوف، يريد من الإدارة الأميركية أن تكون مساندة للاستيطان في الضفة الغربية. يريد نتنياهو من السلطة الوطنية الفلسطينية القيام باعتقالات تعسفية عشوائية، وبتصفية المعارضة والقضاء على حماس، وفي الوقت نفسه، فإنّه سيدعم أوساط اليمين واليمين المتطرف داخل الحكومة وخارجها عبر مواصلة إقامة المستوطنات ليس فقط في القدس، بل في جميع أنحاء الضفة الغربية، مع قيام حكومته برصد الميزانيات الهائلة لذلك، لفرض الأمر الواقع. يريد نتنياهو إحكام الحصار الاقتصادي على الفلسطينيين في الضفة، من خلال وضع العامل الاقتصادي الفلسطيني في تعارض مع أهداف النضال الوطني الفلسطيني، وفرض وقائع اقتصادية مسبقة تحول دون انفصال المناطق الفلسطينية المحتلة عن إسرائيل في المستقبل، ودمج المناطق المحتلة وإسرائيل في جسم اقتصادي، وسياسي كامل، واستقطاب القطاعات الوسطى والفئات البيروقراطية الفلسطينية، وتقديم التسهيلات المناسبة للاستثمارات الفلسطينية في الضفة والقطاع لتعريب الإدارة الإسرائيلية المدنية بأدوات فلسطينية، لتصويره الإطار الجديد وكأنه البناء التحتي للدولة الفلسطينية المقبلة. نظراً لخطورة المخططات الإسرائيلية الجديدة، على السلطة الوطنية الفلسطينية إعادة النظر بالكثير من المسلمات، وبخاصة دورها القيادي وطبيعة أدائها وعلاقاتها بالجماهير ورصّ الصفوف، وتعزيز اللُحمة، لأنّ هذا هو الطريق المضمون لإفشال مخططات نتنياهو المعادية.
سمعان قسوس - العقبة |
|
|||||||||||||