العدد 72 - سينما وتلفزيون | ||||||||||||||
محمد جميل خضر يندفع بعض المخرجين، لتعلُّقٍ جمالي بمنتج فني ما (مسرحية أو فيلم أو مسلسل)، نحو ضخّ عروق الحياة من جديد، في ذلك المنتج، بصرف النظر عن إنتاجه الأول، وعن سنين التقادم عليه. في خضم هذه الاندفاعة، لا يرى هؤلاء في قِدَم المنتج الدرامي قيد البحث، وتعاقب الأعوام عليه، سوى اختبار متجدد لمدى حمله سمات الديمومة، وأن تلك السنوات لم تزده إلا عتاقةً ومبرراتٍ لإعادة إحيائه. المسرحية الغنائية الاستعراضية الفيروزية «هالة والملك» التي قُدمت للمرة الأولى في دمشق العام 1967، من الأعمال التي نالت عند المخرج السوري حاتم علي هذه المكانة، وشغلته، إلى أن أنجز مستفيداً منها ومتقاطعاً مع حكايتها فيلمه السينمائي الأول «سيلينا» الذي تعرضه حالياً سينما برايم داخل البركة مول في الصويفية. في النسخة السينمائية من «هالة والملك»، تؤدي المغنية اللبنانية مريام فارس دور فيروز في المسرحية، وتصبح هي ابنة بائع الأقنعة الذي أدى دوره في المسرحية الفنان اللبناني الراحل نصري شمس الدين، وفي الفيلم الفنان السوري القدير دريد لحام. عملياً، فإن المشهد السينمائي العربي، كان يحتاج، فعلاً، التوجه نحو الأفلام الاستعراضية، ومنح مساحة حقيقية وفاعلة للموسيقى والغناء داخل أحداث فيلم ما. وهو ما شكّل هاجساً لدى علي، ودافعاً لتكون تجربته السينمائية الأولى، في إطار هذا النوع من أنواع الفن السابع. وهو ما يسجَّل له، ويضاف إلى منجزه الدرامي التلفزيوني اللافت: (ثلاثية الأندلس، والتغريبة الفلسطينية، وصلاح الدين، والملك فاروق، والفصول الأربعة، وصراع بين الرمال.. إلخ). الفيلم المختلف شكلاً (وربما مضموناً)، والقادم من وعي مسرحي، يشارك فيه نجوم الدراما، ويجسد فيه كلٌّ من نضال سيجري وأندريه اسكاف، دور حارس الملكة. ويشارك في بطولته أيمن زيدان وأحمد الأحمد من سورية، وأنطوان كرباج ورفيق علي أحمد من لبنان. أحداث الفيلم المنتج من قبل السوري نادر الأتاسي، وسيناريو وحوار الأخوين رحباني بمشاركة غدي الرحباني، تدور حول مدينة سيلينا التي تحتفل بعيد سنوي هو «عيد الوجه الثاني» يرتدي فيه عموم الشعب الأقنعة ليوم واحد، لكن في هذه السنة يأمر الملك أن يُلغى الاحتفال، فقد أتته نبوءة من أحد عرّافي القصر بأن هناك فتاة ستأتي للمدينة بهذا اليوم مرتديةً قناعاً، وطبقاً لهذه النبوءة ستصبح هي الزوجة المرتقبة للملك. تشاء الصدف أن تأتي هالة وأبوها للمدينة في اليوم نفسه، فالأب بائع أقنعة، وكان يحاول استغلال هذه الفرصة لبيع أكبر عدد منها، والرجوع مع ابنته للقرية، ولكنه يصاب بخيبة أمل، فيترك هالة وحدهاتاركاً الأقنعة معها، ويذهب للحانة، وحين يراها أهل المدينة يتبادر لذهنهم أنها الأميرة المستقبلية المقصودة، فيأخذونها إلى القصر. في الفيلم الغنائي «سيلينا»، يتحوَّل الكلام عبر مشهدية بصرية مدهشة إلى غناء، وتفاصيل الحياة إلى استعراض فني راقص. وفيه وظّف علي فكرَهُ الدرامي، وأكد على احتفائه بقيمة الكوادر، وقدرته الخلاقة على الاستفادة من المشاهد الخارجية، وكيفية إدارته للمجاميع، وأثبت أن الإبداع هو جواز المرور الأول. أما المسائل الأخرى مثل فروقات التعامل مع الكاميرا السينمائية، قياساً مع الكاميرا التلفزيونية، فهذه مما يستطيع الإبداع الحقيقي والحس الصادق ترويضها بسرعة. «سيلينا»، هو «الفيلم الموسيقي العربي الأول»، بحسب المخرج الذي وجد في الفيلم مغامرة فنية أغرته على مواصلتها حتى النهاية، لا سيما أن الفيلم احتاج إلى إمكانات إنتاجية ضخمة، وإلى تقنيات كبيرة كان بعضها غير متوافر على مستوى الوطن العربي، «لكننا كفريق عمل، حاولنا أن نقدِّم قيمة فنية تلقى استحسان الجمهور»، يقول مستدركاً. يبدو علي غير متأكد، إن كان الجمهور مهيَّأً لمثل هذا النوع من الأفلام، لكنه يؤكد أن الجمهور عادةً يريد عملاً جيداً: «إذا استطعنا تقديم عمل محترم لذائقة الجمهور، فإنه سيحظى بالتأكيد بالترحيب المناسب». من جهته، يقول الفنان حسام تحسين بيك إن حبه للموسيقى شجَّعه على الرجوع إلى السينما. ويصف الفنان الذي يؤدِّي في الفيلم دور مستشار الملك، دورَه بـ«المعقّد والمركّب»، حيث يكشف عن شخص انتهازي يبحث عن مصالحه. الفنان أيمن رضا يرى أن «سيلينا» فتح «باباً سينمائياً كان موصداً»، وبدورٍ متشعبٍ وموجودٍ بقوةٍ، كقائد للحرس، يطل رضا من خلال الشاشة البيضاء التي لا تعدم وسائل إغرائها، وتحمل في طياتها وهجاً متجدداً وصخباً لا يموت. من زاويةٍ أخرى أكدت الفنانة ميريام فارس أن «سيلينا» جعلها تقدِّم كلَّ مواهبها. هكذا وبخطوة جريئة، نقل «سيلينا» المغنية ميريام فارس إلى عالم السينما، حيث ستكون في هذا العالم فتاة فقيرة جاءت إلى مدينة «سيلينا» مع والدها لتبيع «أقنعة» بمناسبة العيد، فيعتقد سكان المدينة أنها أميرة متنكِّرة، ويحاولون عقد قرانها على الملك. فارس تؤكِّد أنَّ دورها حمَّلها مسؤولية كبيرة، كون السيدة «فيروز» قد جسَّدته سابقاً، مما جعلها تشعر في البداية بالقلق والتردُّد من دخول التجربة، لكن ثقة فريق العمل فيها شجَّعتها على المشاركة في الفيلم. |
|
|||||||||||||