منصور المعلا

لواء ذيبان (22 ألف مواطن) خطف الأضواء بداية الأسبوع الماضي، مع محاولة شابة من بنات اللواء في العقد الثاني من العمر إلقاء نفسها من على سطح بناية غير مأهولة قرب دوار جمال عبد الناصر(دوار الداخلية) «بسبب الفقر»، وتقديم رئيس وأعضاء مجلس بلدية ذيبان استقالتهم، للسبب ذاته الذي دفع الفتاه لمحاولة الانتحار، وعجزهم عن تقديم الخدمات الى المواطنين.

للمصادفة كان جدول مواعيد رئيس الحكومة نادر الذهبي، يقضي بمضاء سحابة يوم الثلاثاء 14 نيسان/أبريل الجاري في المدينة لتطبيق «بروفات اللامركزية»، التي تنوي الحكومة اعتمادها في تجربة الأقاليم.

معارف وأقارب «جيهان الهوواشه» 21 عاما، الفتاة التي حاولت الانتحار أمام حشود الناس المتجمعين عصر يوم الجمعة الماضية العاشر من الجاري ، أجمعوا على أنها «عاقلة راشدة شريفة»، وأنها من أسرة فقيرة الحال، كما خاض سالم الهواوشة رئيس بلدية ذيبان الانتخابات، على أساس انتشال البلدية من حالة الشلل التي تعانيها، بحسبه.

جيهان وسالم التقيا في بلدية ذيبان عندما قدمت جيهان الى دار البلدية باحثه عن عمل، الا أن البلدية التي تضم 120 موظفاً 70 منهم غير حائزين على الثانوية العامة، اعتذرت عن عدم تعيين الفتاة، لوجود ما يقارب 68 موظفاً زائدين عن الحاجة(...).

الهواوشة بيّن أن البلدية عينت خلال رئاسته لها ،ستة موظفين: أربعة سواقين، مهندساً ورسام هندسي وهي شواغر بحاجة إليها البلدية، مبينا أن البلدية بحاجة الى العديد من الشواغر كـ «لحامين ، مكانيكيين، وكهربائيين» إلا أن العجز المالي يقف حائلا أمام تعيينهم.

وكشف عن سعي البلدية إلى اقامة عدد من المشاريع بالتشارك مع الاتحاد الأوروبي، لإنشاء مدينة سياحية في منطقة سد الوالة، مبينًا أن عجز البلدية نجم عن عدم وجود موارد باستثناء دعم المحروقات.

تمتد بلدية ذيبان من منطقة شرحبيل بن حسنة الى منطقة أم شجيرة الشرقية، ومن حاجب الموجب الى واد الوالة، وتقدر مساحتها بـ 40 الف كلم مما يسب إرهاقاً للبلدية التي تدفع 500 ألف دينار سنوياً من موازنتها المقدرة 770 ألف دينار كرواتب.

يشرح سالم كيف أن البلدية تسعى الى تحصيل 200 ألف دينار ديون مستحقة على المواطنين، بعد احالتهم الى المحكمة، الا أن المحكمة ردت الكثير من تلك القضايا بسبب موت أصحابها ،وبالتالي تحاول البلدية الاستعلام عن ورثة المطلوبين للبلدية الذين مضى على عدد منهم أكثر من 30 سنة دون سداد.

يشترك سالم وجيهان بتلقيهما لـ«وعد» من وزير البلديات، بتقديم دعم مالي للبلدية وهو ما تبلغ ربه رئيس البلدية من مسؤولين، فيما تلقت «جيهان» وعداً من جهات حكومية ومؤسسات قطاع خاص، بتأمين دخل لأسرتها وسداد أقساط دراستها الجامعية.

يشترك سالم وجيهان بكون الاثنين طالبين جامعيين، جيهان طالبة تمريض سنه ثانيةـ، وسالم طالب دكتوراه في العلوم الإدارية.

سالم أرجأ تنفيذ عهد قطعه على نفسه بالاستقالة أمام مواطن هاجم المجلس البلدي بالقول: «أنتم كنتم كباراً وصرتم صغاراً»، بعد أن امتنع المسؤلون عن زيارة البلدية والاطلاع على حاجاتها، فيما حولت مديرية الأمن العام جيهان الى مركز الصحة النفسية «لتهدئة روعها، وعلاجها من مخاوفها».

النائب فلك الجمعاني، اعتبرت محاولة انتحار الفتاة بأنها قضية خاصة، علماً بأن ظروف جيهان تختصر ظروف بيئتها. جيهان تسكن قرية ذيبان في محافظة مادبا ،نالت معدل 73 في الفرع العلمي في الثانوية العامة، وحصلت على مقعد دراسي بكلية التمريض في جامعة الحسين في معان.

والدها متوفٍّ وأسرتها تتكون من اثني عشر فرداً قبل وفاة الأب: خمسة ذكور وخمس إناث والأم، يعيشون في بيت مستأجر بثمانين ديناراً شهرياً. تعرض الأب لحادث سير فبترت قدمه من تحت الركبة، عمل جاهدا لإعالة أسرته يوماً بيوم من خلال عمله في الزراعة، ثم عمل لفترة وجيزة في وزارة الزراعة « عامل مياومة»، حتى توفي قبل سنتين ونصف السنة..

جيهان، وحسب المصدر المقرّب، في السنة الثانية في تلك الجامعة، وبحسب أحد المقربين من عائلتها، فإن الفتاة لم تتمالك نفسها حين صدرت قوائم المشمولين بالمنح الجامعية ولم يكن اسمها من بينهم. وعند مراجعتها الجهات المعنية تم إبلاغها أن «القوائم التي صدرت نهائية».

رددت جيهان أمام عدسات الصحافة «إحنا أولاد القرى ما يطلعلنا ندرس .. الدراسة لأولاد الأغنياء بس .. إحنا لازم نموت ( ...)». وطلبت الحديث الى مسؤول».

قرابة الـ مائتي شاب من عشائر بني حميدة في لواء ذيبان / محافظة مادبا وقعوا على بيان يطالبون فيه نائب اللواء فلك الجمعاني بالاستقالة من مجلس النواب، لما وصفوه بـ «التقصير» وقلة الاهتمام، وما زال جمع التواقيع مستمراً .

النائب الجمعاني أخذت على الفتاة أنها لم تتقدم بطلب من أجل مساعدتها، وقالت إنها سعت من خلال موقعها كنائب للواء ذيبان، الى نقل معاناة سكان اللواء الى المسؤولين. وسالم الهواوشة رئيس البلدية ما زال يلوح باستقالته.