العدد 72 - كتاب | ||||||||||||||
بخلاف لبنان الذي يضم حزب الله ، وبخلاف مصر التي تعرضت ل”اختراق” هذا الحزب، فإن هذا الحدث الاستثنائي، لم يثر سوى نزراً يسيراً من الأصداء العلنية في الفضاء السياسي العربي، وبعد نحو أسبوع من إعلان القاهرة عن اكتشاف” خلية حزب الله” والقبض على عدد من أفرادها . خطاب أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله السبت الماضي 11 نيسان الجاري، أسهم في المحصلة بإشاعة المزيد من البلبلة، وأدى إلى غير النتيجة التي تفضي اليها خطاباته. فقد أقر بوجود مجموعة تابعة للحزب على الأراضي المصرية هدفها “إسناد المقاومة الفلسطينية”.وهي المرة الأولى التي يتم فيها بهذه الصورة، الإعلان عن نشاط للحزب خارج لبنان والأراضي المحتلة . وبينما رأت القاهرة في الخطاب دليلاً على “تورط في انتهاك السيادة المصرية” ، فإن ممثلي التيارات الحزبية والبرلمانية العربية والناشطين السياسيين هنا وهناك ، وقعوا في حيرة بين الانتصار لدعم المقاومة( مقاومة حماس بالذات) وذلك على ضوء الحرب على غزة التي تم فيها استفراد القطاع ، وبين تزكية حق دولة في ولايتها على أراضيها وإدارة كافة شؤونها والانفراد بسلطتها الأمنية، وهي هنا مصر. تزداد حالة الارتباك مع التقدم في التشخيص السياسي، فالطرف الذي أعلن إسناده للمقاومة ليس فقط كونه غير مصري، بل يقع في قلب محور إقليمي يضم دولة غير عربية ذات مطامح واسعة هي إيران. ولما كانت هناك خلافات مصرية ايرانية شديدة ، سابقة على الإعلان عما تم اكتشافه، وكذلك خلافات لحزب الله مع مصر ،فقد بدا االتطور الجديد من قبيل التصعيد غير العرضي. ولما كان الوضع الفلسطيني يشهد بدوره انسداداً داخليا، يفاقم من صعوبة الأوضاع التي يعانيها الرازحون تحت الاحتلال،دون أفق لحل وطني منظور، فإن تعاطف الشارع العربي بما فيه المصري، قد أصابه اضطراب نتيجة الاختلاط في الأولويات بين نصرة حركة حماس المندرجة في محور إقليمي وبين نصرة القضية الفلسطينية ككل، و بين هذا وذاك والحق في الحفاظ على استقرار الدول والمجتمعات مما قد تشوبه شبهة الاستباحة. هذه البلبلة هي التي تفسر حالة البكم، التي اعترت الجسم السياسي العربي غير الرسمي بصفة عامة، الذي يتعاطف مع مقاومة حزب الله ويحذر في الوقت نفسه من مشروع سياسي إقليمي تحمله هذه المقاومة، يتعدى استعادة الأراضي الى السيطرة على القرار السياسي الفلسطيني، والتغلغل في دول الطوق وصولاً الى إعادة هندسة المنطقة بحيث تصبح ميدانا لتنازع النفوذ بين محورين . البلبلة التي سادت وا زالت سائدة حتى كتابة هذه السطور، سوف تنعكس سلبا على حوارات المصالحة الفلسطينية في القاهرة بعد أن أبدت حماسا تأييدها لحزب الله ، فيما نأت جماعة الإخوان المسلمين في الاردن بنفسها عن القضية ، بينما اتخذت الجماعة الأم في مصر موقفاً يؤيد سلطات بلادها باشتراط أن يكون أي نشاط لدعم المقاومة مرهوناً بمعرفة السلطات وموافقتها المسبقة، بما يؤذن بتصدع في منظومة “المجموعات المانعة”. |
|
|||||||||||||