العدد 72 - الملف | ||||||||||||||
عطاف الروضان عادت ذكرى الصعوب إلى بيتها في الكرك بداية الشهر الجاري لقضاء الشهرين المقبلين هناك، بعد إقامتها المتقطعة في العاصمة عمان منذ العام 2004؛ تارة مع شقيقها، وتارة أخرى مع خمس فتيات كركيات في شقة مستقلة. الاستجمام الإجباري سهل مع جمال الكرك في الربيع، ولكن غياب فرصة العمل غصة في نفس ذكرى وغيرها من فتيات المحافظة. تستغرب ذكرى “في العام 2007 كان دوري في ديوان الخدمة المدنية السابعة، قبل شهرين تقدم إلى الثالثة” وتتساءل “متى بدي أتعين”. ذكرى وزميلات السكن الكركيات الأربع، حاولن البحث عن فرص عمل في المحافظة إلا أنهن لم يوفق في ذلك، لكل منهن أسبابها المختلفة. بالنسبة لذكرى، هي لا ترغب في التدريس. إلا أن العائلات في الكرك، كما هو الحال في مختلف المحافظات الأخرى، تفضل عمل الفتيات في حقل التدريس، لأنه “أضمن وأحسن”، تنقل ذكرى هذا القول عن والديها. وتضيف ذكرى “الأهالي ما بيشجعوا إنه الطالب يدرس حسب رغبته، البنت للتدريس، والولد زي ما بده”. “وحتى لو رغبت في التدريس”، تتابع ذكرى، “فإن فرص التعيين شبه معدومة لعدم تنوع التخصصات، معظم الفتيات يدرسن تخصصات محددة، عربي، تربية، شريعة”. أظهرت الدراسة التأسيسية الأولى حول خريطة تمكين المرأة الأردنية لدائرة الإحصاءات العامة التي أعلنت تموز/ يوليو العام الماضي، أن نسبة الجامعيات في محافظة الكرك وصلت إلى 12.8 في المئة بين النساء، بالمركز الثاني بعد محافظة عمان. الدراسة غطت درجة تمكين المرأة الأردنية، وتفاوت هذا التمكين وتطوره بين المحافظات بين عامي 2004 و 2007”. ارتفاع نسبة المتعلمات بين نساء الكرك ساعد على زيادة وعيهن بممارسة حقوقهن، ما أدى إلى ارتفاع مشاركتهن في مؤسسات المجتمع المدني، حيث بلغت نسبة النساء الأعضاء في الهيئات الإدارية في الجمعيات الخيرية 32.8 في المئة، وفقاً للدراسة نفسها، التي بينت أن الكرك هي تمتلك النسبة الأعلى بين المحافظات في مجال تمكين المرأة الأردنية بنسبة 3.17 في المئة، و الأولى بين المحافظات في نسبة النساء النشيطات اقتصاديا، والثانية بعد محافظة عجلون في عضوية النساء في الهيئات الإدارية في الجمعيات الخيرية. الواقع ربما يقول شيئا مختلفاًُ، تقول ذكرى “معظم الأسر فقيرة وتبحث عن الدخل ولا تقتنع بالعمل التطوعي، هم ما بيقتنعوا إنه بناتهم بيشتغلوا بإشي مجهول وبالمجان، بدهم وظيفة، ودخل”. وتحمل ذكرى مؤسسات المجتمع المدني نفسها جزءً من المسؤلية، فهي لا تشعر أن لها “أي دور في التوعية والتنمية”. يقدر مدير مديرية تنمية الكرك برق الضمور نسبة الجمعيات الناشطة في المحافظة بنحو 35 في المئة، من أصل 72 جمعية تابعة لوزارة التنمية. وهو يعزو ضعف حضور هذه المؤسسات إلى “قلة التمويل”، ويعتبر أن جزءً من اللوم يقع على الهيئات الإدارية لتلك المؤسسات التي طغى عليها “طابع التكرار”. تضيف مقررة تجمع لجان المرأة في محافظة الكرك خديجة بيايضة، لغياب الاستدامة في المشاريع التنموية لمؤسسات المجتمع المدني، سبباً آخر لضعف حضورها، وهو أن الجمعيات تنظم دورات خياطة وكمبيوتر وأشغال يدوية، لكن لا تقوم بتوفير فرص عمل، “البنات ملوا من هذا الشي، مرات تيجي عنا ست نعرف إنها ماخذه قرض لتعليم ابنها وليس لمشروع، ونعطيها إياها لأنه ما في فرصه غير هاي، وبالنهاية هذا استثمار بالإنسان” تقول بيايضة. غياب فرص العمل أدى إلى إغلاق مكتب الاستشارات القانونية في اللجنة والذي كانت تديره ست محاميات، فقررن الانتقال إلى عمان وتحمل أعباء استئجار السكن والمكتب والبحث عن قضايا لأنه ما في فرص في الكرك” بحسب بيايضة. “صحيح أن هناك نحو 300 فتاة تعمل في مصنع الجمل في مدينة الأمير حسين بن عبد الله الثاني الصناعية، تتابع النائب حمدية القويدر “إلا أن الإقبال بشكل عام ضعيف بسبب ظروف العمل “ساعات عمل طويلة، تدني الأجور، بالإضافة إلى محاذير اجتماعية بدأت تخف ولكنها لم تختف” وعلى المستوى السياسي تعتبر بيايضة، أن نجاح سيدتين: “حمدية القويدر، ثروت العمرو” في واحدة من أكثر مناطق الكرك “فقراً وأشدها تعصبا”، في الانتخابات النيابية الأخيرة، ونجاحهن في انتزاع الأصوات من مناطق عشائرية لتمثيلهم في المجلس النيابي الحالي (الخامس عشر)، هو مؤشر على ارتفاع الوعي بأهمية مشاركة المرأة في التنمية. كما أن هناك حوالي 40 سيدة أعضاء في المجالس البلدية في المحافظة. وقد بلغ عدد المرشحات في محافظة الكرك في الانتخابات النيابية الأخيرة تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 في الكرك، 35 مرشحة توزعن في جميع الدوائر الانتخابية وتعتبر النائب حمدية القويدر أن وجود جامعة مؤته بجناحيها المدني والعسكري، وجامعة البلقاء التطبيقية، ساهم في التنمية وبخاصة للمرأة، فقد ساهم ذلك في زيادة نسبة الجامعيات لقربها من مناطق سكنهن، بالإضافة إلى دور الجامعة في التوعية ودعم حاجات المجتمع المحلي عبر كليات الزراعة مثلاً، والأيام الطبية المجانية، ناهيك عن سد حاجة التعيين في المحافظة التي تشهد نسبة بطالة عالية، على حد تعبيرها. وتستدرك حمدية “لكن مديونية الجامعة العالية ربما تكون عائقاً أمام استمرار هذا الدور”. وتشدد على دور القطاع الخاص الغائب تماماً عن محافظة الكرك، الأمر الذي لا يساعد على تغيير الانطباع بأنها “مدينة طادرة لسكانها، ذكوراً وإناثاً”. |
|
|||||||||||||